المنطقة العازلة بيد الأسد..
المعارضة صامتة وإدلب تنتظر لقاء أردوغان وبوتين
عنب بلدي – خاص
تنتظر مدينة إدلب في الشمال السوري ما ستؤول إليه التفاهمات التركية- الروسية التي ستنتج عن لقاء الرئيسين، رجب طيب أردوغان، ونظيره فلاديمير بوتين، في موسكو الثلاثاء المقبل، 27 من آب الحالي.
اللقاء مع بوتين، الصديق الحميم لتركيا بحسب ما يصفه أردوغان، لن يكون قمة عادية، وإنما قد يرسم الملامح المستقبلية للمنطقة في ظل التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدتها، بعد تقدم قوات النظام السوري في ريف إدلب الجنوبي وسيطرته على مدينة خان شيخون، وإغلاق جيب ريف حماة الشمالي وخاصة مدن اللطامنة وكفرزيتا ومورك التي تضم نقطة مراقبة تركية، بعد سنوات من سيطرة فصائل المعارضة عليها.
مشهد ضبابي غير واضح المعالم، وسيناريو جديد لا يمكن التنبؤ به ينتظر المنطقة في ظل تفاهمات الطرفين الضامنين لمحادثات “أستانة”، وسط تخوفات من اتفاق لا يكون في مصلحة المعارضة أو الأهالي في المنطقة.
سيناريو مكرر لعام 2018
التطورات الحالية وزيارة أردوغان إلى روسيا تشابه سيناريو 2018 عندما حشد النظام السوري، بدعم روسي عسكري وإعلامي، على أطراف إدلب، التي تعتبر آخر معاقل المعارضة السورية، بهدف السيطرة عليها، وسط تحذيرات أممية ودولية من كارثة إنسانية قد تصيب المنطقة.
وعقب ذلك زار أردوغان روسيا، في 17 من أيلول 2018 واتفق مع بوتين، ضمن ما يعرف بـ ”اتفاق سوتشي”، على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام في منطقة “تخفيف التوتر” بإدلب.
ونص الاتفاق حينها على إقامة منطقة خالية من السلاح (عازلة) بين مناطق سيطرة الطرفين، تكون بعرض 20 كيلومترًا، وتتولى الشرطة التركية الإشراف عليها بحسب الاتفاق، وتصل حدودها من الجهة الشرقية لإدلب إلى حدود دارة عزة، الأتارب، سراقب، معرة النعمان، وفي الجنوب تغطي مدينة خان شيخون، كفرزيتا، مورك، وصولًا إلى كفرنبل، بينما من الجهة الغربية تغطي مدينة جسر الشغور حتى بلدة محمبل والبارة في جنوبها.
وبين اتهامات متبادلة بين الطرفين بخرق الاتفاق وعدم تنفيذ بنوده، وسط رفض بعض الفصائل سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة، شنت قوات النظام حملة عسكرية بدأتها، في شباط الماضي، وصعّدت من قصفها لمناطق إدلب بشتى أنواع الأسلحة خلال الأسابيع الماضية.
وفي 20 من آب الحالي، وبعد تقدم سريع لقوات النظام من شرق وغرب مدينة خان شيخون انسحبت الفصائل المقاتلة من ريف حماة الشمالي، خوفًا من إطباق الحصار عليها، ليعلن النظام السوري رسميًا، في 23 من آب، إغلاق جيب ريف حماة الذي يضم مورك واللطامنة وتلة الصياد والمستودعات ووادي العنز ووادي العسل وكفرزيتا ولطمين ومعركبة ولحايا غربية ولحايا شرقية وتل فاس وتل لطمين ووادي حسمين ووادي قسمين وكعب الفرس.
الخريطة
هذه المناطق، الداخلة في اتفاق “سوتشي”، تعتبر استراتيجية بالنسبة لفصائل المعارضة كونها بوابة إدلب، في محاولة واضحة لروسيا والنظام، بمساندة ميليشيات لبنانية وإيرانية، بسط سيطرتهما على المنطقة العازلة وفتح الطرقات الدولية.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية، فإن روسيا تحاول فتح الطريقين السريعين “M4″ و”M5” المارين من إدلب، لتنشيط التجارة في المنطقة، وهما طريقا دمشق- حلب واللاذقية- حلب، وبدا ذلك واضحًا خلال نقل الثقل العسكري، بعد دخول خان شيخون وريف حماة، إلى منطقة كبانة بريف اللاذقية الشمالي، التي تتيح للطرف الذي يسيطر عليها رصد مساحات كبيرة من ريف حماة وإدلب الغربي إلى جانب قرى الريف الشمالي للاذقية، كما تفصل المنطقة الساحل عن محافظة إدلب وتعتبر بوابتها من الغرب، بينما تطل على سهل الغاب وجسر الشغور وعلى الحدود التركية، وعلى قسم كبير من محافظة إدلب وحماة واللاذقية.
