عنب بلدي – إدلب
تنتشر صور المخيمات الغارقة بماء السيول والأمطار ومشاهد الأطفال المرتجفين كل شتاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنتشر الحملات الداعية لتقديم العون وبذل ما أمكن لنجدة النازحين الذين اضطروا لمغادرة ديارهم نتيجة العنف الدائر منذ عام 2011.
لكن إدلب هذا العام ليست كالأعوام السابقة، فقد ازدحمت مخيماتها بأعداد غير مسبوقة من النازحين جراء الحملة العسكرية المستمرة على ريفها الجنوبي وعلى ريف حماة الشمالي منذ شباط الماضي، والتي دفعت نحو مليون شخص للنزوح وفقًا لإحصائيات فريق “منسقو الاستجابة”.
زادت أعداد المخيمات في إدلب من 1041 مخيمًا رسميًا وعشوائيًا، كانت تضم 726 ألف مدني، إلى 1132 مخيمًا، وزاد عدد النازحين في مجموعه على 922 ألفًا، حسبما قال مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، لعنب بلدي.
وأضاف حلاج أن استمرار الحملة يعني استمرار أعداد النازحين، الذين زادوا الضغط على المخيمات التي تعاني أصلًا من نقص في خدماتها.
المخيمات العشوائية تواجه خطر الإهمال
حذر محمد حلاج من أن إهمال تسوية المخيمات العشوائية سيؤدي إلى مشكلة، إذ تحتاج تلك المخيمات، التي أقيم أغلبها على أراضٍ زراعية، للتنظيم وتعبيد الطرق الواصلة إليها، مع عزل أرضيات الخيام وتأمين خدمات الصرف الصحي المناسبة، التي تفتقر إليها 90% من المخيمات، لدرء انتشار الأمراض بين الأطفال وكبار السن خاصة.
وأشار إلى أن تجهيز المخيمات يعاني دومًا من القصور، إذ تحتاج مشاريع تجهيز الخيام وعزلها إلى عمل مبكر منذ انتهاء فصل الشتاء الماضي، إلا أن المنظمات هذا العام لم تقم إلا بجهد متواضع متفرق، وأضاف أن الجهات كافة لم تتبنَّ أساليب الحماية المقترحة، مثل حفر الخنادق، التي قال حلاج إنها ضرورية حول المخيمات بأكملها وحول كل خيمة على حدة لضمان تصريف مياه الأمطار.
من جانبها عمدت “حكومة الإنقاذ”، التي تبسط سيطرتها في إدلب، إلى “طرح مشاريع” لإقامة طرقات تسهل العمل في فصل الشتاء ولإقامة مشاريع الصرف وعزل الخيام والتدفئة، موجهة “نداءً عاجلًا” للمنظمات و”موصية” ببدء العمل قبل قدوم الشتاء، حسبما قال مدير مديرية شؤون المخيمات في وزارة التنمية، خالد العمر، لعنب بلدي.
وأشار العمر إلى أن دور المديرية هو “التنسيق” بين المنظمات، مضيفًا أنها تعاملت مع مسألة المخيمات العشوائية من خلال “التعميم على جميع دوائر المديرية بمتابعة هذه المخيمات وضمها إلى المديرية وفق ضوابطها والسعي إلى تخديمها بعد إحصائها ومعرفة أهم احتياجاتها ومن ثم توجيه المنظمات إليها”.
حاجات وعوائق
قال العمر إن أهم المشاكل التي تواجه المخيمات هي “قدمها” إذ تجاوز عمرها سبع سنوات، مع إقامتها في مناطق ذات طبيعة وعرة مثل الأودية أو سفوح الجبال في مجاري الأنهار.
وأضاف أن “إصرار العوائل على البقاء في نفس المكان على الرغم من الطروحات المقدمة لهم لنقلهم إلى الأراضي الجبلية التي لا يمكن أن تتأثر بفصل الشتاء” يعد من أكبر تلك المشاكل، وتابع بالقول، “رغم ذلك قمنا بالتعاون مع المنظمات ببعض المشاريع الوقائية لهذه المخيمات كاستصلاح الطرقات وشق طرق لمياه الأمطار”.
ولكن تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بينت أن أهم التحديات التي تواجه المخيمات في إدلب هي الزحام الشديد وضرورة استبدال الخيام التالفة في ظل صعوبة إيجاد الأراضي المناسبة لإقامة المخيمات أو توسيعها.
وأشارت إلى نقص التمويل الحاد الذي تواجهه، مع حصولها على 28% من التمويل المطلوب لعام 2019 حتى 22 من آب الحالي، وذكرت أن صندوق سوريا العابر للحدود قد خصص مبلغ 22.5 مليون دولار للاستجابة الإنسانية.
وطلب الصندوق مبلغ 29 مليون دولار لتطبيق 45 مشروعًا من قبل المنظمات الشريكة العاملة في المنطقة، والبالغ عددها 33، وأضاف التقرير، الصادر في 23 من آب، أن الأمم المتحدة قد خصصت 12497 خيمة جديدة لتوزيعها على المخيمات، تم توزيع 9929 خيمة منها حتى تاريخ صدوره.