إعادة هيكلة أم مواجهة.. خيارات “قسد” أمام المنطقة الآمنة

  • 2019/08/11
  • 9:52 ص
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية يقفون معًا بالقرب من باغوز في دير الزور- 11 من شباط 2019 (رويترز)

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية يقفون معًا بالقرب من باغوز في دير الزور- 11 من شباط 2019 (رويترز)

عنب بلدي – خاص

في ظل اتفاق تركي- أمريكي يقابله تهديد من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، تتسارع وتيرة الأحداث والتصريحات المتعلقة بإنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا (شرق الفرات)، وهي ما أطلقت تركيا عليها مسمى “ممر سلام”.

على مدى ثلاثة أيام من اجتماعات بين وفد عسكري أمريكي ومسؤولين أتراك، الأسبوع الماضي، اتفق الجانبان على إنشاء مركز عمليات مشترك في أقرب وقت ممكن في تركيا، بهدف إنشاء وتنسيق وإدارة المنطقة الآمنة، بحسب ما أعلنت السفارة الأمريكية في أنقرة عبر موقعها الرسمي في 7 من آب.

ولم تتضح بعد آلية إدارة المنطقة وعمقها، إذ تريد تركيا أن تكون المنطقة بعمق 32 كيلومترًا من الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية، وتولّي السيطرة عليها، وإخراج المقاتلين الكرد منها، بينما تريد واشنطن أن تكون المنطقة بعمق خمسة كيلومترات دون دخول القوات التركية أو المدعومة منها، لكن الاتفاق أكد “تنفيذ التدابير الأولى بشكل عاجل، لإزالة مخاوف تركيا الأمنية على حدودها الجنوبية مع سوريا”، بحسب بيان السفارة الأمريكية.

خيار الحرب

وفي ظل التهديدات التركية بشن عملية عسكرية في المنطقة، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يرضي أنقرة، تتجه الأنظار إلى القوات الكردية في المنطقة والخيارات المتاحة أمامها في حال تم الاتفاق على حسابها.

شُكلت “قوات سوريا الديمقراطية” في تشرين الأول 2015، وهي الذراع العسكرية للإدارة الذاتية المعلنة شمال شرقي سوريا، وعمادها “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، وهي مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.

الخيار الأول للقوات هو المواجهة العسكرية والقتال، وهو ما تؤكده تصريحات من مسؤولين كرد عندما هددوا بتحويل المنطقة إلى “ساحة حرب” في حال الهجوم التركي، إذ قال القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي (كوباني)، في مقابلة مع صحيفة “يني أوزغور بوليتيكا”  الكردية الصادرة في هولندا، في 20 من تموز الماضي، إن أي هجوم تركي على أي منطقة من مناطق سيطرة “قسد” سيتسبب بـ“حرب كبيرة”، وسيحول المنطقة الممتدة من منبج إلى المالكية (ديرك) إلى جبهة معارك واسعة.

وأكد القيادي الكردي أن “قسد” أخبرت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بأن هجوم تركيا سيحول المنطقة الحدودية على امتداد 600 كيلومتر إلى ساحة حرب، وهذا يعني نشوب حرب داخلية ثانية في سوريا.

في حين حذر المستشار في “الإدارة الذاتية”، بدران جيا كرد، في تصريح لوكالة “رويترز”، في 7 من نيسان، من اشتعال “حرب كبيرة” في حال فشلت الولايات المتحدة بوقف الهجوم الذي تخطط له تركيا بمناطق شرق الفرات.

تلويح بعودة التنظيم

الخيار الثاني هو ربط “قسد” العملية العسكرية التركية بعودة تنظيم “الدولة الإسلامية”، إذ هددت في أكثر من موقع بسحب قواتها من مناطق وجود خلايا التنظيم، في دير الزور والرقة، الأمر الذي يدفع التنظيم للعودة إلى الساحة مجددًا.

وهدد عبدي بسحب القوات من الرقة ودير الزور إلى المناطق الحدودية، في حال هجوم تركيا، ما يعني توقف الحرب ضد تنظيم “الدولة” وإعطائه دفعًا لاستجماع قوته، في حين اعتبر جيا كرد أن هجوم تركيا سيتسبب في فوضى يمكن أن يستغلها مقاتلو تنظيم “الدولة” للظهور مجددًا، مؤكدًا أنه “في حال وقوع هجوم على المنطقة سيكون على معظم القوات الكردية الانتشار على الحدود مع تركيا، وهو ما سيمنعها من مطاردة خلايا تنظيم الدولة النائمة، أو حراسة آلاف السجناء من التنظيم.

