وحيد البلعوس.. شخصية جدلية أسست لمعارضة النظام في السويداء
“شيخ الكرامة شخصية مفردة ورقم صعب في هذه الفترة العصيبة من حياتنا، وهي شخصية لن تتكرر في زمننا هذا”، كانت هذه كلمات الشيخ رأفت البلعوس، شقيق مؤسس حركة رجال الكرامة، وحيد البلعوس، بعد اغتياله في الرابع من أيلول عام 2015، إثر تفجير استهدفه وشخصيات دينية أخرى في محافظة السويداء جنوبي سوريا.
من اغتال البلعوس؟
وجهت الاتهامات لطرفين أساسيين باغتيال الشيخ وحيد البلعوس، “حزب الله” اللبناني والنظام السوري، إذ أوردت قناة “الجزيرة” مستندات تتحدث عن ضلوع “حزب الله” باغتيال البلعوس، وهو ما لم يرد عليه “حزب الله” بأي تصريح رسمي.
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات لشخص يدعى أحمد جعفر (أبو ياسين)، يعترف بقربه من “حزب الله”، اختُطف من قبل “قوات شيخ الكرامة” وصُوّرت اعترافاته قبل مقتله في عام 2018.
المتهم الثاني هو النظام السوري، في سعيه لتقويض الحركات المناهضة لسيطرته في محافظة السويداء، وخصوصًا بعد تنامي نفوذ البلعوس، ومهاجمته لحاجز أمني تابع للمخابرات الجوية في السويداء، وإيقافه لرتل عسكري خرج من المحافظة باتجاه العاصمة دمشق، وعدائه العلني لرئيس فرع المخابرات العسكرية في السويداء، وفيق ناصر، ومطالباته المتكررة باستبعاده، بالإضافة لمهاجمته لبشار الأسد، وحمايته للرافضين للانضمام لقوات النظام والخدمة العسكرية الإلزامية.
هذه النقاط السابقة كانت أسبابًا وجيهة لتنامي شعبية وحيد البلعوس داخل المحافظة ولدى قطاع واسع من المعارضة السورية أيضًا، رغم إعلان وحيد البلعوس أكثر من مرة عدم انضمامه للمعارضة السورية بكل أشكالها وكذلك عدم تبعيته للنظام السوري، محددًا أهداف حركته “شيوخ الكرامة”.
البلعوس ظهر قبل اغتياله، في مقطع مصور في عام 2015، قال فيه إن محاولات عدة جرت لاغتياله، مؤكدًا أن مشكلته لم تعد مع وفيق ناصر وحده، بل تعدته إلى جهات عليا، على حد وصفه.
وقال البلعوس في المقطع المصور إن من حاول اغتياله سابقًا “تابع لبشار الأسد”.
مقتل الشاهد الوحيد
في 7 من آب عام 2018، أعلن النظام السوري عن وفاة “أبو طرابة”، وهو الشاهد الوحيد على اغتيال الشيخ وحيد البلعوس، بعد أن اعتُقل من قبل مخابرات النظام واتُّهم بالوقوف وراء حادثة الاغتيال، بعد عرض اعترافاته على شاشة التلفزيون السوري.
جاء الإعلان عن الوفاة بصورة غير رسمية عن طريق كتاب موجه من محكمة الميدان العسكرية الثانية إلى دائرة النفوس في السويداء تعلمها بأنه “فارق الحياة” في أيار عام 2016، ويشير الكتاب إلى وفاته بشكل طبيعي، معللًا التأخير بإعلام النفوس بواقعة الوفاة بـ “أن الظروف لم تسمح”.
ورغم ذلك رفضت عائلة “أبو طرابة” إقامة مراسم تأبين لابنها، وتمسكت ببراءته من التهم المنسوبة إليه، وقالت إنها علمت، في 5 من آب 2018، عبر صفحات التواصل عن وفاة “أبو طرابة”، لكنها لم تحصل حتى الآن على تقرير طبي مفصل عن سبب الوفاة ولم تتسلم جثمانه أصولًا.
من هو وحيد البلعوس؟
لم يكن لوحيد البلعوس، قبل وفي أثناء الثورة السورية وحتى عام 2014، ظهور واضح ودور علني في الثورة السورية والوقوف بوجه النظام السوري، إلا أن عام 2014 حمل عدة أحداث في محافظة السويداء جعلت الشيخ يدخل في صدامات عدة أدت إلى تطورات سريعة انتهت باغتياله في أيلول 2015.
بدأ نجم البلعوس بالظهور بعد معركة الداما (الداما قرية تابعة للسويداء) وهي المعركة التي كانت بين جبهة النصرة وقوات النظام، وحاولت النصرة حينها الدخول إلى القرى التابعة للمحافظة، وشارك شباب من السويداء في المعركة إلى جانب قوات النظام وكان بينهم وحيد البلعوس، الذي خرج لاحقًا ليتهم الجيش السوري بالانسحاب وترك الشباب يقاتلون وحدهم.
سبقها قيام رجال البلعوس بهدم خيمة انتخابية عام 2014 بعد إهانة امرأة من المدينة.
تصريحات البلعوس أثارت جدلًا واسعًا، وبدأ نجمه بالسطوع مع تشكيله لمجموعة “رجال الكرامة”، التي اصطدمت بالسلطة الدينية في السويداء.
في عام 2015، هاجم أهالي السويداء حاجزًا تابعًا لفرع المخابرات الجوية وهدموه، بعد اعتداء الحاجز على حافلة نقل مدنية.
رفض البلعوس انتهاكات أجهزة الأمن السورية بحق شباب وأهالي المحافظة، ورفض انضمامهم للخدمة العسكرية، وتعهد بحمايتهم وحماية الأهالي، واعترض في نفس العام رتلًا عسكريًا تابعًا للنظام خرج من السويداء باتجاه دمشق، ومنع خروجه قائلًا إن السلاح الموجود هو لحماية المحافظة وأهلها فقط، ومنع الأمن العسكري من سوق الشباب إلى الجيش، ما أشعل صراعًا مع رئيس فرع الأمن العسكري، العميد وفيق ناصر.
ماذا حل بالحركة بعد الاغتيال
بعد اغتيال البلعوس عينت الحركة شقيقه رأفت البلعوس، الذي أصيب في التفجير أيضًا، قائدًا جديدًا للحركة، وألقى كلمة اتهم فيها الاستخبارات باغتيال شقيقه، مؤكدًا أن الحركة ستستمر على نفس النهج مع حفاظها على وحدة سوريا وانتمائها إليها، وتحريم التعدي على السويداء، وتحريم التعدي منها على الآخرين.
وأشار رأفت البلعوس إلى أنه والحركة “عروبيون وطنيون”، مؤكدًا أن دم أخيه “أمانة في عنقه”، بحسب تعبيره، ومتعهدًا باستمرار الحركة بحماية أهالي السويداء.
تنحى البلعوس عن قيادة الحركة، وتم تنصيب يحيى النجار قائدًا لها.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :