صرح عدد من المسؤولين الحكوميين في قطاع السياحة السورية منذ بداية العام بأن السياحة في سوريا قد بدأت بالتعافي، مستشهدين بالأرقام التي تبين تزايد أعداد السياح خلال أعوام الصراع، مع تجاهل الأنباء المتعلقة باعتقال عدد من السياح ودعوات الإفراج عنهم.
ما قبل 2011.. تنامٍ واهتمام
نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية، في 27 من تموز الحالي، عن معاون وزير السياحة غياث الفراح قوله إن سوريا شهدت حركة ازدهار سياحية بين عامي 2000 و2011 خاصة في موضوع العقود الاستثمارية، التي بلغت 55 عقدًا، كان من المقرر أن تنجز في عامي 2013 و2014 منتجعات وشواطئ من مستويات نجوم مختلفة.
وأظهرت بيانات البنك الدولي تصاعد أعداد السياح القادمين إلى سوريا بشكل مطرد منذ عام 1995 حين كان عددهم يقل عن المليون (815 ألفًا)، وحتى الذروة عام 2010 مع ثمانية ملايين و546 ألف سائح.
وبلغ عدد السائحين لأغراض دينية عام 2004، وفقًا للتصريحات الحكومية، نحو 577 ألف سائح، وارتفع ذلك العدد عام 2010 إلى 2.2 مليون. ووصلت عائدات السياحة عام 2010 وفق تصريحات وزير السياحة، سعد الله آغا القلعة، إلى 8.4 مليار دولار، وشكلت 14% من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا.
2011.. تهاوٍ سريع
تراجعت أعداد السياح فورًا بعد بدء القمع الحكومي لمظاهرات الحراك السلمي الشعبية المطالبة بالإصلاح، إذ بلغت خمسة ملايين فقط، كان بينهم 1.7 مليون من الحجيج للمزارات الدينية. وبلغت عائدات السياحة خلال الربع الأول منه مليار دولار، حسب التصريحات الحكومية.
وكان وزير السياحة آغا القلعة قد صرح بداية ذلك العام بأن توقعات الوزارة لأعداد السياح الذين ستستقبلهم سوريا في 2011 ستصل إلى 10.6 مليون.
من 2012 حتى 2016.. خسائر وانقطاع شبه تام
انخفضت نسبة السياحة في سوريا عام 2012 بنسبة تجاوزت 76%، وفقًا لتصريحات وزيرة السياحة هالة محمد النصر، التي قالت إن عائدات الربع الأول لم تتجاوز 178 مليون دولار، مع انخفاض أعداد العاملين في القطاع السياحي بنحو ثلثين.
واشتكى ممثل سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، برسالة إلى الأمم المتحدة ذلك العام، من تراجع عائدات السياحة في سوريا، وأوضح في الرسالة تراجع عدد زوار الفنادق في سوريا من 90% عام 2011 إلى 15% عام 2012 مع خسارة 40% من العاملين في القطاع السياحي لوظائفهم.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير السياحة السوري، بشر رياض يازجي، في 30 من أيلول 2013، قوله إن خسائر قطاع السياحة بلغت 1.5 مليار دولار منذ عام 2011، مع انخفاض العائدات السياحية بحوالي 94%، وكانت حلب أكبر المتضررين مع تأثر 289 وجهة سياحية بالصراع.
وبحلول عام 2015 تراجعت حركة السياحة بحوالي 98% وذكرت وزارة السياحة أن 45 ألفًا من السياح قد زاروا البلاد خلال النصف الأول منه، مع ارتفاع السياحة الدينية بنسبة 11%، حسب تصريحات يازجي لصحيفة “تشرين”.
وبلغت إيرادات السياحة الدينية حتى نهاية آب 2015 ملياري ليرة، لنحو 225 ألف زائر، من لبنان والعراق ودول الخليج العربي، ووصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل في القطاع السياحي إلى نحو 258 ألف عامل.
