أصدر مركز “وصول لحقوق الإنسان” تقريرًا تحدث فيه عن عمليات الترحيل القسري الممنهجة التي تتم بحق اللاجئين السوريين في لبنان.
التقرير الذي صدر اليوم، السبت 10 من آب، وحصلت عنب بلدي على نسخة منه، أوضح كيف تتم عمليات الترحيل القسري من لبنان، والسياسة الممنهجة التي تتبعها الحكومة اللبنانية للضغط على السوريين من أجل إرغامهم على العودة إلى سوريا، مستعرضًا قصصًا وشهادات لسوريين تم ترحيلهم.
سياسيات الحكومة اللبنانية للضغط على اللاجئين من أجل العودة
وأشار التقرير إلى أنه منذ أواسط عام 2017، وتزامنًا مع إدعاءات النظام السوري بأن مناطق اللاجئين باتت آمنة، وأن بإمكانهم العودة والاستقرار فيها دون وجود أي مخاوف، تصاعدت وتيرة الخطاب الرسمي التمييزي في لبنان ضد وجود اللاجئين السوريين فيه، حتى بلغت حد تنفيذ إجراءات ترحيل تعسفية عبر الحدود البرية في عام 2019 خصوصًا.
كما تراوحت الإجراءات اللبنانية الرسمية في هذا الخصوص بين إغلاق الحسابات المصرفية لمئات المنظمات المحلية الإغاثية، والتشدد في منح الإقامات القانونية المفروضة بموجب شروط المديرية العامة للأمن منذ مطلع عام 2015، والتوقيفات التعسفية لآلاف اللاجئين الذين كان أغلبهم من مخيمات البقاع والشمال بحجة البحث عن “إرهابيين”، فضلًا عن قرار هدم الأسقف الإسمنتية التي تؤوي اللاجئين في المخيمات.
وحذر التقرير من أن القرار الذي صدر يوم 15 من نيسان الماضي عن “المجلس الأعلى للدفاع” في لبنان، والذي يقضي بترحيل اللاجئين الذين دخلوا بطريقة غير قانونية بعد تاريخ 24 نيسان 2019، سيهدد أعدادًا كبيرة من اللاجئين.
دور وسائل الإعلام اللبنانية في حشد الرأي العام ضد اللاجئين
وركز التقرير على الدور الذي لعبته وسائل الإعلام اللبنانية في تشكيل الرأي العام ضد اللاجئين السوريين، والتي حمّلتهم أسباب انعدام الأمن وتدهور الاقتصاد والبيئة والصحة، فضلًا عن تسويقها بأن الوضع في سوريا أصبح آمنًا للعودة من دون الاستناد إلى تحيلات منطقية وواقعية.
وقد لعبت التغطيات الإعلامية دورًا أساسيًا في تعزيز مشاعر النفور والخوف وعدم الأمان تجاه اللاجئين، وفقًا للتقرير.
موقف اللاجئين من العودة
وبيّن التقرير موقف اللاجئين من عودتهم إلى سوريا، إذ إن غالبيتهم يرغبون بالعودة في حال “عادت المياه إلى مجاريها”، وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجري في صيف عام 2016، على نحو 1200 لاجئ، أيّد 96% منهم العودة.
وعزا التقرير نتائج الاستطلاع إلى الظروف الأمنية والاقتصادية والإنسانية العامة للاجئين السوريين في لبنان، والتي تعد أسبابًا قوية لعدم شعورهم بالاستقرار فيه، وتفضيلهم العودة في حال توافرت شروطها الآمنة.
لبنان ملتزم قانونيًا بعدم ترحيل اللاجئين
واستعرض التقرير الاتفاقيات والقوانين الدولية التي من المفترض أن يلتزم بها لبنان بعدم الإعادة القسرية لأي إنسان مقيم على أراضيه.
إذ بالرغم من أن لبنان غير موقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكلها الصادرة عام 1967، إلا أنه ملزم بعدم ترحيل اللاجئين السوريين استنادًا إلى مراجع قانونية منها، الدستور اللبناني، والمادتين 26 و 31 من قانون الأجانب الذي دخل حيز التنفيذ عام 1962، إلى جانب اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
ويوجد ما يزيد على 938 ألف لاجئ سوري في لبنان، حسب إحصائيات الأمم المتحدة، وتقدر الحكومة اللبنانية وجود 550 ألفًا آخرين غير مسجلين، وتشتكي الحكومة اللبنانية من تكبدها أعباء اقتصادية بسببهم.
“العفو الدولية” تؤكد تعرض اللاجئين السوريين لضغوط تجبرهم على العودة
وكانت منظمة “العفو الدولية” أصدرت يوم 12 من حزيران الماضي بيانًا عامًا، قدمت فيه تحليلًا لأوضاع اللاجئين في لبنان والسياسات الحكومية تجاههم، وقالت إنه يثبت تعرض اللاجئين لضغوط تجبرهم على العودة إلى سوريا.
واتهمت المنظمة الحكومة اللبنانية بالامتناع عن ضمان حماية اللاجئين من الاعتداءات أو المضايقات أو الترهيب، مع فرضها لمجموعة من السياسات الحكومية التقييدية، إضافة إلى القيام بعملية إخلاء “غير قانونية”، وفرض حظر التجول والمداهمات المتواصلة لمخيمات اللاجئين.
واتخذت المنظمة من حادثة طرد مئات اللاجئين السوريين من مخيم “دير الأحمر”، في الخامس من حزيران، مثالًا على العداء الواضح الذي يدفع اللاجئين لمغادرة لبنان والعودة إلى سوريا رغم الاستمرار بانتهاك القانون الدولي الإنساني فيها.
وحددت المنظمة أن أساس العودة الطوعية الحقيقية أن تكون مستندة على الموافقة الحرة والواعية للفرد، واعتبرت أن ممارسات السلطة اللبنانية تدل على انتهاكها لحقوق الإنسان والتملص من مبدأ عدم الإعادة القسرية، إذ إنها تفرض على اللاجئين فعليًا العودة.
وتكررت دعوات السياسيين لرحيل السوريين، والتعبئة ضدهم، وكان أبرزهم “التيار الوطني الحر” الذي وزع منشورات تحمل شعارات “سوريا آمنة للعودة ولبنان لم يعد يحتمل”، وأخرى تقول “احمِ العامل اللبناني وبلّغ عن المخالف”.
وأعلن الأمن العام اللبناني في آذار الماضي عودة 172 ألف لاجئ إلى سوريا منذ كانون الأول من عام 2017.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا، في 2 من أيار، وصفت فيه ممارسات النظام السوري بحق العائدين إلى سوريا، من استقبالهم بالتحقيق والاستجواب إلى الاعتقال.