الحلم الكروي يرافق ثلاثة إخوة في اسطنبول

  • 2019/08/18
  • 12:58 ص

مقداد العبدلله، خلال لعبه كحارس مرمى في أكاديمية "الهدف" في إسطنبول (عنب بلدي)

محمد الريس – برنامج “مارِس” التدريبي

يبلغ أكبرهم 15 عامًا، يعملون ثلاثة أيام أسبوعيًا في سوق الخضار من أجل أن يعيلوا أسرتهم المكونة من تسعة أفراد، وبعد 15 ساعة من العمل المتواصل يحصل كل منهم على ثلاثين ليرة يوميًا (أقل من ستة دولارات).

يبيع مقتدى ومقداد ومثنى العبد الله الخضار والفواكه الطازجة في الصباح، ثم يعودون مساءً حاملين بقايا الخضار، الفاسد معظمه، ليأكلوه مرغمين، فطعامهم البديل هو الهواء.

العمل الشاق لم يمنع الإخوة الثلاثة من أن يمارسوا عشقهم، وهو رياضة كرة القدم، إذ يلتزمون بتدريبات يقوم بها مقتدى (15 عامًا) ومثنى (12 عامًا) في أكاديمية تتبع لبلدية اسطنبول، بينما يمارسها مقداد (13 عامًا) في أكاديمية “الهدف”.

يقول الوالد، أحمد خير العبد الله (50 عامًا)، لعنب بلدي، إن حب أبنائه لكرة القدم بدأ منذ طفولتهم المبكرة، حين كان يتابع رياضة كرة القدم باستمرار، “ورثوا هذه العادة مني، حتى صرت أعرف أخبار الأندية ونتائج المباريات ومستجدات سوق الانتقالات منهم”.

يصف الوالد حياة العائلة قبل انتقالها إلى تركيا، “كان أولادي يذهبون إلى المدرسة ويشاركون في تدريبات نادي الجزيرة بمحافظة الحسكة التي ننحدر منها، لكن معاناتنا بدأت عند غياب الأمان هناك”.

تضرر منزل العائلة في محافظة الحسكة جراء الحرب الدائرة هناك، فباع الأب ممتلكاته من أجل أن يقطع الحدود إلى تركيا، “لنعيش حياة بعيدة عن القصف والاشتباكات”، يقول لعنب بلدي.

لكن معاناة العائلة استمرت في مكان الإقامة الجديد، بحسب الأب، فأولاده الآن محرومون من المدرسة، فهم لم يحصلوا على أي مساعدات، “باستثناء كرتونة مساعدات من الوقف التركي”، مضيفًا، “يعمل أولادي في بازار الخضار، بينما يلتزمون في الأيام الأخرى بالتمرينات الرياضية”.

يتحدث أحمد أبو علم (مدير ومدرب في “أكاديمية الهدف”) عن موهبة مقداد، الأخ الأوسط الذي يلعب كحارس مرمى، ويقول إنه تدرب في سوريا على أيدي مدربي حراس مرمى كبار، أمثال نافع عبد القادر، وعندما جاء إلى تركيا تابع موهبته وصقلها، “فهو لاعب موهوب وعاشق للتمرينات”.

وبحسب المدرب، فإن عدة أندية تركية طلبت اللاعب الشاب، لكن مقداد لا يستطيع أن يلعب لصالح أندية تركية، بسبب قرارات تحظر قبول اللاعبين الداخلين إلى البلاد بطرق غير شرعية، ويتابع متأسفًا، “لدينا في الأكاديمية مواهب، ولكنها مدفونة للأسف بسبب هذا القرار”.

ويتابع المدرّب أحمد أبو علم، “تركيا قدمت تسهيلات كبيرة للسوريين وخاصة فيما يتعلق بالجانب الدراسي، بينما ما زالت هنالك عوائق في الجانب الرياضي”.

ويضرب مثالًا الاتحادات الأردني واللبناني والمصري، “يعاملون اللاعب السوري معاملة اللاعب المحلي ولا يعتبرونه لاعبًا أجنبيًا، وكنا نتمنى من الاتحاد التركي أن يفعل الشيء ذاته”.

ويتابع المدرب بثقة، “إذا توصلنا إلى حل بخصوص اللاعبين السوريين الذين لم يدخلوا إلى تركيا بطريقة نظامية فسنجد هؤلاء اللاعبين خلال سنوات قليلة في أندية الدرجة الأولى والثانية للدوري التركي”.

وكانت الحكومة التركية اتخذت إجراءات على مستوى فردي فيما يخصّ لاعبين سوريين ناشئين، كما حصل مع الطفل آدم متين، الذي مُنح الجنسية التركية لضمّه إلى منتخب تركيا للناشئين، بعد أن أثارت موهبته إعجاب رئيس نادي “أصلان غوجو” التركي في مدينة اسطنبول.

حصد آدم لقب “ميسي الجديد”، ولقي إشادة من رئيس اتحاد كرة القدم التركي، يلدريم دميرأوران، لكن مقدادًا وأخويه، وغيرهم من عشاق كرة القدم السوريين في تركيا، ما زالوا يصدمون بالعوائق القانونية التي تحول دون تحقيق أحلامهم.

يحلم مقداد أن يكون واحدًا من لاعبي نادي برشلونة الإسباني عندما يكبر، متخذًا من حارسهم الدولي الألماني، تير شتيغن، قدوة له.

ولدى والده ذات الحلم، إذ يتمنى أن يتدرج أولاده الثلاثة في الملاعب التركية، وصولًا إلى مرحلة الاحتراف، على أمل أن يتأهل أحدهم للوصول إلى الدوري الإسباني في يوم ما.

مقالات متعلقة

منصة المتدربين

المزيد من منصة المتدربين