«البندورة اليوم 60 سنت والخيار 50 سنت»
«الدولار» يلاحق السوريين في لقمة عيشهم
طارق أبو زياد – ريف حلب
يعد الدولار الأمريكي، العملة المسيطرة على أسواق الشمال السوري، لاسيما بعد تراجع سعر صرف الليرة السورية بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
وأدى توقف معظم المعامل السورية إلى ارتفاع نسبة البضائع الواردة إلى الداخل بشكل كبير، ليكون الدولار هو العملة الرئيسية للتعامل الخارجي، وأضحى سعر الصرف قرابة 300 ليرة سورية للدولار الواحد، تزامنًا مع ارتفاع الأسعار وانخفاض في المستوى المعيشي بالمجمل.
وفي استطلاع أجرته عنب بلدي في ريف حلب، أوضح أبو عز الدين، وهو مالك أحد محال الصرافة في مدينة دارة عزة، أن «السبب الرئيسي لارتفاع سعر الدولار يعود إلى انعدام الموارد الاقتصادية، الزراعية منها والصناعية، بشكل شبه كامل، بسبب الحرب المستمرة منذ أعوام».
وأضاف «نقوم بشراء كافة الموارد عن طريق تركيا بالدولار، مما يجعل سعر السلعة مرتبطًا به ارتباطًا وثيقًا»، ونوه إلى أن «التجار وأصحاب رؤوس الأموال يلعبون دورًا واضحًا بالتحكم بسعر الصرف إلا حد ما، بما يخدم مصالحهم».
أبو ثائر الحلبي، وهو مالك دكان لتصليح الأدوات الكهربائية في بلدة أورم الكبرى، تحدث لعنب بلدي عن معاناة السوريين بسبب ارتفاع سعر الدولار «في دكاني كل القطع سعرها بالدولار، ولا يمكننا الاعتماد على الليرة السورية نهائيًا، لأنني أقوم بشراء القطع من تركيا وأدفع ثمنها بالدولار».
والعجيب في الأمر، أن بائع الخضار أصبح يتحدث بالدولار، بحسب (أبو ثائر)، وتابع «البندورة اليوم 60 سنت والخيار 50 سنت.. لم أفهم إلى الآن علاقة الخضار بالدولار»، معتبرًا أن «حجة البعض تكون حاضرة: يشترون بالدولار ويبيعون حسب سعره».
ورأى أبو ثائر أنه «من الأفضل إلغاء الليرة السورية بشكل كامل، والاعتماد على الدولار، لأن الليرة لم يعد لها أي طعم.. حتى الشحاذين أصبحوا يطالبون بالدولار»، حسب تعبيره.
وفي استطلاع لآراء ذوي الاختصاص، اعتبر محمد الحموي، الحاصل على بكالوريوس في الاقتصاد، أن «الدولار ثابت والليرة السورية هي التي تنخفض، والميزان الاقتصادي السوري لا يقف عن التراجع».
ونوه محمد في حديثه لعنب بلدي، إلى أن «نسبة الصادرات حاليًا لا تتعدى 10 % من المستلزمات، وهي في تراجع مستمر بسبب توقف المعامل عن الإنتاج وارتفاع تكلفة الإنتاج بشكل كبير بسبب غلاء المواد الخام وانعدام الكهرباء وانقطاع الطرقات»، وأردف «لا يمكننا الاستغناء عن الليرة السورية، فنظام الأسد لازال يتعامل بها كعملة رئيسية، ونحن نرتبط بالمناطق التي يسطر عليها النظام اقتصاديًا شئنا أم أبينا، فهذا هو الواقع».
ومن جهته رأى أبو نور الدين، وهو تاجر من مدينة الأتارب، أنه يوجد مؤشرات تدلل على انخفاض أو ارتفاع سعر صرف الدولار، «بعد تحرير أي منطقة نلاحظ ارتفاعًا بسعر الصرف ويكون الارتفاع حسب أهمية المنطقة اقتصاديًا، فبعد تحرير مدينة إدلب ارتفع سعر الصرف بنسبة 25 %».
ويعمل نظام الأسد على ضخ كمية من النقد الأجنبي في البنك المركزي كل فترة زمنية قصيرة، ليحاول الحد من انخفاض سعر الليرة، وأضاف أبو نور الدين «يجب على الحكومة المؤقتة أن تقوم بحلول سريعة لهذه الظاهرة عن طريق تفعيل مشاريع صناعية وزراعية في شتى المجالات»، ورأى أنه «وجب الاستغناء عن الليرة السورية بشكل كامل والاعتماد على الليرة التركية فهي ثابتة في وجه الدولار ونحن نقوم بشراء كل احتياجاتنا من تركيا في طبيعة الأحوال».
يعيش السوريون انعدام الاستقرار الاقتصادي منذ بداية الثورة، ويبدو أن هذه الحالة في ازدياد ملحوظ ومستمر، مع استمرار نظام الأسد في حربه ضد المدنيين، وفي وقت تعاني فيه مؤسسات الثورة من الشلل الإنتاجي، واقتصار دورها على الإغاثي والطبي، أو المشاريع الخدمية في أحسن أحوالها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :