السويداء – نور نادر
لا تزال الجدة أم عدنان تحافظ على “اللمة” العائلية مع أبنائها وأحفادها، وخاصة في عيد الأم، حين يحضر منسف اللزاقيات التي تصنعه بيدها، بطريقة تعلمتها على يد والدتها، لتقدمها لعائلتها مقطعة وساخنة.
أم عدنان (85 عامًا)، من قرية لاهثة شمالي السويداء، تواظب حتى اليوم على صنع اللزاقيات على الطريقة القديمة، ولكن تقديمها بات محصورًا في المناسبات، بسبب تقدمها في العمر، وصعوبة استخدام الصاج لصناعة الخبز الخاص بتلك الحلوى.
تصف الجدة لعنب بلدي الأكلة التي تصنعها و”تدللها” بالسمن العربي والمكسرات فوق طبقات خبز اللزاقيات، التي كانت تؤكل باليد بانتزاع الطبقات، أما اليوم فصارت تُقطّع وتُسكب في الصحون وتُستخدم الملاعق لأكلها.
ورغم اختلاف طريقة أكل اللزاقيات، لكن قيمتها الشعبية تدفعها للمحافظة على صنعها حتى اليوم، إذ ما زالت تلك الحلوى الشهيرة حاضرة ومتميزة لدى سكان المحافظة الذين ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ويعتبرها الفلاحون الطبق الرئيسي بعد انتهاء مواسم الحصاد.
تصنع حلوى اللزاقيات على ثلاث مراحل، أولاها وضع كميات من السكر والطحين والحليب وبهارات الورص واليانسون أو القرفة ومن ثم الخميرة، وتخلط بشكل جيد حتى تصبح مادة لزجة، وتوضع بوعاء مثقوب لتُصب على الصاج بشكل دائري.
بعد نضوج المادة على الصاج تقلب لتنضج من طرفيها، وبذلك يكون قد حُضّر الخبز الخاص بحلوى “اللزاقيات”.
هيام (49 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال تقول لعنب بلدي، إن أمهات العصر الحالي لا يملكن الصاج ولايقدرن بذلك على إنتاج الخبز الخاص بحلوى اللزاقيات، ولجأن اليوم لاستخدام مقلاة “التيفال” لصناعة الخبز، ولكنه لا يكون بمستوى الخبز الأصلي.
وتضيف السيدة، التي تعمل مدرّسة، “أحاول في اجتماعي مع زملائي المدرسين والمدرسات ابتكار طرق مختلفة كصناعة الخبز المدور على شكل لفائف محشوة بالمكسرات، وأضع المرق والسمن العربي عليها، لتقديمها كضيافة لزملائي”.
السيدة أم مجد، من مدينة السويداء، ما زالت تحافظ على تقديم تلك الحلوى على طريقتها الأصلية على الصاج، لكنها تستبدل بـ”المنسف” الكبير أوعية أصغر لوضعها بداخلها وتقديمها لضيوفها وعائلتها.
بينما تقتضي طريقة التقديم الأصلية وضع الخبز الخاص باللزاقيات في “المنسف”، على شكل طبقات، ويضاف إلى كل طبقة بعض من السكر والسمن ومزيج الحليب والحلاوة، ويترك الخبز قليلًا من الوقت ليتشرب المواد المضافة إليه.
ويتشارك أهالي السويداء مهارة صناعة اللزاقيات مع أهالي جبل لبنان والأردن وفلسطين وجبل الشيخ، على اعتبار أنها مناطق متداخلة جغرافيًا ومتقاربة في الإرث والتقاليد.