صيدليات درعا.. بائعون دون اختصاص ورقابة غائبة
درعا – حليم محمد
كادت بعض الصيدليات في محافظة درعا أن تتحول إلى متاجر بيع، لا يهم اختصاص العاملين فيها ولا الشهادات التي يحملونها، حتى أصبحت السمة الغالبة على تلك الصيدليات هي البيع بأسعار متفاوتة أشبه بالمتاجر الغذائية، وسط غياب الرقيب الحكومي الصحي.
بشهادة أهالي محافظة درعا وبعض الأطباء العاملين فيها، أصبح بيع الأدوية، خلال الأعوام الماضية، مجالًا اقتصاديًا يحقق الأرباح للقائمين على الصيدليات دون امتلاكهم إجازات جامعية، ما قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على المرضى، حسبما قال طبيب في مدينة درعا لعنب بلدي.
ويشير الطبيب، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إلى أنه من الناحية الطبية يشكل عدم حصول القائم بأعمال الصيدلية على الشهادة الطبية خطورة كبيرة قد تصل إلى موت المريض أو حصول مضاعفات جانبية.
وأضاف أن مهمة شرح الوصفة الطبية وكيفية تعاطيها تقع على عاتق الصيدلاني، الذي من المفترض أنه درس علم الصيدلة مدة خمس سنوات جامعية واكتسب خبرة عملية بعدها، ليكون على علم ودراية بالتراكيب الدوائية.
واعتبر الطبيب، المتخصص في الأمراض الداخلية، أن ظاهرة عدم حصول القائمين على الصيدليات في درعا على شهادات جامعية تتبعها خبرة، تدفع بالأطباء إلى تقديم شرح تفصيلي للمريض عن كيفية تناول الأدوية، وأحيانًا قد يصل الأمر إلى الطلب من المريض إحضار الدواء للتأكد منه وشرح كيفية تناوله وذكر الأعراض الجانبية، وفق ما قال الطبيب، مضيفًا أن عمل الصيادلة يوازي عمل الأطباء ولا يقل أهمية عنه.
وتابع، “قد تصل تجاوزت الصيادلة أحيانًا إلى وصف الأدوية دون الرجوع إلى الطبيب، حيث يلجأ إليهم المرضى كي يوفروا على أنفسهم دفع أجرة معاينة الأطباء”.
يروي سامي الحوراني (35 عامًا)، حادثة حصلت مع أحد أصدقائه المقربين، ويقول إن صديقًا له مصابًا بحساسية دوائية مزمنة ذهب إلى صيدلية ليشتري دواء دون الرجوع إلى الطبيب، وبعد حصوله على حقنة عضلية تأزمت حالته الصحية وأسعف مباشرة إلى عيادة طبيب.
ويضيف سامي، وهو مهجر من المنطقة الشرقية، أن الطبيب قال لصديقه إنه كان عليه إجراء اختبار طبي قبل أن يأخذ هذه النوعية من الأدوية، الأمر الذي لم ينبهه إليه الصيدلاني.
الأسعار مزاجية
غالبًا لا يلتزم بائعو الأدوية بالتسعيرة النظامية المسجلة على علبة الدواء، إذ يعملون على شطب الأسعار ويسجلون أسعارًا تحقق لهم أرباحًا إضافية.
عبد الكريم الأحمد، أحد سكان منطقة مزيريب، يقول لعنب بلدي، “يختلف سعر الدواء من صيدلية إلى أخرى وهناك فارق كبير بين تسعيرة الدواء المسجلة على العلبة وبين السعر المباع فيه، وأحيانًا نفس الدواء نأخذه بسعر مختلف من صيدلية إلى أخرى”.
ويضيف عبد الكريم (40 عامًا)، “يعتبر الدواء حاجة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها أو حتى التأخر في شرائه، لذلك يستغل مالكو الصيدليات حاجة الناس لشراء الأدوية فيرفعون أسعارها بما يتناسب مع أرباحهم، في ظل غياب واضح لرقابة مديرية الصحة في درعا”.
أما أحمد المفلح، ممرض من منطقة الجيدور في ريف درعا الشمالي الغربي، فيرى أن الصيدليات تحولت إلى مشاريع تجارية هدفها الربح في ظل مخالفة واضحة لتسعيرة الأدوية، وأضاف لعنب بلدي أنها أصبحت تشبه إلى حد ما المتاجر الغذائية لكنها مخصصة لبيع الأدوية، على حد قوله.
وقال الممرض إن “عشوائية” العمل بالصيدليات وضعف الرقابة والمتابعة من قبل مديرية الصحة وسعي مالك الصيدلية لتحقيق الأرباح، قد يدفع البائعين إلى بيع أدوية منتهية الصلاحية، إما عن “جهل” نتيجة نقص الخبرة الطبية، أو بـ “الغش” بهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح.
وتشهد قطاعات عدة في محافظة درعا غيابًا للرقابة بالإضافة إلى الفلتان الأمني، بسبب تبدل خارطة السيطرة، منذ آب 2018، حين استرد النظام السوري المحافظة من فصائل المعارضة خلال حملة عسكرية على المنطقة، حيث يواجه النظام صعوبات كبيرة في إعادة تنظيم المفاصل الحياتية للسكان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :