عنب بلدي – خاص
لا تنتهي معاناة “ضحايا الإرهاب” بمجرد زواله أو القضاء على مسبباته، فما عاشه الناجون من قساوة ومعاناة تبقى في نفوسهم ما لم تتم تلبية احتياجاتهم ودعمهم جسديًا ونفسيًا واجتماعيًا، في برامج طويلة الأمد، تكون الجسر الذي يوصلهم إلى التعافي وإعادة التأهيل والاندماج بالمجتمع من جديد.
يبرز دور مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات النسائية، في مساعدة “ضحايا الإرهاب” من النساء والفتيات على تجاوز ما لحق بهن، والأخذ بأيديهن نحو الشفاء والتعافي وترميم الجروح.
إذ تزيد معاناة الضحايا من النساء والفتيات، اللاتي يتعرضن لانتهاك جديد يمارسه المجتمع المحيط، عندما يعاملن كشريكات وليس كضحايا لما تعرضن له، من أسر واغتصاب وعبودية وضرب وخدمة بالإكراه.
ولا يمكن للضحايا النجاة بأنفسهن وأسرهن دون تلقي الدعم من الاختصاصيين وكذلك المجتمع المحيط، ليتمكنّ من استعادة الثقة بأنفسهن كنساء وأمهات.
رابطة تدعم الناجيات
رابطة “نساء الغد” هي إحدى المؤسسات التي عملت على مساعدة عدد من ضحايا الإرهاب، من خلال تقديم برامج الدعم النفسي، التي ركزت على كيفية تخطي المشاكل التي تواجه النساء والأطفال بجهود السيدات الخبيرات ضمن الرابطة.
وتُعرّف الرابطة عن نفسها بأنها “مجموعة نساء من ذوي الكفاءات العالية تسهم في خدمة المرأة والطفل من خلال مشاريع تنموية تثقيفية، بهدف بناء الإنسان”.
مديرة رابطة “نساء الغد”، نضال حمادي الشيخ، تحدثت لعنب بلدي عن تجربة الرابطة بالتعامل مع ضحايا الإرهاب، من خلال تقديم النصح والدعم النفسي لتجاوز الآثار العميقة التي مررن بها.
وأشارت الشيخ إلى أن رابطة “نساء الغد” تتألف من نساء أكاديميات يعملن بشكل تطوعي وبدعم ذاتي، على دعم قضايا المرأة والطفل، وقد تخصصت بعض برامجها بالعمل على النساء السوريات اللواتي واجهن خطر الإرهاب وكنّ ضحايا له.
غياب الدعم التخصصي المقدم
لا توجد منظمة مجتمع مدني سورية في الوقت الحالي تختص بالتعامل مع ضحايا الإرهاب أو ضحايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، رغم كون سوريا من أكثر البلدان التي تعرضت للإرهاب وعانت منه، وتتركز فيها أعداد كبيرة من ضحايا الإرهاب حول العالم، بحسب الشيخ.
وأوضحت أن الرابطة توجهت لهذه الشريحة عبر تقديم برامج الدعم النفسي، لتكون بمثابة متنفس للسيدات الناجيات، يستطعن من خلاله الحديث عما يدور بداخلهن في محاولة لتخفيف الألم الذي مررن به، والحد من ردود فعله السلبية على حياتهنّ اليومية أو حياة أطفالهنّ.
دراسة احتياجات كل حالة
نضال الشيخ أقرت أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، إذ إنه يحتاج إلى جلسات مطولة وبرامج متخصصة تعتمد على دراسة كل حالة على حدة، لدعم احتياجاتها وحقوقها، يتم الحديث من خلالها معها بشكل مباشر عن هذه الاحتياجات، التي لا تفيها برامج الدعم النفسي المقدمة لوحدها حقها، فالضحايا الناجيات هنّ فئة مستضعفة عانت الكثير ولم تجد من يتابع وضعها ويعمل على حل المشاكل التي تواجهها.
وأوضحت الشيخ أن الرابطة قدمت الدعم لنحو 50 سيدة عبر برامجها، من خلال الاستماع لمشاكلهنّ، وعقد اجتماع دوري بين المتطوعات للبحث في الحلول وكيفية مساعدتهنّ بجهود الخبيرات ضمن الرابطة.
ومن خلال تجربتها في العمل مع الضحايا لاحظت الشيخ أنه من المهم والعملي لتحقيق نتائج إيجابية أن يتم إشراك السيدة في الدورات التعليمية والتأهيلية، وإتاحة الفرصة أمامها بشكل دائم لحضور أكبر عدد من البرامج التي تشغلها وتشعرها أنها غير منسية، وأنها سيدة مهمة وقوية، لكي تستطيع تجاوز التفكير في الماضي ولا تبقى حياتها الراهنة أسيرة لما حدث، كما يجب العمل على محاولة تهيئتها من جديد للاندماج بالمجتمع وفعالياته.
وإلى جانب ذلك، من المهم إقامة برامج ترفيهية خاصة لهؤلاء النساء بإشراف خبراء صحة نفسية، والعمل على رعاية أطفالهنّ بالدرجة الأولى لأن ما يزيد معاناتهنّ والضغوط عليهنّ هو رؤية أطفالهنّ مهملين.
وأكدت الشيخ أن التغذية الراجعة لبرامج الدعم المقدمة يمكن لمسها من خلال رؤية اندماج الضحايا بالمجتمع من جديد، وعودة الثقة بالنفس لهنّ وقوة إرادتهنّ على تخطي ما حدث والعيش بكرامة.