جدل حول قرض السلع الأساسية في سوريا.. هل يكفي لإعادة الأمن الغذائي؟
لا يزال ملف القروض الذي وافقت عليه حكومة النظام السوري خلال جلستها الأسبوع الماضي، موضع جدل لدى شريحة واسعة من الطبقة السورية العاملة.
إذ خصصت الحكومة بعض القروض للمناطق التي سيطر النظام عليها حديثًا، وأخرى قيل إنها “خالية من الفوائد”، في وقت تتنفس فيه الليرة السورية الصعداء بعد اقتراب سعر صرف الدولار من 700 ليرة.
“قرض السلع الأساسية” أو “القرض دون فوائد”، هو أحد القروض الذي وافق عليها مجلس الوزراء في حكومة النظام، بقيمة 300 ألف ليرة سورية، كان من نصيب العاملين في مؤسسات الدولة من مدنيين وعسكريين.
وذكر التقرير الصادر عن اللجنة الاقتصادية الأربعاء، 11 من أيلول، وأقره خلال جلسته الأسبوع الماضي، أن القرض محدد وفق آلية تقسيط مناسبة لاستجرار المواد والحاجات الأساسية من صالات “السورية للتجارة”، حسبما ذكر الموقع الرسمي لـ”وزارة الإعلام”.
“على قيد العمل“
يرى الخبير الاقتصادي، يونس الكريم، أن قرض السلع الأساسية “ليس إلا محاولة من قبل النظام لإبقاء العاملين في مؤسساته على قيد العمل”.
وأضاف الكريم في لقاء مع عنب بلدي، ” لايغطي القرض أي احتياجات، فالعائلة المؤلفة من خمسة أفراد، تحتاج كحد أدنى قرابة 20 دولارًا، أي ما يقارب 13 ألف ليرة يوميًا، وبالتالي فإن القرض خسارة تنعكس على الموظف الذي لا يملك بديلًا له سوى الدخل الشهري”.
“في حين يبقى العاملون من متعددي الوظائف أو المستندين إلى مساعدة من عائلة أو قريب خارج سوريا في مأمن”، بحسب الكريم.
ويتابع، “إن الفئة المعنية ليس لديها خيار آخر، فالتخفيض من سوية المعيشة، يقلص معه قائمة الأسرة من الاحتياجات، أو تضطر إلى الاستغناء عن وجبة يومية، أو التغاضي عن توفير خدمة ما”.
فقط .. من المؤسسة الاستهلاكية
قبيل إقرار قرض السلع الأساسية، قال وزير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، عاطف النداف، في 8 من أيلول، إن مجلس الوزراء أوصى بتقديم الدعم لـ”مؤسسة التجارة السورية”، بهدف البيع بسعر التكلفة.
وأوضح النداف في مقابلة متلفزة له عبر صفحة المجلس في (فيس بوك)، أن “المؤسسة تسعى لإيجاد منافسة قوية للقطاع الخاص في بيع السلع الأساسية”.
تصريح النداف سبق ببضعة أيام موافقة مجلس الوزراء على مشروع قرض السلع الأساسية، الذي ربط الاستفادة بالشراء من صالات المؤسسة الاستهلاكية.
في الوقت نفسه، قال مصدر مطلع تجاري في سوريا لعنب بلدي اليوم، “إن صالات مؤسسة التجارة السورية شبه مهجورة”، وأضاف “معظم السلع الأساسية غير متوفرة في صالات التجارة السورية، وإن توفرت فالمنتج الوطني رديء، لايصلح للاستخدام”.
ونوه المصدر (رفض نشر اسمه لأسباب أمنية) إلى أن هناك إحجامًا جزئيًا في الإقبال على الشراء في سوريا، نتيجة الارتفاع الأخير للأسعار في المواد الغذائية.
يأتي ذلك في وقت تسارعت فيه وتيرة ارتفاع أسعار السلع الغذائية في سوريا، عقب وصول سعر صرف الليرة السورية إلى 680 ليرة كـ “أدنى قيمة في التاريخ”، حسبما وصفه موقع سيريا ريبورت.
سبعة ملايين غير آمنين غذائيًا
يأتي الجدل حول قرض السلع الأساسية، لارتباطه بالحياة اليومية للمواطنين على اعتبار أنه يغطي الحاجات الغذائية والاستهلاكية اليومية، في وقت يعاني فيه أغلبهم من نقص الأمان الغذائي.
وبحسب “المكتب المركزي للإحصاء” فإن متوسط الإنفاق الشهري للأسر السورية يصل إلى 115.9 ألف ليرة سورية، 58.5٪ منها للغذاء.
وتصدرت دمشق متوسط الإنفاق بنحو 136.8 ألف ليرة، وجاء ريف دمشق، ومحافظتا حمص وطرطوس في المرتبة الثانية، بمتوسط مماثل قدر بـ 130.4 ألف ليرة.
ووصل متوسط الإنفاق في اللاذقية إلى 120.4 ألف ليرة، وفي درعا إلى 119.9 ألف ليرة، أما في حلب وحماة، فوصل إلى 101.4 و95.25 ألف ليرة سورية على الترتيب.
وبحسب التوزيع النسبي في الدراسة المنشورة عبر الموقع الرسمي للمركز، فإن 28.7٪ من الأسر السورية غير آمنة غذائيًا، و38.1٪ معرضون لانعدام الأمن الغذائي، و33.2٪ فقط آمنون غذائيًا.
كما أكد تقرير لمنظمة الفاو نُشر عام 2018 صحة ما ذكره “المكتب المركزي للإحصاء” حول أن سبعة ملايين سوري مهددون بخطر انعدام الأمن الغذائي.
وحدد تقرير للأمم المتحدة حول الاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2018، أسبابًا رئيسية لانعدام الأمن الغذائي، منها البيئة الاقتصادية المتدهورة، وفقدان سبل العيش وانخفاض القدرة الإنتاجية، ومحدودية الوصول المادي والمالي إلى الغذاء، وارتفاع الأسعار والتضخم.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :