عنب بلدي – إدلب
اجتمع عدد من الناشطين على تشكيل منظمة “ملتقى البيت الدمشقي” المدنية عام 2012، بهدف إعادة بناء الوطن انطلاقًا من الإنسان عبر الإغاثة ثم التدريب حتى التمكين.
انتشرت مكاتب المنظمة في أنحاء سوريا، وتوزعت مكاتبها الخارجية في الأردن ولبنان وتركيا والسعودية، وقامت وفق أسلوب عمل مؤسساتي منظم، لتحصل على الترخيص من بلجيكا وكندا وتركيا.
وتتركز مشاريعها حاليًا في الشمال السوري، وتستعد لدخول منطقة ريف حلب الشمالي بعد أن حصلت على الإذن من تركيا.
“تنظيمنا تنظيم دولي يضم كل الاختصاصات المطلوبة”، حسبما قالت رئيسة الملتقى، عبير الحفار، لعنب بلدي، “ما يميزنا هو تطوع كل فرق مكاتبنا الخارجية، فكل مدرائنا متطوعون، والعاملون على تنفيذ المشاريع في الداخل السوري هم فقط من يتلقون الأجر”.
وأضافت شارحة فكرة المنظمة “بابنا مفتوح لكل شخص يحب خدمة بلده، أحد الأسباب التي جعلت عملنا متميزًا هو أننا نعمل بحب لسوريا، لا أحد مجبر على القدوم للعمل، بل يأتي ليبني ويرى ثمرة البناء التي اجتهد لأجلها”.
مشاريع مستدامة وتركيز جديد
استجابت المنظمة بداية عملها لحاجة الشعب السوري للإغاثة، فأقامت مشاريع من توزيع السلال الغذائية إلى حفر آبار المياه والاستفادة من الطاقة الشمسية، ولكن ذلك لم يستمر طويلًا، إذ لا تؤمن المنظمة، كما قالت رئيستها عبير الحفار، بالحلول المؤقتة بل تسعى لتمكين المستفيدين من مشاريعها لينهضوا بأنفسهم ويعملوا على تجاوز المصاعب التي مرت بهم.
وكان من أهم مشاريع التمكين المستمرة منذ نحو سبع سنوات، مشروع “إيواء”، الذي يستهدف نساء الشهداء بكفالة تامة مع أطفالهن، ويقدم التدريب المهني للأمهات والتعليم لأبنائهن.
تلقت هدى كسراوي، النازحة في الأردن، الدعم من المنظمة منذ عام 2014، ووصفت مشاريعها بـ”الميسرة”، معتبرة أن أهم إنجازاتها تحقيق الأمن والاستقرار للعائلات، وزرع السكينة في نفوس الأطفال الخائفين والمضطربين جراء الحرب.
حصلت هدى على سكن وراتب شهري، وقالت لعنب بلدي، إن المنظمة لبت جميع حاجات الأولاد من علاج وتعليم وترفيه، وعلمت الأمهات ودربتهن على الخياطة وحرف أخرى، إضافة إلى تقديمها جوائز تحفيزية للأمهات وأطفالهن في برامج التعليم.
التعليم هو اللبنة الأولى
توصلت المنظمة بعد دراسة عميقة للاحتياجات إلى أن التعليم هو الحاجة الماسة التي تستحق أن تكون هدف التركيز الأساسي، لأن التقصير فيها سيؤدي لتشكل ثغرة تؤدي إلى عطالة وبطالة، وقد تؤدي للتوجه إلى المخدرات وتناول الحبوب المنومة للهروب من الواقع، على حد تعبير الحفار.
وافتتحت المنظمة قبل عام مدرسة “متميزون النموذجية” في ناحية معرة مصرين بريف إدلب، مستهدفة فئة الأيتام والمتسربين، دون أن تقتصر على التدريس الأكاديمي وتعويض ما فات طلابها من قراءة وكتابة، إذ ضمت أيضًا تدريبات مهنية، تسمح للطفل بتفريغ طاقاته.
لاقى مشروع المدرسة رواجًا وحبًا لدى الأهل والطلاب، وقال والد الطفل في الصف الرابع، أحمد الشيخ سليم، إن ابنه أصبح يحب الذهاب إلى المدرسة، وتحسن وضعه الدراسي، مع شعوره بالرضا والسعادة عما حققه فيها.
قدمت المدرسة اللباس والقرطاسية لكل طلابها، حسبما قال الشيخ سليم لعنب بلدي، ووزعت الهدايا على جميع الطلاب في نهاية العام الدراسي، وأضاف أنه يتمنى استمرارها لما تعود به من فائدة على الطلاب.
لم يخلُ الطريق من المصاعب، ولم يكن العمل “مخمليًا”، على حد تعبير الحفار، فمع النزوح المستمر الذي يضطر له أهالي المنطقة بسبب القصف وما يتعرضون له من مخاطر، أمّنت المدرسة خدماتها لـ250 طفلًا بدل 350 الذين كانت تحاول الوصول إليهم.
ضمت المدرسة طلابًا من الصف الأول حتى الخامس، وتنوي أن تكمل مراحل التعليم مع طلبتها وأن تكبر معهم، وستفتتح هذا العام الصف السادس، وستستقبل دفعة جديدة في الصف الأول، وهدفها البعيد أن تتابع عملها معهم حتى تخرجهم في الجامعات.