ازدادت أعداد المهاجرين الواصلين إلى جزيرة قبرص اليونانية، العضو في الاتحاد الأوروبي، خاصة السوريين منهم، وذلك عبر رحلات مليئة بالمخاطر.
وذكر تقرير نشره موقع “دويتشه فيله”، أمس، الأحد 28 تموز، أن أعداد طلبات اللجوء إلى جزيرة قبرص زادت أكثر من ثلاثة أضعاف خلال العامين الماضيين، إذ ارتفعت من 730 مهاجرًا في بداية عام 2017 إلى أكثر من 3000 مهاجر مع بداية عام 2019.
وشكّل قرب قبرص من تركيا ولبنان عاملًا شجع المهربين على اقتراح هذه الطرق على السوريين بحسب التقرير، إذ إن الشواطئ القبرصية لا تبعد أكثر من 80 كيلومترًا عن تركيا، و100 كيلومتر عن لبنان.
وبالرغم من أن أعداد المهاجرين الواصلين إلى كل من إيطاليا واليونان يُعتبر أكبر بالمقارنة مع الوافدين إلى قبرص، إلا أن لدى الجزيرة الآن أعلى معدل من المهاجرين الوافدين إلى أي من دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى عدد سكانها.
ويعد عدد المهاجرين الواصلين إلى قبرص أعلى بثماني مرات من مثيله في فرنسا، ووفقًا لمكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، فإن اللاجئين من الجنسية السورية يشكلون العدد الأكبر من اللاجئين الواصلين إلى قبرص.
أما عن الطريق الذي يتبعه المهاجرون فأوضحت “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” أن نحو نصفهم يصلون إلى الجزء الشمالي من الجزيرة الخاضع للإدارة التركية، إذ يهبطون في مطار “إرجان” حيث يسهل المرور عبر الحدود، ثم يقومون بالتسلل عبر المنطقة العازلة المنقسمة أو ما يسمى “الخط الأخضر”.
وقد وصل عدد العابرين للخط الأخضر إلى 3000 لاجئ عام 2019، مقارنة بنحو 138 فقط في عام 2017، وفقًا لوزارة الداخلية القبرصية.
وبرر الباحث في مركز “بريو” للأبحاث، زينوناس تزياراس، سبب الزيادة في أعداد اللاجئين الذين يقصدون جزيرة قبرص باختلاف أوضاعهم في الدول المجاورة لسوريا عما كانت عليه، لتصبح قبرص خيارهم الوحيد.
وقال في تصريح لوكالة “فرانس برس” إن قبرص “لم تكن وجهة مفضلة للاجئين فهي جزيرة وبعيدة جدًا عن أوروبا، إلا أن الوضع اختلف وباتت الجزيرة خيارهم الوحيد، فطرق الهجرة إلى الاتحاد الاوروبي عبر اليونان أقفلت، وأوضاع اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا تراجعت كثيرًا على غرار ما هو حاصل في تركيا ولبنان، وهكذا أصبحت قبرص فجأة قريبة جدًا بالنسبة للسوريين”.
واعتبر الباحث أن “وقوع جزيرة قبرص الهادئة وسط منطقة تعاني من الكوارث، ووجود خط فاصل بين قسمي الجزيرة لا يتم التعامل معه على أنه حدود فعلية، يزيد مشكلة الهجرة تأزيمًا”.
وأشار إلى أن احتلال تركيا للشمال يجعل من الصعوبة بمكان ضبط حركة الهجرة فهي تعد جزءًا من المشكلة، لافتًا إلى أن الاتحاد الأوروبي هو من يمكنه المساعدة للسيطرة على حركة الهجرة وخاصة على مستوى التمويل.
ومع تزايد أعداد اللاجئين بشكل كبير، باتت الأجهزة الخاصة باستقبالهم عاجزة عن تقديم الخدمات اللازمة لهم، وفق ما صرح مسؤول فضل عدم الكشف عن اسمه لـ “دويتشه فيله”.
وأشار إلى أن هذه المراكز كانت تستقبل عشرات اللاجئين سنويًا، أما الآن فهي تتعامل مع الآلاف منهم كل ثلاثة أشهر، وقد أصبح تأمين رخصة عمل للمهاجر يتطلب ما بين ستة أشهر وسنة.
من جهتها، قالت المسؤولة عن منظمة “كاريتاس” غير الحكومية ومقرها نيقوسيا، إليزابيت كاسينيس، إن منظمتها سجلت ارتفاعًا هائلًا في أعداد المهاجرين الذين يطلبون المساعدة.
وبيّنت أنه إضافة إلى السوريين بدأ يتوافد مهاجرون قادمون من غرب القارة الإفريقية، لافتة إلى أن اللاجئين الواصلين ينتابهم شعور كبير بخيبة الأمل، عندما يجدون أنه من الصعب جدًا عليهم الوصول إلى قلب القارة الأوروبية بعد أن قاموا بهذه الرحلة.
وتتهم السلطات القبرصية بشكل متكرر حكومة قبرص الشمالية بعدم السعي لوقف هذا التدفق للمهاجرين إلى الأراضي الخاضعة لسيطرتها.
ومنذ عام 1974 وإثر التدخل العسكري التركي، تم تقسيم قبرص إلى جزأين، الجنوبي ذو أغلبية سكانية يونانية، والشمالي ذو أغلبية سكانية تركية، وفي عام 1983 تم الإعلان عن قيام جمهورية شمال قبرص التركية في القسم التركي.
ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان من تضييق أمني ومعيشي، ما يدفعهم إلى التفكير بالبحث عن بدائل، وسط إغلاق معظم الدول حدودها أمامهم.
ويحاول آلاف اللاجئين الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم السوريون، سعيًا للحصول على حياة أفضل.
–