ريف إدلب – إياد عبد الجواد
مع إعلان وزارة الدفاع الروسية وقف إطلاق النار في ريف إدلب الجنوبي، في 31 من آب الماضي، لم يثق الأهالي النازحون باستمرار التهدئة للعودة إلى مناطقهم، التي أصبحت هادئة نسبيًا بعد تعرضها لقصف عنيف على مدى أربعة أشهر، إلا أن بعضهم استثمر ذلك الهدوء بالعودة إلى جلب أغراضهم التي لم يستطيعوا حملها حين نزحوا تحت القصف.
بدا حذر السكان من العودة واضحًا، تجنبًا لتكرار ما حدث في الاتفاق السابق، حين أعلنت الدول الضامنة في محادثات “أستانة” هدنة في إدلب، مطلع آب الماضي، إلا أنها لم تدم أكثر من ثلاثة أيام، ليعلن النظام السوري وقف العمل بها، متهمًا فصائل المعارضة بخرق الاتفاق.
عودة لساعات
في وقت تتحدث فيه المنظمات الإنسانية عن عودة بعض الأهالي إلى مناطقهم في ريف إدلب الجنوبي، استفادت أغلبية العائدين من فترة الهدوء تلك لنقل أمتعتهم وأثاث منازلهم إلى المناطق التي نزحوا إليها، ولم تكن العودة من أجل الاستقرار بسبب القصف المدفعي والصاروخي المستمر وبعض الغارات الجوية.
بديع العيسى، من أهالي بلدة كفرسجنة التابعة لمعرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، يؤكد لعنب بلدي صعوبة العودة إلى بلدته والاستقرار فيها مجددًا، بسبب القصف.
ويضيف، “تتعرض بلدة كفرسجنة بشكل يومي للقصف من مواقع النظام، ما يعرض حياتنا للخطر، فضلًا عن غياب ضروريات الحياة في البلدة، إذ لا يوجد فيها طبيب أو ممرض أو صيدلية أو محلات تجارية، وحتى المياه مقطوعة عن البلدة”.
واعتبر بديع أن التهدئة التي أعلنت عنها روسيا “كاذبة”، إذ لم يتوقف القصف على البلدة منذ أشهر، إلا أنه أصبح أقل كثافة من قبل، كما أن طائرات الاستطلاع تحلق فوق البلدة التي أصبحت معظم مبانيها وشوارعها مدمرة، على حد قوله.
ومع ذلك، قال بديع إن التهدئة سمحت لبعض الأهالي، وهو من بينهم، الدخول مجددًا في أوقات الهدوء وإخراج بعض الأثاث المنزلي المتبقي لديهم، مشيرًا إلى أنهم سيبيعونه من أجل تأمين مصروف فصل الشتاء.
أما علي مقصوص، من أهالي بلدة معرتحرمة جنوبي إدلب، فقال لعنب بلدي إنه مع إعلان وقف إطلاق النار من قبل روسيا، سارع منذ ساعات الصباح الأولى للدخول إلى البلدة من أجل أخذ ما تبقى من أثاث منزله والملابس والحاجيات الضرورية، وخرج فورًا منها خوفًا من القصف أو اقتحام قوات النظام السوري للبلدة، كما حدث سابقًا في العديد من المدن والبلدات بريف حماة الشمالي.
وعن سبب عدم عودته إلى البلدة واستقراره فيها بعد إعلان وقف إطلاق النار، قال علي الذي يقيم مع أسرته في مخيمات الشمال السوري، “عمليًا لم يتوقف القصف على بلدة معرتحرمة، فالقذائف المدفعية والصاروخية تنهال على البلدة يوميًا، كما أن طائرات الاستطلاع تحلق دائمًا في الأجواء”، وتابع، “كل هذه الأمور دفعتني لعدم العودة”.
انتهاكات موثقة
معتز أبو يزيد، مدير مركز “الدفاع المدني السوري” في بلدة معرتحرمة، أكد لعنب بلدي أنه مع الإعلان عن الهدنة الأولى، في 2 من آب الماضي، عاد قسم كبير من الأهالي في ريف إدلب الجنوبي إلى منازلهم، ولكن خرق النظام السوري وروسيا للهدنة دفع الأهالي للنزوح مرة أخرى.
وانطلاقًا من تجربة العودة الأولى، تخوف الأهالي من العودة إلى مدنهم وبلداتهم خلال التهدئة “الشكلية” الثانية، التي أعلنت عنها روسيا في 31 من آب الماضي، خاصة أن القصف المدفعي والصاروخي لم يتوقف على أغلب مناطق ريف إدلب الجنوبي، بحسب أبو يزيد، حيث لا يزال أهالي تلك المناطق مشردين في مخيمات الشمال السوري.
وأضاف مدير المركز أن الدفاع المدني في معرتحرمة وثق القصف على البلدات والقرى التابعة للمركز، منذ إعلان الهدنة الثانية حتى 13 من أيلول الحالي، حيث تعرضت المنطقة لأكثر 132 قذيفة مدفعية من حواجز النظام في الهبيط، شملت قرى وبلدات معرتحرمة ومعرتماتر وجبالا ومعرزيتا والشيخ مصطفى وأم الصير وأرينبة ونقير ومعرة الصين وترملا والفيقع وكرسعا وتل عاس.
وتشير أرقام فريق “منسقو استجابة سوريا” إلى أن 13 ألفًا و671 مدنيًا عادوا إلى مناطقهم في قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي، منذ 31 من آب الماضي حتى 6 من أيلول الحالي، وذلك نتيجة الهدوء النسبي الذي تشهده تلك المناطق.