عروة قنواتي
أطلعتنا الصحف والمواقع الإلكترونية قبل أيام على خبر وفاة أحد المشجعين في مباراة حطين وتشرين (ديربي مدينة اللاذقية)، ضمن دوري النظام السوري لكرة القدم، وانطلقت عاصفة من التعليقات والمواد الإعلامية تشجب وتستنكر وفاة المشجع، على خلفية أعمال الشغب بين جمهور الناديين.
وتلقى المشجع عبد الحليم حوا (28 عامًا) إصابة في صدره بصاروخ ألعاب نارية، وهو على مدرجات الملعب، ما أدى إلى انفجار رئتيه.
هذه الحوادث ليست غريبة في الشارع الرياضي السوري سابقًا وحاليًا، بقصد ومن دون قصد، وسبق لعدد من هذه الحوادث أن طالت مشجعي الأندية في لقاءات حساسة ومهمة ضمن مباريات الدوري مترافقة بإهمال وتقصير من الجهات المعنية، التي إذا تدخلت فإنها تقوم بحملة اعتقالات وإهانة لكثير من المشجعين واحتجاز واعتقال دون سبب، ثم يتوجه اتحاد الكرة، الذي يتحرك ضمن أوامر القيادة العسكرية والقطرية في سوريا، لطرح بعض العقوبات بحق هذا النادي أو ذاك، ولربما يحرم الجمهور من حضور بعض المباريات.
ولربما كان لمواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة الدور الأكبر بالمفاجأة التي تصيب الشعب السوري نتيجة الأعمال الإجرامية في الملاعب والمقاهي ودور السينما وفي طرقات وشوارع البلاد، بينما كان جيل ما قبل مواقع التواصل الاجتماعي يعاينها وجهًا لوجه ويصاب بنارها وأذاها في أغلب المناسبات.
وحتى نبقى في الوسط الرياضي، فقد قتل أحد المشجعين قبل 14 عامًا في مباراة الوحدة والاتحاد بدمشق على خلفية ضربه بعصا حديدية على رأسه مع إهمال إسعافه السريع، وخياطة الجروح برأسه من قبل أحد المشافي دون تصوير الإصابة ما أدى إلى وفاته. وأيضًا قتل اثنان من المشجعين عقب انتهاء مباراة الوثبة والاتحاد في حلب سابقًا بعد خسارة نادي الاتحاد لبطولة الدوري على خلفية التعادل في المباراة.
حادثة أخرى تكررت في اللاذقية بمباراة تشرين وجبلة في التسعينيات، أدت إلى مقتل وإصابة عدد من المشجعين خارج أسوار الملعب، وحادثة مماثلة قتل فيها مشجع من نادي الاتحاد على طريق السفر والعودة إلى حلب من قبل مرافقي أحد لاعبي نادي جبلة في التسعينيات أيضًا.
الحوادث المتكررة التي لا يمكن إحصاؤها خلال 30 عامًا في الملاعب والصالات السورية بين الأندية، سببها الأول التعامل الأمني القاسي مع مشجعي الأندية في أغلب ملاعب الدوري، إضافة إلى التساهل في تمرير هذه الحوادث وافتعالها عبر تصريحات معينة أو أداء إداري يجعل الجماهير في موقف مستفز ومحتقن، ثم يتفنن القائد الرياضي بحجب هذه الجرائم عن الصحافة، إلا فيما ندر وبعد تسريبات تربك خطة التكتم والتعتيم المستمرة.
في سوريا يُقتَل اللاعب والمدرب والمشجع باختلاف الأساليب والنهج، ولكن ضمن آلية محكمة ومسموح بها بالتمادي على المواطنين والدفع بهم إلى المشاكل وحجز حرياتهم، من دون قضاء ومن دون تحقيقات، وبأيادٍ أمنية تطال الجميع فيما يخدم مسيرة القيادة الحكيمة.