أسامة شماشان – الحراك السّلمي السّوري
كان عنه مسؤولًا
لنقرأ قوله تعالى {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} (سورة الصافات، 102). في بداية الآية “أرى” تعني أبصر، أما “ترى” الثانية فهي من الرأي وليس من الرؤية، أو قل هي من الرؤية الفؤادية، وليس من الرؤية البصرية، ولو كان معنى ترى بمعنى تبصر لوجب أن يكون جواب إسماعيل: إني أراك تحمل سكينًا! وأما الرؤية في فعل “رأى” فهي ما ينتج عن عمليتي النظر والبصر، ولكن لما كان النظر والبصر ماديًا حقيقيًا من جانب، مجازيًا معنويًا من جانب، فقد جاءت الرؤية ذات وجهين: عينية وفؤادية.
ونلاحظ أن الرؤية العينية تقتضي وجود الناظر المبصر خارج الشيء أو الحدث المرئي، أما الرؤية الفؤادية فتستوجب وجوده داخله، فأما في الرؤية العينية نقرأ قوله تعالى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} (سورة البقرة، 55).
وأما في الرؤية الفؤادية فنقرأ قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ} (سورة الحج، 18). وقوله تعالى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (سورة النجم، 11). وقد تجتمع الرؤية العينية والرؤية الفؤادية في آية واحدة كما في قوله تعالى {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (سورة البقرة، 165).
إذًا فإن كل المعلومات التي يحصلها الإنسان في حياته تأتي عن طريق السمع والبصر والفؤاد، طبقًا لقوله تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة النحل، 178).
لذلك سوف يسألنا الله جل جلاله عن مصادر معلوماتنا التي زودنا بها وهي {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} (سورة الإسراء، 36).