خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
ثورتهم شفاءٌ للنّاس
بعض الثوّار كالنّحل يشربون من رحيق أزهار الثّورة المتنوّعة الألوان والرّوائح والمذاقات ثمّ يُخرجون من ذلك الاختلاف وتلك الخصوصيات عسلاً صافيًا فيه شفاءٌ للناس، جميع الناس، أناس خارج حدودهم، أناس مختلفون معهم، لقد حوّلوا جرحهم إلى حكمةٍ إنسانيةٍ وخبرتهم إلى علمٍ فأصبح عالميًا. والبعض الآخر أخرج من بين قذارة الواقع والدماء المسفوكة والآلام لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين، ومرّة أخرى جميع الشّاربين لأنهّم اقتحموا عقبة الوطن إلى المواطن ومن ثمّ اقتحموا عقبة المواطن إلى الإنسان، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وبشّر الصّابرين
هل قلّ عدد أصدقائك في الثورة فهم بين معتقل وشهيد ومهجر وملاحق؟ لم تأت الثّورة بثمارها كما توقعت فالانتصار تأخّر والنظام لم يسقط؟ قلّت المعونات وازداد الفقر والجوع والتشرّد والخراب؟ هل ازداد بطش النّظام مع قلة عدد الثوّار والنّاشطين وازداد معه الخوف؟ هل حدث ذلك كلّه؟ إذًا لتعلم أن هذا زمن الصّابرين وقافلة المهديين الذين يصلّي عليهم الله وملائكته ليُخرجهم من الظّلمات إلى النّور، وذلك معنى الحياة ومغزاها الذي يصغر معه الانتصار والغلبة. يقول الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (سورة البقرة، 155-157).
الموعظة الحسنة
إذا كان خُلُقك اللّوم وتأنيب النّاس على تقصيرهم فإنهم سيزهدون فيك ويتركونك لوحدك، قد تقول لي الله هو حسبي، سأقول لك لَم يشكر الله مَن لَم يشكر النّاس، ومن لم يشكر الله والنّاس تجمّد وحُرم الزّيادة. يقول الله تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (سورة إبراهيم ،7)
وأنا من الضّالّين
ليست المشكلة أبدًا في اقتراف الخطأ، بل في التبرير وعدم الاعتراف به. الكذب والتدليس هما المشكلة ولامساومة على الصدق. قال موسى على رؤوس الأشهاد عندما اتهمه فرعون بجريمة كان من السّهل جداً التملص منها: { قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ } (سورة الشعراء، 20)