تدفع إيران نحو إكمال الاتفاقيات البنكية التي أبرمتها مع حكومة النظام السوري، في إطار إجراءاتها لتوسيع نفوذها في سوريا على الصعيد الاقتصادي، وزيادة تموضعها في قطاعات سيادية.
وذكرت وكالة “فارس” الإيرانية اليوم، الثلاثاء 3 من أيلول، أن محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، وحاكم مصرف سوريا المركزي، حازم قرفول، بحثا في طهران يوم أمس، سبل توسيع وتعزيز العلاقات المصرفية وإنشاء مصرف مشترك، وتنفيذ الاتفاقات البنكية الموقعة بين البلدين.
وأضافت الوكالة أن الجانبين اتفقا على تأسيس لجنة مصرفية مشتركة، تضم ممثلين عن بنوك البلدين، وتحت رعاية المصرفين المركزيين في إيران وسوريا، لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بينهما.
وقال قرفول، بحسب ما نقلت الوكالة، “هذه العلاقات ماضية في مسارها الصحيح، وبما يسهم في تحقيق التطلعات حول تطوير التعاون المصرفي بين إيران وسوريا”.
اتفاقيات “طويلة الأمد”
وكان رئيس وزراء حكومة النظام، عماد خميس، قد وقع مع نظيره الإيراني مطلع العام الحالي، على 11 اتفاقية اقتصادية وصفت بـ”الطويلة الأمد” في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية، وقطاعات البنى التحتية والخدمات والاستثمار والإسكان، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا).
وتشارك إيران في معرض دمشق الدولي بدورته الـ61، في حضور اعتُبر الأكبر بين الدول المشاركة من حيث مساحة الجناح المقدرة بنحو 1200 متر مربع، وبمشاركة 60 شركة غالبيتها تنشط في الإعمار والنقل.
وعلى هامش فعاليات المعرض، جرت مباحثات مشتركة بين الوفدين السوري والإيراني لـ “بحث سبل التعاون في مجالات الإسكان والنقل والتجارة وإعادة الإعمار”.
وكانت إيران قد اتفقت مع حكومة النظام السوري على تأسيس مصرف مشترك في العاصمة دمشق، وذلك خلال زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، في 28 من كانون الثاني الماضي، الذي وصف الاتفاقية بـ “المهمة جدًا”.
وأعلن رئيس البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، حينها، أن “البنوك المركزية في البلدين، ستبدأ عبر افتتاح الحساب، بالتبادل المصرفي على أساس العملة الوطنية للبلدين، وتوفير إمكانية استخدام البطاقات المصرفية بين طهران ودمشق”.
ماذا تريد طهران من قطاع المصارف؟
فكرة إنشاء المصرف المشترك بين طهران والنظام السوري ليست جديدة، وإنما تعود إلى عام 2009 عندما أقر مجلس الوزراء السوري الترخيص بتأسيس مصرف مشترك سوري- إيراني على شكل شركة مساهمة باسم “مصرف الأمان” برأسمال قدره مليار و500 مليون ليرة سورية.
وكان من المفترض أن تستحوذ إيران على نسبة 49% من البنك، موزعة على “بنك صادرات إيران” بنسبة 25% من رأس المال، وشركة “غدير” للاستثمارات” بنسبة 16%، وشركة “سايبا” بنسبة 8%.
أما نسبة 51% من البنك، فكانت لرجال أعمال سوريين، أبرزهم وكيل شركة “إيران خودرو” لصناعة السيارات وتسويقها، خليل سلطان العبد، الذي قتل في أيار 2010 على يد عصابة مؤلفة من ستة أشخاص من بينهم ابنه، بحسب موقع “الاقتصادي” المحلي.
وفيما يخص أهداف إيران من الدخول في قطاع المصارف في سوريا عزا الباحث الاقتصادي، مناف قومان ذلك إلى محاولة التوغل والسيطرة الاقتصادية الإيرانية على سوريا، كون ذلك لا يتم دون خيوط وأدوات في الصناعة المصرفية في البلد.
وحدد قومان، في حديث سابق لعنب بلدي، أهداف إيران من الدخول في المصارف، لاستخدامها كقاعدة لنقل أموال لها إلى لبنان وبلدان أخرى، خاصة وأن البنوك تتيح مرونة وحرية حركة الأموال من وإلى أي مكان، إضافة إلى أن البنوك لها دور كبير في عمليات تمويل المشاريع وبالتالي تملّكها، وسوريا في وقت من الأوقات مقبلة على إعادة الإعمار، والمصارف جزء لا يتجزأ من هذه المرحلة.
أما السبب الآخر فيتعلق بأهداف مستقبلية مرتبطة بحالة تقويض الوجود الإيراني في سوريا، إذ يضمن إنشاء مصرف مشترك أو الدخول بعمليات استحواذ في مصارف سوريا جذورًا مصرفية تتيح لها البقاء والحركة.
وحول التعامل بعملة البلدين المحلية بينهما، أوضح قومان أن أي بلد عليه عقوبات أو مشكلة مع الولايات المتحدة (وعملتها الدولار) يقرر التعامل بالعملة المحلية.
وأشار إلى أن هذا الأمر لا يؤدي إلى نتائج إيجابية على اقتصاد البلدين لأن عملتيهما ليس عليها طلب ولا تتمتعان باستقرار، متوقعًا عدم وجود فائدة اقتصادية كبيرة لهذا الإجراء، بسبب أجواء الحرب والعقوبات وعدم الاستقرار الاقتصادي في كلا البلدين.
–