إدلب – يوسف غريبي
يتحمل الإعلامي عبد الرازق صبيح مخاطر متعددة وهو يعمل على تغطية الأحداث في ريف إدلب الجنوبي، ولكن التحدي الذي ينتظره لنشرها غالبًا ما يكون أكبرها.
يتطلب العمل الإعلامي في الداخل السوري مقومات خاصة من الشجاعة والتدريب المتواصل والعناية بتدابير السلامة المهنية، إضافة إلى السرعة في نقل الحدث، وأخيرًا الوصول السريع لشبكة الإنترنت.
عانت مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي من انقطاع متواصل في شبكة الإنترنت والاتصالات، الذي ترافق مع اشتداد الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري مع حليفه الروسي، منذ نيسان الماضي.
ومع أهمية الأحداث المتسارعة في المنطقة، التي سببت أكبر موجة للنزوح وأشد نسبة للدمار في تلك المناطق منذ بداية الصراع السوري عام 2011، إلا أن المراسلين والناشطين الإعلاميين واجهوا مصاعب بالغة في إيصال الأخبار ونقلها مع انقطاعهم عن العالم الافتراضي.
إنترنت “ضوئي” غاب بريقه
يغذي ما يعرف بـ “الإنترنت الضوئي” مناطق شمال غربي سوريا، وهو الإنترنت الواصل عبر خطوط الألياف الضوئية من تركيا إلى أبراج البث، حسب ما قال مدير شبكة “شام” للإنترنت في إدلب، عبد الكريم القادري، لعنب بلدي، مضيفًا أن أهم الشركات الموردة له هي “تورك تيليكوم” و”توركسل” و”أونلاين”.
واستهدف القصف في الفترة الأخيرة أبراج الإنترنت بشكل مباشر، حسب ما قال القادري، ما أدى إلى انقطاعه وحال دون صيانته، بينما أدت موجة النزوح الكبيرة إلى مغادرة العديد من مشغلي الخطوط من مناطقهم مخلفين الإنترنت فيها معطلًا.
وأشار القادري إلى أن المناطق التي لم تُستهدف فيها أبراج تغذية الإنترنت، واجهت مصاعب أيضًا في تشغيل الأبراج بسبب انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة تشغيل المولدات والاستفادة من الألواح الشمسية التي عانت من ضرر بالغ نتيجة القصف.
أخطار متراكمة في رحلة البحث عن “الإشارة”
يضطر عبد الرزاق صبيح لقطع مسافات تزيد أحيانًا على عشرة كيلومترات لإيصال المواد الإعلامية التي يوثق فيها الأحداث المتتابعة لحظة بلحظة، حسب ما قال لعنب بلدي، مع انقطاع الإنترنت عن أغلب المناطق القريبة من خط التماس مع قوات النظام السوري في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وفي جبل شحشبو.
رحلة البحث عن الشبكة تتضمن “صعوبة كبيرة جدًا ومخاطر في أثناء ذهابنا لتحضير مقاطع الفيديو وإرسالها، فهناك قرى أصبحت على تماس مباشر مع مواقع النظام وهذه القرى تتعرض لقصف يومي وغارات جوية”، بحسب قوله.
يواجه الناشط الإعلامي بهاء سويد، الذي يغطي الأحداث في كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، مشاكل شبيهة، مع نزوح أغلب المدنيين من المدينة المنكوبة، ومن بينهم أغلب مشغلي شبكات الإنترنت.
لم يبقَ في المدينة التي تتعرض لقصف جوي ومدفعي، سوى الناشطين الإعلاميين وفرق الإسعاف والدفاع المدني وبعض الأهالي الذين لا يستطيعون تحمل أعباء النزوح، حسب ما قال بهاء لعنب بلدي.
وأضاف أن ما تعرضت له المدينة من دمار سبب الضرر بالشبكات المغذية لأبراج الإنترنت، وجعل مهمة الصيانة خطرة جدًا، لما قد يناله من يقوم بها من استهداف مباشر عند رصده من قبل طائرات الاستطلاع.