نسفت الحروب العربية- العربية نظريات قومية تتخذها معظم الدول العربية شعارًا لها.
هذه الحروب تعود إلى ذرائع وحجج مختلفة، في منطقة جغرافية يطلق عليها اسم الوطن العربي، ويتكون من 22 دولة عربية، مع موقع جغرافي يتوسط ثلاث قارات وعدد سكان يتجاوز 392 مليون نسمة، بحسب إحصائيات “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية“.
تربط عدة عوامل شعوب المنطقة، إلا أن الخلافات بين الدول مستمرة وقد تطور بعضها إلى مواجهات عسكرية أزهقت أرواح المدنيين.
سوريا- لبنان.. خلافات قديمة متجددة
الخلافات السياسية بين البلدين تعود إلى عهد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان، إذ سعت النخب السياسية اللبنانية للانفصال عن سوريا لعدة أسباب تاريخية، منها مناداة البعض بقيام دولة لبنان الكبير، أو لأسباب منها شخصية لدى طوائف دينية، حاولت فرض نفوذها عوضًا عن تبعيتها لزعماء آخرين ذوي نفوذ أكبر في مدن أخرى.
ومع بدء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، واشتعال المعارك بين الأطراف اللبنانية مع بعضها وحضور الفلسطينيين القوي في الحرب، دخلت القوات السورية إلى لبنان بدعم من جامعة الدول العربية لتقود ما عرف بقوات “الردع العربية”.
شكل دخول القوات السورية منعطفًا حادًا في الحرب، خاصة مع قيامها بما عرف بمجزرة مخيم تل الزعتر الذي تقطنه أكثرية فلسطينية، بالتعاون مع عدد من الميليشيات والكتائب المتحالفة معها.
وسقط المخيم بتاريخ 14 من آب عام 1976، بعد حصار خانق، وقطع الماء والكهرباء عن المخيم.
وبعد الاجتياح، تم ارتكاب مجازر بحق السكان، وبحسب “المعهد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان“، بلغت أعداد القتلى بحسب تقديرات مختلفة إلى 4820 ضحية، أغلبهم من المدنيين.
وبعد المجزرة، دخلت الجرافات وهدمت المخيم بالكامل.
بقي الجيش السوري في لبنان حتى عام 2005 وخرج منها إثر مظاهرات شعبية عرفت بـ “ثورة الأرز”، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، في 14 من شباط من نفس العام.
أيلول الأسود.. سوريا- الأردن- فلسطين
قامت “معركة الكرامة” بين الفدائيين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في عام 1968، ويصفها مؤرخون وصحفيون عرب منهم الصحفية عروبة عثمان، بأنها حققت نتائج مهمة، إذ تقول “أتت معركة الكرامة لتستأنف على هذا الوعي الاستعلائي على (الأعداء) العرب، وأحدثت كوّة في منظومة الردع الصهيونية التي خلقتها حرب الأيام الستة، بإثبات أن ثمة من تبقى ليقاتل إسرائيل ويصنع مقولات مغايرة عما فرضته الحرب آنفًا”، بحسب مادة صحفية نشرتها في موقع “حبر“.
بعد “معركة الكرامة” تفجرت معارك من نوع آخر بين القوات الأردنية والفلسطينيين، نتيجة الاحتكاكات بين القوات الأردنية والفلسطينيين، الذين ازدادت أعداد قواتهم وازداد نفوذهم، حتى وصلت الاشتباكات إلى عمان العاصمة.
وفي عام 1970، بدأت المعارك بين الطرفين فيما سمي لاحقًا “أيلول الأسود”، تدخلت القوات البرية السورية في الحرب الجارية لمساندة الفلسطينيين، ورفض وزير الدفاع السوري آنذاك، حافظ الأسد، إرسال القوات الجوية لمساندة القوات البرية وتكبدت القوات السورية خسائر فادحة، وانتهت المعارك بخروج الفلسطينيين إلى لبنان.
حربان تدخل العرب فيهما.. العراق- الكويت
بدأت أولى الأزمات بين البلدين عقب استقلال الكويت عام 1961، إذ طالب الرئيس العراقي في ذلك الوقت، عبد الكريم قاسم، بضم الكويت باعتبارها أرضًا عراقية فصلتها بريطانيا عن العراق في أثناء الاحتلال، وهو ما تم رفضه من جانب الكويت، ما دعا إلى تحريك قوات عراقية إلى الحدود بين البلدين.
وتدخلت قوات عربية لحماية الكويت، لتنتهي الأزمة كليًا بمقتل عبد الكريم قاسم في انقلاب عام 1963 في العراق.
مع تولي صدام حسين السلطة، وبعد نهاية حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، تراكمت الديون على العراق، والذي حاول تسديد ديونه برفع أسعار النفط وهو ما لم ينجح به فعليًا.
حاول العراق التفاوض على النفط مع الكويت والسعودية، ووجه اتهامات للكويت باستخراج النفط من حقل مشترك يدعى حقل الرميلة، بالإضافة إلى زيادة إنتاج النفط عن الحصص المقررة في منظمة أوبك.
اجتاحت القوات العراقية الكويت، في 2 آب من عام 1990، وسيطرت على البلاد بشكل كامل، وعينت حكومةً برئاسة علاء الحسين، لتعلن أن الكويت تحولت إلى الجمهورية وأصبحت محافظةً عراقية لاحقًا.
تباينت ردود الفعل العربية تجاه الغزو العراقي للكويت، بين مؤيد للعراق ومعارض له، وشاركت عدة دول عربية في الحرب منها مصر وسوريا والمغرب، في تحالف دولي ضد العراق.
