خطيب بدلة
في جلسة ضمت مجموعة من الرفاق الحشاشين المحترمين، سحب أبو أيوب شحطة طويلة من سيجارته، وحبس نَفَسَهُ طويلًا، ونفخ نفخة دخان تشبه ما يخرج من إشطمان سيارة مازوت عتيقة.. ومد يده إلى حقيبته وأخرج نسخة من صحيفة “عنب بلدي”، وقرأ فيها خبرًا يقول إن النظام السوري رفض التفاهمات الأمريكية- التركية حول إنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا، واعتبرها اعتداءً صارخًا على السيادة السورية.
نتر أبو هداد الصحيفة من يد أبي أيوب، وألقاها في منقل النار المخصص لإشعال سجائر الكيف، فأضرمتْ النار، وارتفعت ألسنة اللهب، وقال: بتعرفوا ليش أنا بحب “عنب بلدي” أكثر من كل الصحف؟ لأنها بتحترق بشكل جيد وبتجيب الدفا من مسير سنة.. وخاصة في شهر آب!
ضحكنا جميعًا على هذه التقفيلة الناجحة، وقال الحشاش المخضرم “أبو عاجوقة” ما معناه إن المعلومات التي تنشرها الصحف، سواء أكانت عنبًا بلديًا أو دومانيًا أو حَفَرْزَلِيًا لا يُعتد بها، وأما المعلومات التي حصل عليها هو من مصادره الخاصة فتقول إن الرفيق المناضل “تبعنا” استدعى السفير الأمريكي وقال له، وجهًا لوجه، إن وجودكم في سوريا غير مرغوب فيه: يا الله رُحْ من هنا، سكارسا لعند رئيسك جورج بوش، وقل له إن نحنا ما عندنا آمنة وما آمنة.. ولم يقف بعدها مكتوف اليدين، بل إنه فك يديه المكتوفتين، وصرخ صوتًا للسفير التركي، وقال له: من وين طلعت لي بفكرة المنطقة وما منطقة أوغلان؟ نحن في عندنا سيادة وما سيادة..
مد أبو عبوش يده وأغلق فمَ أبي عراج ظنًا منه أنه هو الذي يتكلم، وقال له: وقف عندك لا تكمل. أنت عم تقول إنه الرفيق المناضل “تبعنا” استدعى السفراء.. طيب، سؤال.
قال أبو عراج: أنا أذكى واحد بين أخواتي البنات، بدليل أن والدي كان يعطيني خرجيتي فرنكين في اليوم، ويعطي لكل واحدة منهن أربعة فرنكات! منشان هيك أنا أعرف أن سؤالك دبلوماسي. هلق بدك تسألني عن السفير البريطاني اللي استدعاه الرفيق المناضل “تبعنا”؟ سؤالك غبي، بدليل إنه نحن قطعنا العلاقة مع سويسرا من زمان وكل السفراء الموجودين في الشام يصيفون في صيدنايا. أأنت لم تَرَ ما قالوه في الراديو؟ قالوا إن السويديين يدعمون الإرهاب في مجلس الدوما ونحن لا نتعاون مع داعمي الإرهاب. هنا يظهر أن الحشيش الذي تتزمرقه غير صالح للتصدير عن طريق الرفيق حسن نصر الله تبع الضاحية.
عندما انتهى أبو عراج من مداخلته مد أبو أيوب يده إلى بقايا جريدة عنب بلدي المحترقة جزئيًا، فوجد فيها بقايا خبر عن الاجتماع الروسي التركي الإيراني الذي سيجري عقدُه خلال شهر آب الحالي المتعلق بالقضية السورية. وقال لأبي عراج: تفضل. هل تستطيع أن تشرح لي كيف تجتمع هذه الدول لأجل سوريا، وسوريا غير موجودة؟
قال أبو عراج: والله لو كنت مكان والدك لما أعطيتك خرجية بالمرة.. إذا كان الرفيق تبعنا رافض المنطقة الآمنة وما آمنة.. حضوره الاجتماع بماذا يقدم أو يؤخر؟!