ملاذ الزعبي
لست مؤمنًا، لا سجادة صلاة لدي، قبوي الرطب يحمل على كتفيه المدينة، قبضتي اليسرى لا تجيد اللكم ويدي اليمنى أستخدمها لأكل المجدرة. لساني سليط، أنا كاذب ماهر، وفمي لا يعرف النفاق، رأسي مسمار حرية مطعوج والعالم مطرقة استبداد، أهوى الاستماع للشتائم البذيئة والشيخ إمام.. لم يشرح لي صدري أحد، ولا أحدّث بنعمة ربي.
أنا لست عبود سعيد، وأمي العادية ليست كأمّه، أمي محجبة بمانطو، لا هي تملك وشمًا على دقنها، ولا هي تصلح لتمثيل السوريات في الأمم المتحدة. زوجة أخي دلال لا تكترث أني صحافي ولم تطلب مني أن أخط لها ستاتوس، لم يرد اسمي في قائمة أفهم عشرة أشخاص على الفيسبوك، ولم أجرؤ على اقتحام إنستغرام.
لست ناطقًا باسم أحد، ولا أحد ينطق باسمي، والجملة الأخيرة ليست إعلانًا عن فرصة شاغرة، لست من معارضة الكراجات ولا من معارضة الفنادق ولا من معارضة الخنادق، أحب عبد الباسط الساروت الداعشي وأكره اعتدال زهران علوش ومعاذ الخطيب ومنذر خدام.
لا أشجع برشلونة ولا ريـال مدريد، أفضّل تنطيط الكرة الأرضية على قدمي. لا أعرف ماذا يعني اللازورد، ولا أريد أن أعرف. حياتي عادية حد الملل، لم أعبر يومًا إلى الشمال المحرر، هاجرت إلى أوروبا دون مغامرات، لم أخض غمار البحر، لم أمتط بلمًا ولم أضل طريقي في الغابات، لم أختبئ في شاحنة على حدود مقدونيا، وفي مطار أمستردام لم يكترث موظف الجوازات أنني سوري.
أنا الكافكاوي الذي لم يقرأ كافكا، والماركسي الذي لم يقرأ ماركس، والعنفي الذي قرأ تاريخ غاندي، أنا سليل العاديين، لست بدويًا ولا قرباطيًا ولا مسحوقًا ولا مهمشًا ولا مثقفًا ولا نخبويًا، شاهدت أفلام تاركوفسكي ذات مرة ولم أفهمها، ولم أكرر المحاولة. أعشق الكراهية وأمقت الحب، أرتب أحقادي في خزانة قلبي الأسود.. ويومًا ما سأنتقم من العالم.