بدأت وزارة السياحة تكثيف جهودها منتصف عام 2016 في الترويج للسياحة، عبر مقاطع فيديو على “يوتيوب”، في وقت تزامن مع استعار الحملات الأمنية على حلب ومناطق أخرى في سوريا.
2017– 2018.. خطوات خجولة
أعلن وزير السياحة في حكومة النظام السوري، بشر يازجي، أن عائدات السياحة الدينية إلى سوريا ارتفعت عام 2017، بمعدل ثلاثة أضعاف عن العام الذي سبقه.
وفي تقرير خاص أصدرته الوزارة ونشرته صحيفة “الوطن” المحلية، في 10 من كانون الثاني 2018، قالت فيه إن 237 ألف أجنبي هبطوا في مطار دمشق الدولي، و570 ألفًا آخرين دخلوا سوريا عبر الحدود السورية- اللبنانية في الربع الثالث من عام 2017.
كما تحسن مؤشرات القطاع السياحي وتجاوزت حصة الوزارة من أرباح الفنادق 2.4 مليار ليرة سورية بزيادة 60% عن عام 2016، وفق ما قال مدير الترويج في وزارة السياحة، بسام باسيل لصحيفة “تشرين” الحكومية، في شباط 2018.
وافتتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن في تشرين الثاني من عام 2018، ما أدى إلى عبور مئات الأردنيين إلى سوريا بغرض التجارة والسياحة.
وصرح وزير السياحة رامي مارتيني، في حديثه لصحيفة “الوطن“، في 23 من تموز الحالي، بالقول إن مليوني سائح قد زاروا سوريا خلال العام الماضي، مع تقديم وزارته جميع التسهيلات للوفود السياحية.
2019.. تفاؤل حكومي مع تحديات أمنية
استمر الترويج الحكومي لإنعاش القطاع السياحي، وركز مارتيني، في حديثه لصحيفة “الوطن”، على الخطط المستقبلية لوزارته معتبرًا أن صناعة السياحة باتت تتصدر أولويات الاقتصاد، وقال إن عدد السياح بلغ في النصف الأول من العام 1.12 مليون سائح، مقارنة مع 650 ألفًا خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وبلغ عدد السياح الذين يقصدون المزارات الدينية خلال تلك الفترة 100 ألف، حسبما قالت مديرة التخطيط في وزارة السياحة، عهد الزعيم، لصحيفة “تشرين”، في 27 من تموز.
وقالت مديرة المنشآت السياحية في وزارة السياحة، راما الشيخ، للصحيفة إنه من أصل 3235 منشأة سياحية في سوريا توقفت نحو 1216 منشأة، وتضررت نحو 491 منشأة منها 165 منشأة في حلب، مع عودة 110 منشآت للعمل.
وقدر معاون وزير السياحة، غياث الفراح، أن عدد السوريين القادرين على السياحة لا يتجاوز 30% وذلك بدرجات، وقال إن العامين المقبلين سيشهدان افتتاح العديد من المشاريع السياحية التي كانت قد توقفت.
وترافقت تلك الدعايات مع تزايد الأنباء عن اعتقال أردنيين وصلوا إلى سوريا، وفي نيسان الماضي، استدعت وزارة الخارجية الأردنية القائم بأعمال السفارة السورية في عمان، أيمن علوش، لتطالبه بالإفراج عن أكثر من ثلاثين أردنيًا محتجزين في سوريا.
وفي مطلع العام تعرض المواطن الكندي، كريستان لي باكستر، للاعتقال بعد دخوله لبلدة قريبة من الحدود اللبنانية تخضع لسيطرة النظام، وتنصلت الخارجية الكندية آنذاك من مسؤوليتها لغياب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتحذيرها المسبق لرعاياها من زيارة سوريا.
وأفرج النظام السوري في 26 من تموز عن سائح أمريكي، احتجز منذ أيار الماضي، بعد أن دخل سوريا بنية زيارة كل بلاد العالم، وفق ما صرحت عائلته التي قالت إن مدير الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، توسط لإخلاء سبيله.
–