هل أخمدت عاصفة الحزم؟
محمد عماد
حين بدأت عملية عاصفة الحزم بقيادة السعودية هلّل لها الشارع العربي واستبشر بها خيرًا، ولعل هذا الاستبشار والتأييد ليس نابعًا من اقتناع بقادة الخليج ولا بحكمتهم، وإنما لأن هذه العملية جاءت صفعة موجعة لإيران وحلفائها الذين تمادوا في غيهم حين أماطوا الستار عن مخططاتهم التوسعية في المنطقة العربية.
ولم يجد قادة إيران حرجًا في التصريح بكل صلف وعنجهية، بأنهم باتوا يسيطرون -الآن- على أربع عواصم عربية، وراحوا يتوعدون بـ «تحرير» الحرمين الشريفين من أيدي عملاء أمريكا. كل ذلك وملوك الخليج وأمراؤه يراقبون ما يجري، وهم يرتجفون خوفًا وهلعًا، كالنعامة التي تدس رأسها في الرمال كلما أحست بالخطر يقترب منها.
ويبدو أن زعماء الخليج يئسوا من تدخل أمريكا لحمايتهم من الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين، فكان لا بد من عملية حاسمة لأن «السكين» وصلت إلى أعناقهم؛ فالحشود الحوثية على الحدود السعودية باتت تقض مضاجعهم وتهدد وجودهم، فانتفضوا من رقادهم بشكل فاجأ الجميع حتى أقرب حلفائهم.
وعلى الرغم من أن السعوديين أكدوا أن الهدف من هذه العملية هو الحفاظ على أمن الخليج وإعادة الشرعية التي اغتصبها الحوثيون، حين أقصوا الرئيس الشرعي واستولوا على مؤسسات الدولة وعطلوا الحياة في اليمن واستلموا ثكنات الجيش وأسلحته المختلفة، متحالفين مع الرئيس المخلوع؛ إلا أن واشنطن تحركت بسرعة ومعها حليفها الجديد (السيسي) لتطويق هذه العملية لئلا تتجاوز عاصفة الحزم حدود المحذور، فوضعت خطوطًا حمراء وفرضت ضوابط يجب على قادة عاصفة الحزم ألا يتجاوزوها؛ فلا تدخل بريًا ولا تصفية نهائية لزعيم الحوثيين، أو للمخلوع علي صالح ولا نجله، ولا دعمًا حقيقيًا للمقاومة اليمنية.
كل ذلك لتبقى «البقرة الحلوب الخليجية» تحت سيطرة الولايات المتحدة، وذلك بتهديد دائم للخليج العربي بعدوٍ يكون ملاصقًا لحدوده الجغرافية.
ولكن استمرار عملية عاصفة الحزم وتهاوي البنية العسكرية لجماعة الحوثي، وتشتت القوة الضاربة لقوات المخلوع صالح، وإعلانه مع إيران عن مبادرتين لحل الأزمة اليمنية؛ كل ذلك أفزع الغرب وبخاصة أمريكا، إذ شعروا أن الأمور ربما تفلت من أيديهم، لأن الخطوط الحمراء التي رسمت لعاصفة الحزم بدأت تُتجاوز.
فبادرت واشنطن إلى إرسال سفينتين حربيتين معلنةً أنهما ليستا لأهداف قتالية، وما إن رست السفينتان في مياه الخليج، حتى أعلن الناطق الرسمي لعمليات عاصفة الحزم توقف العمليات العسكرية.
ولعل استهداف الطائرات الحربية، قبل يوم واحد من توقف هذه العمليات -والذي كان بجهد استخباراتي أمريكي- للصواريخ البالستية التابعة لقوات المخلوع صالح، هو بمثابة «تحلية الختام» لعاصفة الحزم والضوء الأحمر بإخمادها.
وقد كشفت مصادر سياسية مطلعة أن إعلان قيادة التحالف العربي وقف عمليات عاصفة الحزم جاء بعد الوصول إلى نقاط محددة أهمها: عودة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي إلى اليمن،.انسحاب ميليشيات الحوثي في المرحلة الأولى من عدن وتعز والضالع ولحج وأبين وإب وذمار وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للقوات الشرعية
بالإضافة إلى ضمان خروج آمن للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وأسرته إلى سلطنة عمان وعدم مزاولة أي عمل سياسي، وانسحاب الحوثيين في المرحلة الثانية من محافظات عمران وحجة وصنعاء بعد ثلاثة أشهر من الاتفاق، وتسليمها للسلطات الشرعية.
ويبقى السؤال:
هل يلتزم الحوثيون بنصوص هذا الاتفاق؟
أم أنهم يسعون إلى كسب الوقت لالتقاط الأنفاس ولملمة صفوفهم من جديد؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :