الرقة تفتح مدارسها المدمرة.. فقر وخوف وركام

  • 2019/09/15
  • 12:00 ص

مدرسة في الرقة - 5 تشرين الأول 2018 (رويترز)

عنب بلدي – الرقة

افتتحت المدارس أبوابها في سوريا، بداية أيلول الحالي، لاستقبال الطلاب في عامهم الدراسي الجديد، إلا أن أكثر من نصف أطفال الرقة لم تتسنَّ لهم فرصة دخولها بعد، وسط الدمار والفقر والخوف المسيطر على حياتهم في عاصمة “الخلافة” المنكوبة التي شهدت أقسى الانتهاكات خلال أعوام الصراع السوري.

لا إحصائيات دقيقة لأعداد الطلاب في المدينة التي جُردت من سجلاتها وحُرمت من مقدراتها، حسبما قال مستشار مجلس الرقة المدني، عبد الله العريان، لعنب بلدي، إلا أن 50 إلى 60 بالمئة منهم لا يزالون خارج أسوار المدارس التي تعمل تحت ضغوط تفوق احتمالها.

ولا تزال الرقة تغرق في الركام بعد عامين من السيطرة عليها من يد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

منظومة متكاملة تضيع فيها الطفولة

أغلبية الأطفال فوق سن العاشرة لا يتلقون التعليم، لاضطرارهم إلى الانخراط في سوق العمل، وعجز بعضهم عن الحصول على لباس المدرسة أو تأمين مستلزمات الدراسة من شدة الفقر المهيمن على المدينة، حسبما قال مستشار المجلس المدني.

تقدر الأمم المتحدة حاجة 470 ألف شخص للمساعدة في محافظة الرقة، 47% منهم بحاجة ماسة لها، وبينهم ما يزيد على 235 ألف طفل ونحو خمسة آلاف مدرّس ومدرّسة بحاجة للمساعدات التعليمية.

وأُغلقت جميع المدارس بداية عام 2014، بعد خضوع المدينة لسيطرة التنظيم، في نيسان عام 2013، ولم تتمكن من استئناف أعمالها إلا بعد خروج قواته منها في تشرين الأول من عام 2017.

عانت 44% من المدارس من الأضرار والدمار، ويتلقى فقط نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، و12% من الأطفال في الأعمار بين 13 و17 عامًا، التعليم، حسب تقرير لمبادرة “REACH” التابعة للأمم المتحدة، نشر في آذار الماضي.

واضطر 85% من الأطفال المحرومين من الدراسة لدخول سوق العمل، وعانى 41% منهم من مشاكل صحية منعتهم من التوجه للمدارس.

بينما تواجه 88% من المدارس نقصًا حادًا في المعدات الدراسية، وتفتقد 61% منها للمواد التعليمية والمدرّسين.

لم يتخرج من مدينة الرقة أي معلم منذ عام 2012، حسبما قال عبد الله العريان، وابتعد قسم كبير من المدرّسين القدامى عن ممارسة عملهم، بعضهم خوفًا من إجراءات تأديبية قد تتخذها الحكومة السورية، وآخرون بسبب بلوغهم سن التقاعد، مع وفاة وهجرة العديد منهم، وبقاء عدد منهم في الخدمة العسكرية حتى الآن.

وأضاف العريان، “القضية ليست مجرد دخول الطفل إلى المدرسة، فإن لم يكن لدى الطفل كهرباء في الليل للدراسة لن يستطيع تحضير دروسه، وإن لم يكن بمقدور والده تأمين الغذاء الجيد له لن يتمكن عقله وجسده من النمو، وإن لم يكن هناك طريق آمن للذهاب للمدرسة لن يستطيع إتمام تعليمه، فهي منظومة متكاملة”.

إنجازات.. لكن الحاجات “أكبر”

وافتتح المجلس المدني للرقة عشرات المدرس التي رُممت بالحدود الدنيا، بعدما انتهى العام الدراسي وكثير من المدارس بلا نوافذ أو أبواب، لكن العريان قال إن “المطلوب إنجازه أكبر بكثير”.

عانت الرقة من دمار بعد خمسة أشهر من القصف المتواصل الذي نفذته قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة خلال حملتها لطرد التنظيم، إذ نفذت 6039 غارة جوية بين حزيران وتشرين الثاني 2017.

ولكن المجلس المدني، الذي يتبع إداريًا لـ “الإدارة الذاتية” (الكردية)، تمكن من تأهيل 322 مدرسة خلال العامين الماضيين، ويعمل على تأهيل 21 مدرسة إضافية خلال العام الحالي، حسبما قال نائب رئيس لجنة التربية في المجلس، يوسف محمد لعنب بلدي.

وتمكن 108 آلاف طالب وطالبة من تلقي التعليم خلال العام الماضي في محافظة الرقة، ومن المتوقع للعام الحالي، على حد تقدير اللجنة، أن يصل عددهم إلى 130 ألفًا.

تضررت ثلث المدارس في عموم سوريا أو دمرت، حسب تقديرات الأمم المتحدة، مع استخدام النازحين داخليًا للعديد من المدارس المتبقية كملاجئ، وُحرم ما يزيد على ثلث الأطفال بعمر الدراسة، والبالغ عددهم 2.1 مليون، من التعليم.

مقالات متعلقة

مجالس محلية

المزيد من مجالس محلية