ما هي الاضطرابات المحتملة في العاصمة السورية؟

  • 2015/05/04
  • 7:13 م

جينيفر كافاريلا – معهد دراسات الحرب

يبدو أن عمليات كبرى سوف تستهدف المعارضين للأسد في ضواحي العاصمة، إذ يُرتقب أن يقوم كل من “حزب الله” اللبناني وقوات الأسد باستهداف مواقع للمعارضة داخل دمشق وريفها.

وبالإضافة إلى ذلك ظهرت مؤشرات على تدخل محتمل من قبل الجهات الإقليمية الفاعلة للمساعدة في إزاحة بشار الأسد عن السلطة، وشملت المفاوضات التي جرت” لتعميق التعاون” بين الجماعات الإسلامية البارزة كجيش الإسلام وحركة أحرار الشام.

كل ما سبق من شأنه أن يزيد من فعالية وقوة المعارضة على الأرض، بغض النظر عن أمر التدخل الإقليمي المباشر، كما تشير كل هذه الأمور إلى أن تغيرًا كبيرًا سيطرأ على الوضع العسكري داخل محافظة دمشق في الأسابيع المقبلة.

معارك الأسد في دمشق

شن نظام الأسد أمس الأحد هجومًا على بلدة ميدعا التي تعتبر خط الإمداد المتبقي والمهم جدًا للمعارضة المحاصرة بشكل جزئي داخل ضواحي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وقد حقق النظام مكاسب فورية على الرغم من استمرار الاشتباكات في المنطقة.

“إذا نجح نظام الأسد في السيطرة على بلدة ميدعا يمكنهم استخدامها كنقطة انطلاق لاقتحام الغوطة الشرقية” هذا ما قاله زهران علوش، قائد جيش الإسلام، الذي يتخذ من دمشق مقرًا لعملياته، في إشارة إلى أنها ستكون بداية حملة شرسة لنظام الأسد على العاصمة.

وأشارت تقارير متضاربة عقب الهجوم إلى إصابة ضابط من جيش الأسد بتفجير عبوات ناسفة، أو بأن انتحاريًا فجر نفسه داخل حي ركن الدين في العاصمة دمشق اليوم الاثنين، والذي يعتبر موطنًا لعدد كبير من كبار مسؤولي النظام وعناصر مخابراته العسكرية.

وأشارت جبهة النصرة في وقت سابق عبر تويتر إلى أن ثلاثة من عناصرها نجحوا في اختراق مبنى الخدمات اللوجستية العسكرية في شارع برنية بالقرب من الحي، والذي يرجح على أنه نفس الهجوم الذي قتل فيه الضابط، وهذا ما يمكن أن يكون محاولة من قبل النصرة لتعطيل وإنهاء عمليات النظام في الغوطة الشرقية.

ويشير الهجوم أيضًا إلى قدرة “مذهلة” لجبهة النصرة في اختراق الأحياء الأساسية التي يسيطر عليها نظام الأسد.

وهنا نقول إذا بدأت معاقل المعارضة في الضواحي الشرقية بالتهاوي، يمكن لجبهة النصرة أن تحاول تضييق الخناق على النظام من خلال هجماتها التي تتركز على مناطق جوهرية يسيطر عليها الأسد.

الأسد يطالب العلويين بالتوجه إلى اللاذقية

ويبدو في ضوء هذا التهديد، وبعد ظهور تقارير غير مؤكدة من صحيفة سعودية تشير بأن جهاز مخابرات النظام طالب في الثالث من الشهر الحالي جميع العائلات العلوية بالتوجه إلى مدينة اللاذقية في غضون 24 ساعة.

ووفقًا للتقرير فإن نظام الأسد طلب من عائلات حي المزة بالتحديد مغادرة المدينة.

وتعتبر قاعدة المزة الجوية العسكرية واحدة من المطارات التي يستخدمها الأسد في دعم عملياته داخل دمشق، وتبعد قرابة 8 كيلومتر عن القصر الرئاسي، وهذا مايجعلها المنطقة الأكثر تحصنًا لدى النظام.

هل تتدخل السعودية وتركيا في سوريا؟

إن احتمالية تدخل المملكة العربية السعودية وتركيا إقليميًا لدعم قوات المعارضة المتمركزة في دمشق، أمرٌ يشجع نظام الأسد على تحقيق مكاسب فورية على الأرض في محاولة لتقليل فرص تدخلالجهات الإقليمية الفاعلة.

وقد زادت مؤشرات احتمال التدخل السعودي التركي ضد الأسد في سوريا في الأسابيع الأخيرة، وخاصة بعد سقوط مدينتي إدلب وجسر الشغور بيد قوات المعارضة وجبهة النصرة.

وأظهرت تقارير زيادة المساعدات الإقليمية التي يتم تسليمها للمعارضة شمال سوريا، بالإضافة إلى أن جماعات المعارضة الرئيسة جنوب سوريا زعمت أواخر نيسان الماضي أنها ستشارك في مناقشات مع أطراف إقليمية فيما يتعلق بتوفير “غطاء جوي عربي”، أو تزويدها بمضادات طائرات لدعم عملياتها المقبلة ضد نظام الأسد التي سوف تكون على الأرجح جنوب محافظتي دمشق ودرعا.

ويعمل زهران علوش القيادي في جيش الإسلام والمدعوم من السعودية، على سلسلة من الاجتماعات غير المعلنة في تركيا بعد وصوله إليها في 17 نيسان الماضي.

جيش الإسلام “لاعب رئيس” في الجبهات الأمامية

ووفقًا للصور التي نشرها مناصرون للمعارضة السورية، فإن لقاءً عقد مؤخرًا بين علوش وقادة من حركة أحرار الشام الإسلامية، بشأن التفاوض على تعاون جديد بين الفصيلين تحت إشراف السعودية وتركيا على الأرجح.

