نازحون تحت الزيتون يواجهون إنذارًا حكوميًا في إدلب
عنب بلدي – إدلب
اعتاد أهالي ريفي إدلب وحماة على أصوات القصف وزلزلة المدافع، واختبر معظمهم النزوح مرات عديدة، إلا أن الحملة الأخيرة التي يشنها النظام السوري وحليفته روسيا منذ مطلع شهر شباط الماضي، سببت أكبر موجة لنزوحهم وأشدها قسوة، إذ لم تجد العوائل التي أضنتها سنوات الصراع مأوىً في الشمال الغربي المزدحم سوى شجر الزيتون لتستظل به، إلا أن هذا الملجأ أيضًا بات مهددًا بالزوال.
حين اضطر مزيد حسن للنزوح من ريف حماة الشمالي نحو الشمال، إثر اشتداد القصف العشوائي من الطيران الروسي والسوري، لم يتوقع أن ينتهي به المطاف مع عائلته تحت شجر الزيتون لمدة طويلة ولم يكن في باله أن ملجأه البسيط سيكون عرضة للنزاع “القانوني” مع صاحب الأرض و”حكومة الإنقاذ” المسيطرة على المنطقة.
وزعت “وزارة التنمية والشؤون الإنسانية” في “حكومة الإنقاذ” إنذارات بالإخلاء لسكان البساتين، مقدمة لهم مهلة 24 ساعة للمغادرة وإلا فسيخضعون لـ”المحاسبة القانونية”.
ناشد حسن، في أثناء حديثه مع عنب بلدي، “حكومة الإنقاذ” لتوفير مأوىً بديل ليتمكن من نقل عائلته إليه، وقال “إلى أين سنذهب؟!.. تركنا أرضنا وبيوتنا وكل ما نملك ونزحنا، بأي حق تريدون إخلاءنا؟!.. نحن لا نريد اغتصاب الأرض، كل ما نريده من هذا الشجر هو الحماية من الشمس”.
اتهمت “حكومة الإنقاذ” النازحين في بساتين الزيتون بالسعي لاستغلال التغطية الإعلامية، “التي دفعت الكثير من المنظمات لتقديم دعم كبير لهم، ما زاد من تمسكهم بالبقاء”، حسبما قال مدير مديرية شؤون المخيمات في وزارة التنمية بحكومة الإنقاذ، خالد العمر، لعنب بلدي.
ولكن حسن أشار إلى أن البقاء في البساتين غير المخدمة، والمفتقرة للبنية التحتية والمرافق الصحية، يزيد من تعرض الأطفال لأمراض متنوعة تجعل من المغادرة ضرورة لا قدرة له عليها.
مخيمات نموذجية.. يبحث عنها النازحون
قال العمر إن “حكومة الإنقاذ” المتمثلة “بوزارة التنمية” قد وفرت في مناطق دير حسان وقاح وأطمة، في شمالي إدلب، “أراضي جاهزة ومخيمات نموذجية للسكن.. وقدمت خيارات عديدة من تخصيص أراضٍ خاصة بهم (النازحين) ليسكنوها أو نقلهم إلى المخيمات التي بُنيت عن طريق مديرية شؤون المخيمات أو بالتشارك مع المنظمات”، لكن النازحين “رفضوا المغادرة”.
بحث أحمد ناصر محمد، النازح من ريف حماة الشمالي، عن تلك الأراضي والمخيمات، إلا أن جهوده المستمرة منذ ثلاثة أشهر، والتي “أعيت صحته” في أثناء مراجعته للمنظمات والمخيمات لإيجاد مكان يقيم فيه ويتيح له مغادرة البستان، لم تؤتِ ثمارها.
وأضاف محمد، “ما الذي قدمته لنا حكومة الإنقاذ، أين المخيم الذي أقامته لي، أين الخيمة التي عرضتها علي للسكن. لقد بحثنا دون جدوى في كل مخيمات أطمة.. إلى أين علي الذهاب، لم يبقَ لي مكان سوى تحت هذه الشجرة”، حسبما قال لعنب بلدي.
وأصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، في 23 من آب، تقييمه للأوضاع في شمال غربي سوريا، وذكر فيه أن 576 ألفًا قد نزحوا ما بين الأول من أيار و18 من آب، بينهم أكثر من 72 ألفًا نزحوا ما بين 1 و18 آب، وصل منهم أكثر من 20 ألفًا إلى المخيمات، بينهم ألفا عائلة وصلت إلى أطمة، “شارك معظمهم الخيام مع أقربائهم أو معارفهم”.
وأشار تقرير المكتب الأممي إلى أن استمرار حركة الناس الذين اختبر كثير منهم النزوح مرارًا من قبل “يجعلهم ضعفاء بشدة أمام هذه الصدمة الجديدة”، مع استمرار “تحدي إيجاد أراضٍ عامة مناسبة لتوسيع مواقع النازحين أو استئجارها لفترة طويلة”.
أمّنت وزارة الاقتصاد في “حكومة الإنقاذ” أراضي للعائلات النازحة، واستصلحتها وجرفتها تخفيفًا للأعباء عن النازحين، مع تأمين بنى تحتية لها، وتوجيه المنظمات لدعم تلك العائلات وتحديد أولوية الخدمات، حسبما قال العمر.
إلا أن تلك الخدمات لم تكن مرئية لإبراهيم عليوي، النازح من ريف حلب الجنوبي وأحد المقاتلين ضمن صفوف تحرير الشام، الذي قال إنه يتمنى من “حكومة الإنقاذ تأمين مسكن” حتى يتمكن من المغادرة، وإلا فلا خيار أمامه سوى “الطريق”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :