منصور العمري
يحتفي العالم سنويًا في 30 من آب/أغسطس بـ “اليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري” منذ عام 2011، بعد ان أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمادها “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري” في كانون الأول/ديسمبر 2010.
عرّف الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها عام 1992 بأنه:
“القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغمًا عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، ما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون”، وهو تمامًا تعريف الجريمة التي يمارسها النظام السوري الذي لم يوقع هذه الاتفاقية.
أي اتفاق أو حل سياسي يجب أن يشترط توقيع سوريا على هذه الاتفاقية وبقية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة.
جريمة الإخفاء القسري هي انتهاك خطير لحقوق الإنسان، ففي أثناء عملية الإخفاء، يمكن أن تنتهك الحقوق التالية:
حق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية (المادة 6 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه (المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
الحق في الحياة، في الحالات التي يقتل فيها الشخص المختفي (المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
الحق في الهوية (عدة مواثيق وإعلانات دولية).
الحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية (المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).
الحق في سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الجبر والتعويض.
الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء.
وينتهك الاختفاء القسري أيضا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا وأسرهم على حد سواء:
الحق في توفير الحماية والمساعدة للأسرة.
الحق في مستوى معيشي مناسب.
الحق في الصحة.
الحق في التعليم.
جريمة الإخفاء القسري التي يمارسها نظام الأسد تشمل انتهاك جميع هذه الحقوق.
نصت الاتفاقية على أنه لا يجوز تعريض أي شخص للإخفاء القسري، وأنه لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأي حالة استثنائية أخرى، لتبرير الاختفاء القسري.
ووضحت أن على كل دولة طرف إجراء التدابير اللازمة لتحميل المسؤولية الجنائية على أقل تقدير:
لكل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئًا أو يشترك في ارتكابها.
للرئيس إن كان على علم بأن أحد مرؤوسيه ممن يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، أو تعمد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح.
إن كان يمارس مسؤوليته ورقابته الفعليتين على الأنشطة التي ترتبط بها جريمة الاختفاء القسري.
إن لم يتخذ كل التدابير اللازمة والمعقولة التي كان بوسعه اتخاذها للحيلولة دون ارتكاب جريمة الاختفاء القسري أو قمع ارتكابها أو عرض الأمر على السلطات المختصة لأغراض التحقيق والملاحقة.
لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة من سلطة عامة أو مدنية أو عسكرية أو غيرها لتبرير جريمة الإخفاء القسري.
نصت المادة 16 من الاتفاقية، أنه لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أو تبعد أو أن تسلم أي شخص إلى أي دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن هذا الشخص سيقع ضحية للاختفاء القسري. وهو ما ترتكبه بعض الدول التي ترحل السوريين أو تجبرهم على العودة إلى سوريا.
ولخصت الأمم المتحدة أسباب هذه الجريمة بأنها غالبًا ما تستخدم كأسلوب استراتيجي لبث الرعب داخل المجتمع. فالشعور بغياب الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المخفي، بل يصيب مجموعاتهم السكانية المحلية ومجتمعهم ككل.
أصبح الاختفاء القسري مشكلة عالمية ولم يعد حكرًا على منطقة بعينها من العالم. فبعدما كانت هذه الظاهرة في وقت مضى نتاج ديكتاتوريات عسكرية أساسًا، يمكن اليوم أن يحدث الإخفاء القسري في ظروف معقدة لنزاع داخلي، أو يُستخدم بالأخص وسيلة للضغط السياسي على الخصوم.
وأضافت الأمم المتحدة أن ما يثير القلق بوجه خاص، هو استمرار المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا، والشهود، والمحامون الذين يعنون بقضايا الإخفاء القسري، واستغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها، واستمرار مرتكبي أعمال الإخفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع. كما أنه يجب إيلاء اهتمام خاص بمجموعات معينة من السكان الضعفاء، مثل الأطفال وذوي الإعاقة.