باب مفتوح إلى دمشق؟

الخيار الثالث أمام “قسد” هو التوجه إلى التفاهم مع النظام السوري، على غرار مع حدث إبان التدخل التركي في مدينة عفرين، في آذار 2018، عندما ناشدت “الإدارة الذاتية” النظام للدفاع عن المدينة، إضافة إلى مفاوضات جرت عقب إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من شرقي سوريا، أواخر العام الماضي، وعندها جرت لقاءات تفاوضية بين القوات والنظام برعاية روسية.

وطلب النظام آنذاك تسلمه كل مناطق الشمال مقابل منع أي اجتياح تركي للمنطقة، وأكد ضرورة استعادة ما أسماه بـ “السيادة الوطنية” على الشمال، وعودة سلطة النظام الإدارية والأمنية والعسكرية إلى المناطق الحدودية مع تركيا، لكن “الإدارة الذاتية” رفضت شروط النظام.

في حين أكد القائد العام لـ “قسد” أن المحادثات مع النظام مستمرة، والعلاقات لم تنقطع، مشيرًا إلى أن المشكلة مع دمشق ولا علاقة لأمريكا بها، إذ إن النظام ليس مستعدًا للحل بعد، والوضع في شرق الفرات مختلف عن بقية المناطق (التي شهدت مصالحات)، مجددًا شروط “قسد” للحوار، وفي مقدمتها قبولها وقيام حكومة ذاتية في المنطقة.

هذا الخيار يبدو واضحًا لدى النظام السوري، الذي استبق أي تدخل تركي بتحميل مسؤولية الاتفاق لـ “قسد” مطالبًا إياها بالعودة إلى السلطة المركزية، فبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، قال مصدر في وزارة الخارجية، الخميس 8 من آب، إن “بعض الأطراف السورية من المواطنين الكرد التي ارتضت لنفسها أن تكون أداة في هذا المشروع العدواني الأمريكي التركي، تتحمل مسؤولية تاريخية في هذا الوضع الناشئ”.

واعتبر المصدر أنه حان الوقت لمراجعة “قسد” حساباتها والعودة إلى الحاضنة الوطنية.

إعادة هيكلة “قسد”

من جهته، ربط الباحث في الشأن الكردي، بدر ملا رشيد، بين الوجود الأمريكي ومصير المنطقة، واعتبر أنه في حال انسحاب القوات الأمريكية ستنحسر سيطرة “الوحدات” وسيعود النظام السوري للسيطرة على بعض المناطق في دير الزور والرقة وجزء من الطبقة.

وأضاف ملا رشيد، في حديث إلى عنب بلدي، أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور تنظيمات كتنظيم “الدولة الإسلامية” أو تنظيم أكثر تطرفًا، إضافة إلى عودة ظهور الفصائل المقاتلة التي قد تكون تابعة للمجالس العسكرية في الرقة أو دير الزور.

أما في حال تفعيل الاتفاق التركي- الأمريكي، فالمنطقة أمام عدة سيناريوهات، بحسب ملا رشيد، أهمها إنهاء وجود “الوحدات”، وليس بالضرورة إنهاء “قسد”، عبر تشكيل مجالس عسكرية محلية في المدن يمكن التعاون معها مستقبلًا كجزء من المنظومة الخارجة عن سيطرة النظام وروسيا.

وكانت “قسد” بدأت منذ بداية العام الحالي تشكيل مجالس عسكرية في كل من تل أبيض وكوباني والطبقة والرقة، ويتألف كل مجلس من قيادات محلية وقادة للألوية وقادة للأفواج إلى جانب مسؤولي المكاتب العسكرية بالمنطقة، ومن بين أهداف هذه المجالس توحيد جميع القوات العسكرية والأمنية تحت مظلتها.

وأكد مظلوم عبدي، في حزيران الماضي، أن عملية إعادة هيكلة “قسد” تتجلى في تشكيل مجالس عسكرية في المناطق التي تم طرد تنظيم “الدولة” منها.

وأبدى المسؤول الكردي حينها استعداد قواته للتعاون مع جميع الأطراف الفاعلة في ملف الحل السياسي للأزمة السورية، بما فيها النظام وتركيا، مؤكدًا سعيها لحل القضايا عن طريق الحوار بعيدًا عن الحرب.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا