إدلب – شادية التعتاع
“كان كتف الطفل عالقًا، وبدا واضحًا أن الأم قد أنهكها التعب، لكني لم أكن أملك سوى معداتي البسيطة لإتمام عملية الولادة”، تستذكر القابلة القانونية في مخيم أطمة، ضحوك عبد الله الهكا، تفاصيل “واحدة من أصعب الولادات التي شهدتها في المخيم”.
تتابع ضحوك، “استجمعت قوتي واستطعت أخيرًا أن أسحب المولود بخير. لكن حالة التوتر التي انتابتني تتكرر حين تحدث مشاكل مشابهة خلال الولادات في المخيم، خاصة إذا تعذر نقل المرأة إلى المستشفى لأسباب خارجة عن إرادتنا”.
تقدر القابلة القانونية نسبة الولادات الطبيعية التي شهدتها في مخيمات الشمال السوري بـ 70%، تتم في الغالب داخل المخيم، بينما تجرى عمليات الولادة القيصرية في المستشفيات العامة أو الخاصة.
ويعد الحمل والولادة، من أصعب التحديات التي تواجه النساء النازحات في ريف إدلب، لتضاف إلى تحديات أخرى كثيرة، كانعدام الخصوصية، وعدم توفر المرافق الصحية، إذ تضم عائلة من كل ثلاث عائلات نازحة في ريف إدلب امرأة حاملًا، بحسب تقرير نشرته منظمة “world vision” الأمريكية، 1 من تموز الماضي، كما يوجد في 51% من هذه العائلات، طفل رضيع وامرأة مرضعة.
“مخاض عسير”
تقول القابلة ضحوك لعنب بلدي، “هناك الكثير من الصعوبات التي قد تواجهها المرأة في أثناء الولادة، من بينها قلة المراكز المتخصصة، كما تحدث بعض حالات الولادة بعد منتصف الليل، وهذا يحتاج إلى وجود سيارات مجهزة لمثل تلك الحالات”.
رهام الخليف، سيدة نزحت إثر الحملة العسكرية الأخيرة على بلدتها، قلعة المضيق، إلى مخيم كفر لوسين شمالي إدلب، وكانت حينها في الشهر السادس من حملها، فاضطرت بعد ثلاثة أشهر إلى مواجهة أزمة الولادة في المخيم.
تقول رهام لعنب بلدي، “عند اقتراب موعد ولادتي قصدنا أحد المشافي العامة القريبة من مخيمنا. رفضوا استقبالي بحجة عدم وجود أماكن شاغرة، ما أجبرني على مغادرة المشفى”.
لجأت رهام بعد ذلك مجبرة إلى مشفى خاص حيث وضعت طفلها الثاني، بعد أن اضطرت عائلتها لدفع مبلغ مقابل الولادة.
وبينما تمكنت رهام من إتمام عملية الولادة في مشفى، يؤكد تقرير “world vision”، أن بعض النساء في مخيمات إدلب يلدن تحت الأشجار، دون أدنى رعاية صحية.
مخاطر ترافق الولادة في المخيم
تعد الولادة على يد قابلة قانونية داخل المخيم حلًا مناسبًا لقسم كبير من النازحات، لكنها تترافق بمخاطر على الأم والجنين، وهو ما تؤكده الطبيبة النسائية، منى خطاب، العاملة في مستشفى “Hand in Hand”، في بلدة أطمة شمالي إدلب.
وتضيف خطاب في حديث لعنب بلدي، “تتعرض بعض النساء لمضاعفات خطيرة في أثناء ولادتهن في المخيمات، ومنها النزيف الشديد الذي لا تستطيع القابلة القانونية السيطرة عليه، وقد يؤدي إلى وفاة الأم بالإضافة إلى تلوث الدم بسبب عدم وجود مكان معقم ضمن المخيم”.
أما الجنين، “فقد يتعرض لإعاقة دائمة بسبب التعثر في أثناء الولادة، ما يجعل الولادة في المستشفى أسلم لحياة الأم وصحة جنينها”.
وتقول دلال الطاهر، إحدى متطوعات الدفاع المدني في “المخيم القطري” في قرية كفر لوسين، شمالي إدلب، إنها شهدت حالات ولادة صعبة “تعرض على إثرها الأطفال لمضاعفات صحية خطيرة”.
وتتابع، “يفتقر المخيم للكوادر الطبية المتخصصة، إذ يبعد أقرب مشفى أكثر من ثلاثة كيلومترات، ومعظم الأهالي لا يملكون مواصلات أو أجورها لإسعاف أطفالهم عند الضرورة”.
وتحذر منظمة “World Vision” من الخطر الذي قد يحيط بالأطفال حديثي الولادة، لافتةً إلى أن منهم من يقضي أيامه الأولى دون حماية، كما تبدي المنظمة قلقًا من صعوبة تأمين الرعاية الصحية للنساء والأطفال، مع استمرار القصف والنزوح في الشمال السوري.