ونفى عضو في مجلس شورى الجبهة الإسلامية بأن الفصائل تدرس أمر اندماجها بشكل كامل، ولكنه أشار إلى تعميق التعاون بينها في الأيام المقبلة.

ويمكن أن توفرالجهات الإقليمية الفاعلة بتحالفها مع حركة أحرار الشام وجيش الإسلام قوة على الأرض، بمثابة شريك ضد نظام الأسد في المدى القريب.

ويبدو أن الزيادة الأخيرة الواضحة في القدرات العسكرية لجيش الإسلام تشير إلى أن الدعم الإقليمي زاد بالفعل خلال الأشهر القليلة الماضية، فيما يؤكد بأن هذه المجموعة ستكون شريكًا في أي عمليات إقليمية ضد الأسد في المستقبل.

في منتصف نيسان الماضي أجرى جيش الإسلام عرض تخرج عسكري كبير داخل ضواحي الغوطة الشرقية في دمشق، وتشير الآليات الظاهرة وجودة العرض إلى زيادة الدعم الذي يرجح أن يكون سعوديًا.

بعض المقاتلين المدربين حديثًا الذين ظهروا في العرض شاركوا في معارك السيطرة على جسر الشغور في محافظة إدلب، وكان جيش الإسلام من الفصائل التي وقّعت على المشاركة في غرفة عمليات “معركة النصر” وسيطرت على المدينة في 25 نيسان الماضي.

ووقع جيش الإسلام في اليوم التالي على غرفة عمليات جديدة في حلب في توسع ملحوظ لعملياته داخل حلب، والتي يمكن أن تدل على تنامي دور الفصيل كلاعب رئيس في الجبهات الأمامية داخل سوريا.

معارك النصرة على الحدود.. وحزب الله يحشد

في الوقت ذاته قالت مصادر لبنانية غير مؤكدة أن هجومًا لحزب الله على منطقة القلمون الحدودية مع سوريا بات وشيكًا وأنه من الممكن أن “يبدأ خلال ساعات”.

ووفقًا لتقارير ميدانية نشرت في الثالث من أيار الجاري فإن عددًا كبيرًا من الشباب الشيعة سافروا من البقاع الغربي إلى البقاع الشمالي للتحضير لمعركة “الربيع” في القلمون، والتي من المتوقع أن تبدأ خلال الـ48 ساعة المقبلة.

ويبدو أن الثوار في المنطقة الحدودية يستعدون أيضًا لعمليات جديدة من المحتمل أن تشمل المنطقة الحدودية، وهذا بدوره سيتطلب أن يبذل “حزب الله” جهدًا عسكريًا كبيرًا لتحقيق غايته.

ونشرت جبهة النصرة سلسلة من الصور تظهر تدريبات مقاتليها في منطقة القلمون على مجموعة متنوعة من الأسلحة المضادة للدبابات.

التغريدات تبعت حفل تخرج لعناصر من الجبهة في وقت سابق، وذكرت إحداها أن “المجاهدين جاهزون لتحرير قراهم”، ما يشير إلى هجوم مقبل للجبهة في المنطقة الحدودية، وخاصة بعد أن هاجمت “حزب الله” اللبناني ونظام الأسد في منطقة الزبداني والطفيل اليوم الاثنين.

وليس واضحًا فيما إذا كانت قوات الجيش اللبناني قادرة على حفظ أمن الحدود مع وادي البقاع اللبناني، في حالة حدوث الهجوم على منطقة القلمون.

في السياق أشار رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى تأييده هجوم “حزب الله” وإلى أن الجانب اللبناني سيواصل الرد على الحدود في حالة التصعيد. وبدعم من الحزب بدأ كل من الجيش والأمن العام اللبناني سلسلة من الاعتقالات “المهمة” في تفكيك “الشبكة الجهادية” داخل لبنان.

تساؤلات خارج نطاق التدخل الإقليمي

وعلى الرغم من كل هذا فإن “الجهات الجهادية” الفاعلة في القلمون بمن فيها جبهة النصرة وتنظيم “الدولة الإسلامية” لديها قوة كامنة في وادي البقاع، ما يشكل تصعيدًا من الجانبين على الحدود اللبنانية السورية.

ومن المرجح أن حساب الأسد لعملياته في دمشق يأتي في سياق تأمين خطوط إمداده الرئيسة الواصلة بين لبنان وريف دمشق، كما أن التصعيد في كل من العاصمة وريفهما يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير، ويمكن أن يشكل خطورة على معاقل الأسد في العاصمة وعلى الأخص حي المزة.

حتى الآن يمكن للعمل المشترك بين “حزب الله” وقوات الأسد جنبًا إلى جنب في مواجهة المعارضة التي تسيطر على مواقع في كل من دمشق ومنطقة القلمون، أن يحقق انتصارًا وإعادة تفوق عسكري للنظام في سوريا.

ومن المرجح أن تتعامل الجهات الإقليمية الفاعلة مع الأمر بشكل ديناميكي وتدرس إمكانياتها وتوقعاتها في التدخل وفقًا لحقائق الوضع العسكري على الأرض، فيما يبدو أن جيش الإسلام وحركة أحرار الشام أصبحا لاعبين رئيسين في تحرك المعارضة داخل محافظة دمشق بغض النظر عن أمر التدخل الإقليمي.

ترجمة عنب بلدي ولقراءة المقال من المصدر اضغط هنا.

مقالات متعلقة

صحافة غربية

المزيد من صحافة غربية