قرآن من أجل الثّورة 167

  • 2015/05/03
  • 2:28 م

أسامة شماشان – الحراك السّلمي السّوري

أمّة وسطًا

من أبرز خصائص هذا الدين الحنيف الوسطية أو التوازن، ونعني بالوسطية التوسط والتعادل بين طرفين، متقابلين أو متضادين، بحيث لا ينفرد أحدهما في التأثير، ويطرد الطرف الآخر، وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى على الطرف الآخر ويحيف عليه فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير، ولا طغيان ولا إخسار، بل كل يأخذ حقه بالقسطاس المستقيم.

فالإسلام وسط بين المادية المقيتة، والروحية الحالمة، بين الواقعية المرة، والتخيلية المثالية، بين الفردية الطاغية، والجماعية الساحقة، بين الثبات الرتيب، والتغير المضطرب، بين الحاجات الملحة، والقيم البعيدة، بين العقلانية الباردة، والعاطفة المتقدة، بين نوازع الجسد، ومتطلبات الروح، والوسطية في الإسلام تنطلق من قوله تعالى {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (سورة البقرة، 143).

من حكمة الله تعالى أنه اختار الوسطية أو التوازن شعارًا مميزًا لهذه الأمة، ولهذه الرسالة التي ختمت بها الرسالات، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوسطية بالعدل، والعدل هو توسط بين الطرفين المتنازعين، دون ميل أو تحيز لطرف أو جهة، والعدل إعطاء كل ذي حق حقه، دون بخس أو جور.

قال المفسرون في قوله تعالى {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} (سورة القلم، 28).

أوسطهم أي أعدلهم، فوسط الدائرة مركزها، ثم استعير الوسط للخصال البشرية المحمودة، لأنها وسط بين الخصال المذمومة، فالشجاعة مثلًا وسط بين الجبن وبين التهور.

والوسطية تعني أيضًا استقامة المنهج، والبعد عن الميل والانحراف، فالصراط المستقيم هو كما قال أحد المفسرين: الطريق السوي الواقع وسط الطرق المنحرفة عن القصد، فإذا فرضنا خطوطًا كثيرة واصلة بين نقطتين متقابلتين، فالخط المستقيم إنما هو الخط الواقع في وسط تلك الخطوط المنحنية والمنكسرة، هو وسطها، وأقصرها إلى الهدف.

مقالات متعلقة

  1. قرآن من أجل الثّورة 169
  2. قرآن من أجل الثّورة 106
  3. قرآن من أجل الثّورة 166
  4. قرآن من أجل الثّورة 96

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب