وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” موجة نزوح جديدة من محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي البلاد، هي الأضخم منذ عام 2014.
وأشار تقرير للمنظمة صدر أمس، الجمعة 9 من آب، إلى أن ما يزيد على 40 ألف شاب نزحوا أو هاجروا من محافظتي درعا والقنيطرة منذ بداية عام 2019 حتى 7 من آب الحالي.
ولفت التقرير إلى أن نحو 10 إلى 20 شخصًا على الأقل يُغادرون المحافظتين يوميًا، نظرًا لتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية، وخوف الشباب من التجنيد الإلزامي، وانتهاء مهلة “اتفاق التسوية” دون حلول.
وبحسب شهود عيان التقتهم المنظمة فإنه من المرجح أن تكون عمليات الهجرة في الجنوب السوري “منظمة”، ويقف وراءها النظام السوري، بهدف تفريغ هذه المناطق من الشباب والنخب، إلى جانب ما يتم من عمليات اعتقال لمن لديهم لوائح أمنية.
ابتزاز مادي واعتقالات
ويتعرض الشبان خلال رحلة تهريبهم لجميع أصناف الابتزاز، من الاستغلال المادي عبر دفع مبالغ مالية كبيرة قد تتجاوز الـ 3000 دولار أمريكي، إلى خطر التسليم للأجهزة السورية، من خلال ضباط تابعين لها ومتورطين في شبكات التهريب.
إذ يدير ضباط برتب مختلفة أغلب عمليات التهريب، عبر نقل الشبان الراغبين بالهجرة بسياراتهم العسكرية، من درعا إلى إدلب بمهمات أمنية، وفقًا للعديد من الشهادات التي حصلت عليها المنظمة، والتي أكدت وجود نحو 20 مهربًا ينتمون لشبكات كبيرة ومنظمة في الجنوب السوري.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه الباحث الميداني لدى المنظمة شمل نحو 50 شابًا في الجنوب السوري، حول مدى رضاهم عن واقعهم الأمني والمعيشي ورغبتهم في الهجرة، أن 46 شابًا من المستطلعة آراؤهم عبروا عن عدم رضاهم عن معيشتهم ورغبتهم بالهجرة خارج البلاد لعيش حياة أفضل، لكنهم أشاروا إلى أن ما يحول دون ذلك هو خطورة طريق التهريب، وتكلفته المادية المرتفعة، إلى جانب شيوع حالات الخطف والابتزاز.
طرق التهريب
ويسلك أبناء الجنوب السوري طريقين للهروب هما: طريق إدلب- تركيا وهو الأكثر خطورة وتكلفة، إذ إنها قد تصل إلى ما يقارب 3000 دولار أمريكي، وطريق حمص- لبنان الذي يكلف 1200- 1400 دولار.
ووثقت المنظمة في تقريرها اعتقال الكثير من الشبان خلال رحلة هروبهم واختفاء أي أثر عنهم، إذ اعتقل النظام مطلع شهر تشرين الثاني الماضي 12 شابًا من مدينة الحارة، من خلال كمين نصبه لهم حاجز يتبع لفرع الأمن العسكري بالقرب من مدينة زمرين، شمالي غربي درعا.
كما تعرض سبعة شبان للاعتقال من قبل النظام يوم 19 من حزيران 2018، عندما كانوا في طريقهم من درعا إلى الشمال السوري، ولا يزال مصيرهم مجهولًا.
اتفاقيات تسوية
وتمكنت قوات الأسد والحليف الروسي من السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة، في تموز الماضي، بموجب اتفاقيات تسوية، بعد أيام من قصف وتعزيزات عسكرية.
وشهدت محافظة درعا عدة تطورات بارزة عقب اتفاق التسوية الخاص بها، على رأسها الاعتقالات التي نفذتها أفرع النظام الأمنية ضد عناصر عملوا مع المعارضة سابقًا.
وتم التوصل إلى اتفاق التسوية في درعا عقب حملة عسكرية تلت سيطرة النظام على محيط دمشق وريف حمص الشمالي بتسويات عملت روسيا على تمريرها، وتسببت الحملة حينها بنزوح 234 ألف شخص من المحافظة، وفق إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في 11 من تموز 2018، ووضعت فصائل المعارضة أمام خيار تسوية أوضاعهم أو التهجير نحو الجيب الأخير للمعارضة في إدلب.
وتركزت بنود الاتفاق الذي أُقر، يوم 6 من تموز 2018، برعاية روسيا، على تسليم المعابر الحدودية للقوات الحكومية، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط من الفصائل العسكرية إلى النظام، ودخول مؤسسات الدولة إلى المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام سابقًا وعودة الموظفين إلى أعمالهم، إضافة إلى تسوية أوضاع المسلحين والمطلوبين من أبناء المحافظة، وإعطاء مهلة ستة أشهر لمستحقي الالتحاق بالخدمة الإلزامية، ووقف عمليات الاعتقالات والملاحقات الأمنية والإفراج عن المعتقلين.
لكن معظم بنود الاتفاق المتعلقة بمصالح سكان درعا لم تُنفذ من قبل النظام بعد مرور عام على توقيع الاتفاق، خاصة ما يتعلق بخروج المعتقلين وتسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين وإيقاف الملاحقات والبلاغات الأمنية بحق أصحاب التسويات، وعودة المؤسسات الحكومية والموظفين إلى عملهم، بحسب تصريح سابق لعضو لجنة المفاوضات المركزية في درعا، المحامي عدنان المسالمة لعنب بلدي.
–