وخرجت القوات العراقية من الكويت وفرض حصار أممي طويل على العراق بسببها.
حرب الأيام الأربعة.. مصر- ليبيا
على خلفية الخطوات المصرية لتوقيع اتفاق سلام منفرد مع إسرائيل، قام معمر القذافي، رئيس ليبيا آنذاك بطرد آلاف المصريين العاملين في ليبيا.
هذه الخطوات التصعيدية من الجانب الليبي ترافقت مع مسيرات ضخمة، بإيعاز من القذافي، لكسر الحدود مع مصر وإقامة وحدة عربية بين البلدين، مستغلًا السخط الشعبي المصري من التقارب بين أنور السادات وإسرائيل في تلك الفترة.
منعت قوات حرس الحدود المصرية المتظاهرين من اختراق الحدود، وقصف القذافي منطقة السلوم المصرية، ما دعا السادات لتحريك قواته وقصف مواقع في الداخل الليبي، وانتهت حرب “الأيام الأربعة” التي قامت بين الأول والرابع من شهر تموز 1977، بعد وساطة فلسطينية- جزائرية.
اليمن 1962.. ثورة فحرب
تعددت حروب المملكة العربية السعودية مع جارها الجنوبي اليمن، لأسباب اقتصادية وسياسية عدة منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم.
قامت الثورة اليمنية ضد الإمام البدر في اليمن، في محاولة لإقامة الحكم الجمهوري في البلاد، وهو ما أثار مخاوف المملكة العربية السعودية التي كانت تحاول إيقاف ما يسمى “المد الناصري”، وهي أفكار الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، حول القومية العربية والتحرر من الاستعمار، والتي لاقت رواجًا كبيرًا في فترة الخمسينيات والستينيات، وتحديدًا بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحتى عام النكسة، حرب 1967.
قامت السعودية بدعم الحكم الملكي، في مواجهة قوات الجمهوريين والقوات المصرية الداعمة لها، والتي بلغت ما يقارب 40 ألف مقاتل، بحسب موقع “المجموعة 73- مؤرخين”، المختص بتاريخ الحروب المصرية ، وحازت المملكة العرية السعودية على دعم من الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب وثيقة نشرتها الخارجية الأمريكية عبر موقعها الرسمي على الإنترنت.
فيما كانت حرب اليمن ضرورية لجمال عبد الناصر لاستعادة قوته بعد انفصال سوريا ونهاية الوحدة مع مصر في عام 1961.
ولا توجد أعداد دقيقة لقتلى الحرب من الجانبين.
انتهت الحرب عام 1970 بإعلان عبد الناصر سحب قواته من اليمن بعد توقيع اتفاقية بين الجمهوريين والملكيين بإقامة الجمهورية اليمنية.
إلا أن هذا الاتفاق لن يكون مؤشرًا على نهاية الحرب بين السعودية واليمن.
ما بعد الثورة
لم تكن نهاية الحرب اليمنية تعني نهاية الخلافات بين البلدين، إذ شهد القرن الماضي عدة اشتباكات أبرزها اشتباكات جزيرة الدويمة المتنازع عليها بين البلدين، وانتهت بتوقيع اتفاق جدة، والذي يعترف بتبعية الجزيرة لليمن.
وفي عام 2009، قامت السعودية بالتدخل العسكري إلى جانب الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، في مواجهة الحوثيين، عبر غارات جوية على مواقع المتمردين في محافظة صعدة.
أما الحرب الحالية التي تقودها السعودية، في إطار التحالف العربي، فهي مستمرة حتى اليوم، وخلفت أكثر من ستة آلاف من الضحايا المدنيين، بحسب تقرير “منظمة العفو الدولية” لعام 2018 الخاص باليمن.
وبحسب دراسة لـ “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي“، وصلت الخسائر الاقتصادية في اليمن إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار أمريكي.
وجاءت الحرب لمواجهة الحوثيين بدعوى تلقيهم دعمًا مباشرًا من قبل إيران، وللدفاع عن “الحكومة الشرعية” برئاسة عبد ربه منصور هادي في عام 2015.
المغرب- الجزائر
تعود الخلافات المغربية- الجزائرية إلى ستينيات القرن العشرين على خلفية النزاعات الحدودية بين البلدين.
بعد استقلال المملكة المغربية عام 1956، ضمّ الاستعمار الفرنسي مناطق يرى المغرب أنها تابعة له إلى الحدود الجزائرية التي تقع تحت سيطرة الفرنسيين.
ومع استقلال الجزائر عام 1962، طالب المغرب باسترجاع هذه الأراضي خاصةً مع الموارد الطبيعية التي تحتويها.
إلا أن الجزائر رفضت طلب المغرب وهو ما أشعل حربًا عرفت باسم “حرب الرمال”، استمرت من نهاية 1963 وحتى شباط 1964، وانتهت بتوقيع وقف اطلاق النار بين الجانبين، وفي عام 1972 وقع الطرفين على اتفاقية تقسيم الحدود الجديدة.
في عام 1973، تأسست جبهة البوليساريو، وهي حركة تدعو لاستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، دعمت الجزائر هذه الحركة بشكل علني.
وفي عام 1994 وقع انفجار في فندق “أطلس آسني” في مدينة مراكش المغربية، واتهمت المملكة المغربية الجزائر بالمسؤولية عنه وفرضت تأشرات دخول على الجزائريين، ما دعا الجزائر إلى إغلاق حدودها بشكل كامل وفوري.
لا تزال الخلافات عالقة بين البلدين حتى اليوم.