التنمر الإيراني ومونديال الدوحة 2022
إبراهيم العلوش
بعد قصف مواقع أرامكو في السعودية، وتوقيف البواخر في الخليج، هل ستسمح إيران بإقامة كأس العالم لكرة القدم في الدوحة عام 2022، والعالم الذي صمت عن تدمير سوريا بأيدي الميليشيات الإيرانية وبتمويل من دولة الملالي، هل سيواصل صمته أمام إيران المتنمرة حتى ذلك الوقت؟
في صباح الرابع عشر من أيلول الحالي هزّ العالم خبر قصف أكبر موقعين في العالم لإنتاج وتصفية البترول، في بقيق وخريص، وهو حدث تصل أهميته إلى درجة اعتباره “11 أيلول” جديدًا كالذي هز العالم في عام 2001، حين تم تفجير برجي التجارة في نيويورك على أيدي الإرهاب الذي كان يقوده تنظيم القاعدة، بينما من يقود الإرهاب الجديد هي دولة الملالي التي يتزعمها الخامنئي، ويوكل مهماته إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي تمتد أذرعه لتدمير دول المنطقة وتقويض استقرارها بزعامة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي يمتاز بمواصفات قائد المافيا السرّية وهو يخدم توجهات الخامنئي صاحب المزيج المتفجر والمكون من التطرف الطائفي والتطرف القومي!
كل الدلائل تشير إلى أن من قام بهذه العملية الإرهابية هي دولة الملالي، وتكذّب التقارير الفنية والتقنية ادعاءات تابعهم الحوثي في اليمن، الذي يقول العالم إنه هو من قام بعمليات القصف وليس سادته في طهران، وكأنما يعرض اليمن كساحة للتدمير القادم فداء لدولة الملالي الإيرانية.
تشارك الإيرانيون مع الأمريكيين في تدمير العراق في عام 2003، وهم يتشاركون اليوم مع الروس في تدمير سوريا، فمن سيشارك الإيرانيين في تدمير دول الخليج وتقويض استقرارها الهش؟
فالنشوة التي أصابت الإيرانيين في انتصارهم على الشعب السوري وتهجير نصف عدد السكان وتدمير معظم المدن السورية، أصابتهم بجنون العظمة، الذي يقودهم اليوم إلى هذا العدوان الجديد على منابع النفط العالمية، وهم غير آبهين بمصالح شعوب المنطقة، ولا بمصالح العالم الذي يعيش على تدفق إمدادات النفط من دول المنطقة، فضرب الموقعين أوقف تدفق خمسة ملايين برميل يوميًا لأسابيع مقبلة، ما أدى إلى زيادة أسعار النفط بحدود 19% وقد تتزايد النسبة مع تزايد المخاوف من اندلاع المزيد من الاعتداءات وربما نشوب حرب في المنطقة.
العالم صمت عن التحرشات الإيرانية ببواخر نقل النفط في الخليج، وصمتت أمريكا حتى عن إسقاط طائرة بلا طيار من قبل الإيرانيين قبل أكثر من شهر، والعالم يصمت أيضًا عن هيمنة إيران فعليًا على مضيق هرمز، عصب التجارة النفطية العالمية، ولا يرد عليها إلا بالبيانات والدعوات المتكررة إلى ضبط النفس، فهذا العالم ينسى النشوة الإيرانية التي تغمر حرسها الثوري بعد تدمير سوريا واستباحة شعبها، وتحويلها إلى أرض متروكة للتبشير الطائفي ولإعادة زرعها في منظومة الإرهاب الإيراني، بحجة أنها بلاد مستوطنة بالإرهاب الديني الداعشي.
إيران تريد أن تحارب العالم بميليشياتها انطلاقًا من سوريا، ومن لبنان، ومن العراق، ومن اليمن، وهي دائمًا تبدو بمظهر ناعم وأنيق ومبتسم يمثله محمد جواد ظريف وزير خارجيتها الموهوب بالادعاءات السلمية وبالبراءة وبالتصرف وفق آخر أساليب الإتيكيت الغربي. ولكن رائحة النظام الإيراني صارت تزكم الأنوف، ولم يعد البخور والعطر الذي ينشره جواد ظريف كافيًا لتبديد الأوهام الدينية المتطرفة للخامنئي وملاليه.
ليست هذه الكلمات دعوة لقيام حرب مدمرة ضد إيران، ولكنها دعوة إلى كف مخالب هذا النظام الاستبدادي عن شعوب المنطقة وعن الشعب الإيراني نفسه، فليس من مصلحتنا كسوريين تدمير إيران بحرب أمريكية ضدها، فهذا أمر سيدفع ثمنه الشعب الإيراني، وسندفع كسوريين أثمانًا مضاعفة بتدفق الهجرات الإيرانية إلى سوريا واستيطان سوريا فعليًا بعد أن تم طرد نصف شعبها، وهذا ثمن باهظ لا نريد أن ندفعه نحن، ولا نريد للشعب الإيراني أن يهجر أرضه ويستوطن في الدول المجاورة، كما حدث لنا نحن السوريين نتيجة دعم إيران لنظام الأسد الاستبدادي.
ولكن دولة الملالي لن توقف سلوكها ضد شعوب المنطقة، وستقوض ما بنته الشعوب خلال نصف القرن الماضي بفضل الريع النفطي والاقتصادي بعد خروج الاستعمار، تمامًا مثلما حصل في سوريا التي تم تقويض بنيانها بحجة حماية المزارات، ومحاربة الإرهاب، لإجبار السوريين على قبول استبداد نظام الأسد.
هل سيتابع العالم صمته أمام إرهاب إيران وميليشياتها الغوغائية التي لا تبشر إلا بالخراب وبالانتقامات التاريخية الجوفاء، أم سيجد طريقة لردع هذا النظام وينقذ ما يمكن إنقاذه من مقدرات شعوب المنطقة، بما فيها مقدرات الشعب الإيراني التي يتم صرفها على الميليشيات العسكرية وعلى العمليات التوسعية في بلدان المنطقة بحجة الممانعة والمقاومة.
في بداية الفصل الحالي وبعد الاعتداء على سفن نقل النفط قبل أشهر، صرّحت إيران بأنها ستدمر دول المنطقة، بما فيها دولة قطر التي تعتبر أكثر الدول المهادنة لإيران والتي حوّلت جزءًا مهمًا من إعلامها إلى منبر للدولة الإيرانية تجنبًا لتنمرها ونكاية بالدول الخليجية الأخرى بسبب خلافاتها معها، وبالتالي فإن إيران تتحكم اليوم بمستقبل منطقة الخليج، وستكون تحت رحمتها إن واصل العالم الصمت أمام تصرفاتها حتى عام 2022، موعد قيام بطولة كأس العالم، فهل ستطلب شعوب العالم من ملالي إيران السماح بإقامة المونديال في الدوحة عام 2022؟
سؤال تصعب الإجابة عنه، ففصل الإرهاب الإيراني الجديد لا يزال في أوله، ولن نستطيع التنبؤ بمصير التنمر الإيراني في منطقة الخليج، ولكن كل المعطيات تشير إلى أن مصير دول الخليج لن يكون أحسن من مصير سوريا إن واصلت الصمت وتجاهل هذا النظام!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :