ليان الحلبي – حلب
ارتفعت في الأشهر الأخيرة وتيرة الانشقاقات لمقاتلي الأسد على جبهات مدينة حلب، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تشهد أنباء عن تأمين كتائب المعارضة لانشقاق عناصر على خطوط النار بشكل متكرر وملحوظ.
وأعلنت كتائب «أبو عمارة» يوم الجمعة 24 نيسان الجاري تأمين انشقاق 4 عناصر، لتعلن «الفرقة 16 مشاة» بعدها بساعات تأمين انشقاق عنصرين آخرين، كما أعلنت الجبهة الإسلامية في اليوم التالي 25 نيسان تأمين انشقاق عنصرين على جبهة ثكنة هنانو ، ليصبح مجموع المنشقين 8 عناصر خلال 48 ساعة فقط.
وعن أسباب تزايد معدلات الانشقاقات مؤخرًا، أوضح مهنا جفالة، قائد كتائب «أبو عمارة»، «تناقص معدل الانشقاقات لدرجة الانعدام تقريبًا منذ حوالي السنة، وهي الفترة التي استغلها النظام للترويج إعلاميًا لموضوع المصالحات الوطنية وتسوية الأوضاع والعودة لحضن الوطن».
ولكن ما حصل منذ 7 أشهر، وتحديدًا في تشرين الأول من العام الماضي 2014، هو سياسة التعبئة العسكرية وسحب الاحتياط بالقوة للالتحاق بقوات الأسد وزجهم في الجبهات الساخنة، وفق جفالة، الذي أردف في حديثٍ إلى عنب بلدي «ارتد ذلك عكسيًا على النظام لتبدأ حالات الانشقاق بالازدياد وبمعدل كبير وصلت أحيانًا إلى 3 أو 4 عناصر في يوم واحد».
وكان لتحرير مدينة إدلب تأثير كبير أيضًا «فقد أيقن جنود الأسد وشبيحته بأن الأمر قد قارب على الحسم ولو على الأقل في الشمال السوري، ما جعلهم غالبًا يلجؤون إلى الهرب نحو مدن أخرى كلبنان وغيرها، وهؤلاء طبعًا لا علاقة لنا بتأمينهم» أضاف مهنا.
وأفاد المكتب الإعلامي للفرقة 16 بأن الفرقة، ومنذ بدء حملة النظام لسحب الاحتياط في تشرين الأول الماضي، أمنّت أكثر من 19 عنصرًا في جبهات الخالدية والأشرفية وكرم الطراب وبستان الباشا.
وبدوره، يوثق مكتب التنسيق والمتابعة في حلب وريفها، المنشقين المعلن عنهم من قبل الفصائل على مختلف الجبهات، ولكن حالات الانشقاق عن طريق المدنيين لا يمكن توثيقها، ولذا يصعب حصر العدد النهائي.
على الجهة المقابلة، يشكل هاجس الخوف على الأهل في مناطق سيطرة النظام العقبة الأكبر أمام بعض الجنود الذين يفكرون بالانشقاق، إذ يحاولون تأمينهم خارج سوريا قبل حسم أمورهم والتسلل نحو مناطق المعارضة.
بينما كان لـ (أحمد، م)، عنصرٌ منشقٌ عن النظام في أيلول 2013، سببٌ آخر «إنه النظام؛ كان يصور لنا الطرف الآخر على أنه جبهة النصرة القادمة من خارج سوريا لقتلنا، وأنهم سيقطعون رؤوسنا لا محالة إن وقعنا بأيديهم».
وتابع أحمد لعنب بلدي في أسباب انشقاقه عن النظام «رأينا كيف يوضع الإيراني والأفغاني خلف ظهورنا والعلوي والشيعي على خطوط الدفاع والأسلحة الثقيلة، بينما نزج نحن العناصر في وجه المدفع على خطوط التماس الأولى والجبهات الساخنة»، مشيرًا إلى تفاوت الرواتب الكبير بين المقاتلين الأجانب والمجندين العاديين في الجيش.
«إنهم مرتاحون ويشربون المتّة، ونحن مجرد خدم عندهم؛ إذا أردنا الارتياح من الجبهات فلا بدّ أن نكون حجّابًا عند الضباط، نغسل سياراتهم ونوصل أولادهم إلى المدرسة ونؤمن احتياجات منازلهم؛ فكيف بنا ألا ننشق».
يؤمّن المنشق إلى المناطق المحررة ثم يُدرس وضعه من النواحي الأمنية وتُطرح عليه بعض الأسئلة، ثم تصدر الأوراق التي تؤكّد انشقاقه ويترك له حرية الاختيار بين الالتحاق بالجيش الحر أو السفر إلى تركيا، وهو ما أكده مهنا جفالة بالقول «في السابق (قبل 2013) كان أغلب المنشقين ينضمون إلى صفوف القتال مع المعارضة، ولكن الآن أغلبهم يودّ الذهاب إلى تركيا ونحن لا نمنعهم طبعًا ولا نضغط عليهم للانضمام، لأن ذلك -إن حصل- قد يضرّنا أكثر من أن ينفعنا».
يذكر أن المنشقين عن نظام الأسد شكلوا بعد أشهرٍ على الثورة السلمية نواة الجيش الحر، ومن أبرز قادته آنذاك حسين هرموش ورياض الأسعد ليخوض التشكيل معارك كبيرة ضد نظام الأسد؛ لكن المؤسسة بدأت بالتراجع تدريجيًا أمام كتائب مناطقية أو إسلامية تكمل اليوم بالتنسيق مع الحر الطريق في مواجهة النظام.