محمد عبدالستار إبراهيم
في سابقةً هي الأولى والأبشع من نوعها، غرق أكثر من 700 إنسان في قاع البحر الأبيض المتوسط، فكانوا وليمة دسمة للأسماك والحيتان.
عند تفاقم الأوضاع في سوريا، وصعوبة البقاء فيها لأسباب أمنية ومعيشية، وبسبب صعوبة ظروف اللجوء في الجوار، اتخذَ السوريون البحر مسلكًا ودربًا لهم للذهاب إلى أوروبا، ليعود ذاك الحلم القديم «الهجرة إلى أوروبا والحصول على الإقامة أو الزواج من أوروبية ومن ثم الحصول على الجنسية».
مازال الكثير من أبناء شعبنا السوري، وأبناء شرقنا الأوسط، يعتقدون أن أوروبا هي كما يرونها في الأفلام، الشقراوات بالانتظار والإقامات في المتناول والأموال تفترش الشوارع والأرصفة.
عندما اشتدت الظروف على الشباب السوري بدأ السماسرة والمهربون وأصحاب النفوس المريضة باستغلال حاجات البشر، متخذين من قلة الوعي عند الناس سلاحًا ليلعبوا بعقولهم، مصورين لهم البحر جسرًا للعبور إلى أوروبا لتحقيق الأحلام الوردية، ويتلقون مقابل ذلك أموالًا طائلة، لتصبح تجارة علنية مربحة جدًا، فأصبحنا كل يوم نسمع فاجعة جديدة حول غرق الناس في البحار بعدَ مخاطر جسيمة سبقت الغرق كفيلمً للرعب تمامًا، وحتى يتم وضع حّد لهذه الظاهرة المؤلمة قامت الكثير من منظمات المجتمع المدني والإعلام الحُر بتسليط الضوء على هذا الأمر كنوع من نشر الوعي بين الناس ليتجنبوا هذا القدر ولكن دون جدوى.
في نفس الوقت الذي يتحمل فيه السماسرة والمهربون وضِعاف النفوس المسؤولية حول موت هؤلاء الناس، يتحمل الضحايا أيضًا المسؤولية، فقبل أن يتخذوا قرار الهجرة بحرًا عليهم أن يدركوا المخاطر التي تنتظرهم، ويدفعون مقابلها أموالًا طائلة، لينطبق عليهم المثل القائل «هو الي جنى على روحو»!
ولو نظرنا إلى الأمر من الناحية الشرعية فإن الدين الحنيف يحرم الانتحار، فمن يقدم على مثل هذه الخطوة وهو يدرك النهاية البائسة فقد انتحر والله أعلم!
غير أن الذين يسافرون عبر البحار يتحججون بالظروف المادية والمعيشية وفي نفس الوقت يدفعون مبالغ تصل من 7 ألاف دولار إلى 15 ألف دولار لهذه الرحلة اللعينة.
إنه من المؤسف حقًا ارتفاع نسبة التدني في الوعي لدى الناس، ولا يسعنا إلا أن نترحم على ضحايا البحر ونتمنى أن يعي الناس ويدركوا مخاطر ما يقدمون عليه.
الرحمة لهم والنور لعقول من تبقى.