من يرسم صورة سليل آل مخلوف؟
موسم تصدير محمد رامي مخلوف في سوريا
عنب بلدي – حباء شحادة
بالتزامن مع أنباء عن كبح نشاط “جميعة البستان”، التابعة لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وخاصة التشكيلات العسكرية التي تدعمها الجمعية، تستمر وسائل إعلام بتلميع وتقديم محمد بن رامي مخلوف، على أنه رجل أعمال مبدع، وفاعل للخير واع لمسؤولية الثروة ودورها في إنقاذ الشعب السوري.
يشابه هذا السلوك الترويج لرامي مخلوف بعد انطلاق الحراك السلمي في سوريا عام 2011، حين أعلن عن خططه للتوقف عن العمل التجاري والتوجه للعمل الخيري، بعد تصريحاته الشهيرة لصحيفة “The New York Times” في أيار من ذلك العام، محذرًا فيها من مغبة دعم المظاهرات الشعبية بالقول، “إن لم يكن هناك استقرار هنا (في سوريا)، لا يمكن أن يكون هناك استقرار في إسرائيل”، والتي دفعت النظام السوري للتنصل من أقواله ووصفه بـ”المواطن الذي لا يملك أهلية الحديث باسم السلطات السورية”.
لكن الجديد الذي تضمنته المقالات التي انتشرت في نحو 20 موقعًا ناطقًا باللغة الإنجليزية، أغلبها أنشئ في الهند وبعضها في أمريكا، هي صفة “الشهير والمؤثر” التي ألصقت فجأة بالشاب محمد، البالغ من العمر 22 عامًا.
ولم يكن للشاب أي ذكر أو حضور إعلامي قبل ثلاثة أشهر فقط، باستثناء صور سياراته الفارهة، التي يستمر بنشرها عبر حسابه على “إنستغرام“، وصوره مع موكب حراسته، التي أثارت استياء سوريين لما أبدته من بذخ وبعد عن واقع الحياة السورية، خاصة مع وجود أكثر من 83% من الشعب السوري تحت خط الفقر، بحسب تقدير الأمم المتحدة للاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2019.
محمد.. كما عرّف نفسه وعرضته المقالات الدعائية
أطلق مخلوف الابن موقعًا إلكترونيًا خاصًا به مؤخرًا، عرف عن نفسه من خلاله برجل الأعمال المركّز “خلال الأعوام السابقة” على إعادة إعمار سوريا، مشيرًا إلى أنه “مثل العديد من السوريين” يمتلك الثقافة السورية والحس الوطني، مع نشأته في دمشق وقضائه لسنوات دراسته الأولى في مدرسة “الشويفات الدولية” (الخاصة)، قبل أن ينتقل للإقامة في دبي.
وزع، خريج إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في دبي عام 2019، أعماله محليًا وعالميًا، وتحديدًا باستثمار الغاز في روسيا، جاعلًا من مساعدة الناس “هدفًا لحياته”، بحسب موقعه.
قدرت عدد من المقالات التي عرفت عن الشاب ثروته بنحو ملياري دولار، وعددت شركاته ومشاريعه، فإضافة إلى تركيزه على الاتصالات، يكرس وقته لإقامة مشاريع تعالج “القضايا الملحة”، مثل التعليم والمنشآت الطبية والإسكان.
كيف يؤطر محمد مخلوف مشاريعه؟
من المخطط أن تنطلق شركة “MRM “ (اختصار محمد رامي مخلوف) القابضة عام 2022، وأن تسهم في إعادة إعمار سوريا، وعرّفها محمد بأنها “الشركة الوحيدة في سوريا التي تستثمر برأس مال بهذا الحجم قبل إطلاقها”، مشيرًا إلى مبلغ تراوح ما بين 300 إلى 500 مليون دولار “دون أي قروض بنكية”، وستكون أساسية في إصلاح كامل القطاع المعماري وإعادة توطين العديد من النازحين، حسب ما نقل عنه موقع “ThriveGlobal”.
ولا يوجد مصدر رسمي سوري يقيّم رؤوس أموال رجال الأعمال، وتبقى مقتصرة على ما يفصحون عنه لوسائل الإعلام.
تريد شركة “MRM” بناء سمعتها من “خدماتها النوعية مناسبة التكلفة، مع التزامها بمواعيد التسليم، والتركيز على الزبائن، مع الالتزام بالقيم والنزاهة”، حسب ما قال مخلوف، وستقدم خدماتها في بناء المباني المكتبية والمراكز المجتمعية والمنشآت الطبية والمخازن والمجمعات السكنية، لتصنع “أعاجيب معمارية من الغبار والرماد”، وستعمل على بناء ميتم يستقبل عددًا كبيرًا من اليتامى من الشرق الأوسط.
المشروع الثاني هو مشروع استثمار الطاقة الهوائية الأكبر في سوريا، الذي يوفر طاقة تصل إلى 100 ميجا واط، أقيم على 76 هكتارًا من الأرض بتكلفة 150 مليون دولار، والذي لن يكتفي بتوفير الطاقة لبيوت المواطنين السوريين، “الذين يستحقون الحصول على الطاقة ووسائل الراحة الأساسية مثل أي شخص آخر”، حسب ما أشار مخلوف، ولكنه سيساعد أيضًا على تقليل نسبة الكربون على الكوكب.
على صعيد العقارات، أسس الشاب شركة ” Future Builders“، التي عرّفها بأنها مبادرة عقارية تعد “بحل القضايا الملحة المتعلقة ببناء مرافق آمنة للسوريين”.