كما صعّد النظام وسلاح الجو الروسي من قصفهما على مناطق شرق الأوتوستراد في ريف إدلب الشرقي، وخاصة تل منس، وجرجناز، والدير الشرقي ومعر شمارين، إلى جانب تكثيف القصف على مدينة معرة النعمان وريفها الواقعة على الأوتوستراد الدولي.
كل هذه التطورات تأتي في ظل صمت من قبل قادة الفصائل المقاتلة في المنطقة، والمنضوية في “غرفة عمليات الفتح المبين”، التي تضم “هيئة تحرير الشام”، و”الجبهة الوطنية للتحرير”، إلى جانب “جيش العزة” الذي كان يتمركز بشكل مباشر في ريف حماة الشمالي.
وحاولت عنب بلدي التواصل مع قادة الفصائل، وخاصة الهيئة السياسية في “فيلق الشام”، المنضوي ضمن “الجبهة”، لكنها لم تلق تجاوبًا، في حين نفى القيادي في “جيش العزة”، العقيد مصطفى بكور، معرفة نتائج الاجتماعات التركية- الروسية التي جرت خلال الأيام الماضية، والتي أعقبها دخول قوات النظام إلى خان شيخون، أما شرعي “فيلق الشام”، عمر حذيفة، فأكد لعنب بلدي أنه لا يوجد أحد يعلم ما يجري في الاتفاقيات “لأن هذه أمور دول”.
وفي المقابل حذر القيادي السابق في “جيش العزة”، المنضوي ضمن “الجبهة الوطنية للتحرير”، المقدم سامر الصالح، من أن المرحلة الثانية، بعد السيطرة على خان شيخون، ستكون مدينة معرة النعمان في ريف إدلب.
ووصف الصالح، عبر حسابه في “تويتر”، الخميس 22 من آب، من يظن أن الروس أو النظام والإيرانيين سيقفون عند خان شيخون بـ”الغبي”، معتبرًا أن السيطرة على خان شيخون هي المرحلة الأولى، متوقعًا أن تمتد المرحلة الثانية إلى معرة النعمان.
نقطة المراقبة التركية
إلى جانب ذلك تُطرح إشارات استفهام حول مصير نقطة المراقبة التركية في مدينة مورك بريف حماة، التي نشرتها تركيا إلى جانب 11 نقطة أخرى ضمن اتفاق محادثات أستانة، خاصة وأنها باتت محاصرة من قبل قوات النظام في المدينة.
وفي ظل حديث مسؤولين أتراك عن عدم سحب نقطة المراقبة التركية وإبقائها، وتأكيد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اللبناني، جبران باسيل، في لبنان، الجمعة 23 من آب، بأن “نقطة المراقبة غير محاصرة ولا يستطيع أحد أن يحاصر قواتنا”، هددت المستشارة الإعلامية لرئيس النظام السوري، بثينة شعبان، بإزالة نقطة المراقبة التركية في مدينة مورك بريف حماة الشمالي.
وقالت شعبان، في مقابلة مع قناة “الميادين” اللبنانية، الجمعة الماضي، إن “النقطة التركية في مورك محاصرة، وسيتمكن الجيش السوري من إزالة النقاط التركية والإرهابيين”.
أما وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، فهدد بحماية المصالح التركية في إدلب، وقال خلال جولة تفقدية للوحدات العسكرية بولاية إزمير غربي تركيا، السبت 23 من آب، إن تركيا “ستستخدم حقها في الدفاع المشروع حتى النهاية، في حال أي هجوم ضد نقاط المراقبة أو وجودها في إدلب”.
وفي ظل توقعات بأن تسفر زيارة أردوغان إلى روسيا، الثلاثاء المقبل، عن التوصل إلى اتفاق جديد حول المنطقة، يخشى الأهالي من أن يكون الاتفاق على حسابهم وحساب مناطقهم، ويسمح لقوات النظام بالتقدم في مدن وبلدات إدلب، وسط تزايد في عدد القتلى والنازحين، إذ وثق فريق “منسقو الاستجابة”، الخميس الماضي، مقتل 1248 مدنيًا، بينهم 332 طفلًا، منذ بدء الحملة العسكرية، في شباط الماضي، إضافة إلى نزوح أكثر من مليون نسمة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :