انتشر في القرن العشرين ما عرف لاحقًا بـ “أدب المراسلات”، وهو الرسائل التي كان يرسلها الأدباء والشعراء والفنانون لبعضهم، ونُشرت فيما بعد لتحقق رواجًا كبيرًا بين القراء، نظرًا لما تحتويه من لحظات توثق حياتهم التي لا يعرفها قراؤهم.
اتخذت بعض تلك المراسلات منحى عاطفيًا عنيفًا، كما في كتاب “رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان”، الذي نشرته الأديبة السورية غادة السمان ويحتوي على مراسلات عاطفية بينها وبين الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، وكتب أخرى كانت رسائل بين الأصدقاء كما في المراسلات التي تمت بين الروائي عبد الرحمن منيف والفنان التشكيلي السوري مروان قصاب باشي.
كما ظهرت كتب عدة ناقشت هذا النوع من الأدب، منها كتاب “رسائل المشاهير” لسامي كمال الدين.
غادة السمان وغسان كنفاني
نشرت الأديبة السورية غادة السمان مراسلاتها مع الكاتب الفلسطيني “العاشق” غسان كنفاني، وتوضح الرسائل حالة الهيام التي عاشها كنفاني، ونُشر الكتاب (رسائل غسان كنفاني) بعد استشهاد غسان بتفجير سيارته في بيروت، تموز 1972.
صفحات الكتاب تحمل بين طياتها حبًا عنيفًا، يبرز عشق غسان لغادة مترافقًا بتعبه وشوقه إليها، بينما خلا من ردودها إليه، واكتفت غادة السمان بكتابة “محاولات” لتقديم الكتاب بحسب ما ذكرت فيه، كما لم يتضح تاريخ أول رسالة بعثها غسان لغادة، والتي جاء فيها، “أعرف أن الكثيرين كتبوا لك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء”.
أرفقت غادة السمان مع الكتاب نسخًا من الرسائل التي كتبها غسان بخط يده.
بلغ عدد صفحات الكتاب 118 صفحة، وصدر في طبعته الأولى عام 1992 والثانية عام 1993، عن دار الطليعة- بيروت.
جبران خليل جبران ومي زيادة
وُثقت قصة الحب بين الكاتب جبران خليل جبران والكاتبة مي زيادة عبر الرسائل المتبادلة بينهما، وتكمن قيمة الرسائل في عدم لقاء بطلي الرسائل نهائيًا.
يختلف مضمون الرسائل بين جبران ومي عن تلك التي أرسلها غسان لغادة، من حيث الأسلوب و”العنف” العاطفي الموجود، وهو ما يعزى لاختلاف اللغة الخطابية المستخدمة زمنيًا، إذ إن الرسائل التي أرسلها جبران كانت في بدايات القرن العشرين، بينما رسائل غسان كانت في منتصفه تقريبًا.
كما أن رسائل جبران بدأت أصلًا كرسائل متبادلة بين أديبين، واستغرقت وقتًا طويلًا حتى اعترف جبران بحبه لمي، ووقتًا أطول حتى ردت مي بالإيجاب.
نُشرت الرسائل تحت اسم “الشعلة الزرقاء” عام 1972، ونشرت عدة مرات لاحقًا من دور نشر مختلفة.
عبد الرحمن منيف ومروان قصاب باشي
تحت عنوان “في أدب الصداقة”، نُشرت مراسلات الروائي عبد الرحمن منيف والفنان التشكيلي السوري مروان قصاب باشي في كتاب، وحملت المراسلات آمالًا وخيبات شخصية، وأحداثًا يومية لكل منهما على فترات زمنية متقطعة امتدت لعدة أشهر في بعض الأحيان.
لم يكن مخططًا لهذه الرسائل أن تُنشر ساعة كتابتها وإرسالها، وقررت سعاد قوادري، زوجة عبد الرحمن منيف، نشرها بالاتفاق مع مروان قصاب باشي، لذا فهي قريبة للغاية من مشاعر شخوصها وأبطالها.
نشر الكتاب للمرة الأولى عام 2012 وصدر عن دار التنوير والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وصمم غلافه مروان قصاب باشي.
–