كما شارك بتأسيس منتجات “ميلك مان” للألبان، التي “أنشئت لتقديم أغذية مغذية واقتصادية للشعب”، بحسب التعريف بها.
شخصية مرسومة: عطاء وتهور في قيادة سيارات فارهة
لم تقتصر سمعة مخلوف الابن التي تُرسم في هذه المواقع على “الفطنة والبراعة” في عالم الأعمال، بل ركزت على نشاطاته الخيرية، التي مكنته من الحصول على لقب “أكثر فاعل للخير في سوريا عام 2018″، وعلى “جائزة الأمل” عام 2017.
ويقدم الشاب نفسه بأنه ملتزم بالقضايا الاجتماعية في سوريا لمساعدة آلاف العائلات، إذ تتضمن أعماله الخيرية إقامة صالة رياضية في اللاذقية تسمح للأطفال باللعب مجانًا وقتما يحبون، إضافة إلى ادعائه إنقاذ عدد من الضحايا الذين كانوا عالقين في حريق، لم يذكر تاريخه، في “روتانا أفاميا” في اللاذقية.
كما “أنقذ حياة رضيع بعمر شهرين كان يكافح للنجاة”، من خلال توظيف سيارة الإسعاف الخاصة به، بحسب ما نقل موقع FreePressJournal”، وأرسل خمس سيارات أخرى من مشفاه الخيري لمساعدة البقية الذين علقوا في الحريق.
حين سُئل محمد مخلوف عما يجلب له السعادة ابتسم وأجاب، “سأقول لك على الأغلب، لا شيء يجعلني أكثر سعادة من تخطي سرعة 200 كيلومتر في الساعة في سيارتي (باربوسG850 ) ولكن ومع صحة ذلك، أدركت أن قدرتي على تغيير حياة الناس هو ما يجلب الابتسامة لوجهي حقًا”.
كما استعان الشاب، برأي متابعي صفحته على “فيس بوك” ليسأل عن أهم “المناطق” التي يجب أن يركز أنشطته الخيرية فيها، مقدمًا احتمالين هما: “المساعدة المالية أو الإنسانية”.
“العطاء” لم ينسه “الرفاهية”!
عدا عن “ضعفه” أمام محبة جمع السيارات السريعة الباهظة الثمن، مع أرقام اللوحات المميزة خاصة رقمي “2” و”7″ اللذين يجلبان له الحظ الجيد، بحسب اعتقاده، فقد “ابتكر” مخلوف و”أبدع” في توسعة طائرته النفاثة محولًا إياها إلى “أول بيت مترف طائر”.
بتكلفة 43 مليون دولار، تمكن محمد من تجاوز معاناته مع الطائرات النفاثة الخاصة، وقال “أكره الطائرات النفاثة الصغيرة والضيقة والمزدحمة. لهذا خصصت طائرتي الخاصة لتجمع الرفاهية والرحابة. اخترت هذا التصميم لأني رغبت بصناعة منزل عصري مترف، بدلًا من مجرد طائرة أخرى”.
ضمت طائرة “BAe 146″، التي يشغلها محرك “رولز رويس” مخصص، غرفتي معيشة كبيرتي الحجم، وغرفة نوم واسعة، وحمامًا، وغرفة للطعام مع غرفة منفصلة للاجتماعات، وفرشت بأكملها بأثاث مترف. وللمسة أخيرة نُقشت حروف “MRM” على كل قطعة من الأثاث. كما وظف مخلوف طاقمًا من خمسة أفراد لخدمته، في أثناء عمله وعقده الاجتماعات وهو في الجو.
من هم آل مخلوف؟
مع اعتماد محمد على “عمله المجد” في أنشطته ومشاريعه، إلا أن مقالاته أشارت إلى كونه سليل عائلة لها باع في التجارة والأعمال، دون أن تزيد في وصف العائلة أكثر.
لكن وزارة الخزانة الأمريكية قدمت تعريفًا أوضح لوالده رامي، عند فرضها لعقوباتها الاقتصادية عليه في شباط من عام 2008، فهو “رجل أعمال قوي، امتلك إمبراطورية تجارية من خلال استغلال علاقاته مع أفراد النظام السوري، متلاعبًا بالنظام القضائي ومستخدمًا مسؤولي الاستخبارات السورية لتهديد منافسيه في العمل… وهو أحد مراكز الفساد الأساسية في سوريا”.
تشمل إمبراطوريته قطاع الاتصالات والتجارة والنفط والغاز والمصارف والعقارات والإعلام والطيران، وأشهر شركاته “سيريتل” وشركة “الشام القابضة”.
تعرض لعقوبات اقتصادية إضافية من الاتحاد الأوروبي في أيار عام 2011، لأنه “قدم التمويل للنظام سامحًا بالعنف ضد المتظاهرين”.
وصفته صحيفة “The New York Times” خلال لقائها المطول به، بـ “صديق طفولة الأسد”، ونقلت عنه قوله إن أقرباء الأسد وأقرانه، الذين يمثلون النخبة الحاكمة، ازدادوا قربًا خلال الأزمة، وأضاف، “نؤمن ألا دوام لنا دون وحدة، كل منا يعلم أننا لا نستطيع الاستمرار دون التكاتف معًا”.
لا يتضح إلى الآن إن كانت تلك المقولة ما زالت واقعية أم لا، ولا يتضح إن كان الشاب محمد سيتمكن من متابعة مشاريعه وأعماله في حال ابتعد والده حقًا عن الساحة الاقتصادية السورية، ولا إن كان السوريون سيسمعون مستقبلًا بأخيه الأصغر علي الذي ما زال حتى الآن مقتصرًا على عرض صوره دون آرائه ومنجزاته.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :