ما بين قصة حب آنا كارنينا، والمحاذير الأخلاقية والاجتماعية والدينية، تمضي الرواية التي تحمل اسم السيدة لتشرح علاقة حبها المحرمة، عبر ثلاث عائلات في روسيا.
تنتمي الرواية إلى الأدب الواقعي، ويشرح كاتبها، ليو تولستوي، من خلالها تحولات المجتمع الروسي الحديثة، وإن كان الحدث الرئيس هي قصة حب آنا وفرونسكي.
يبدأ تولستوي روايته من منزل شقيق آنا، المليء بالفوضى والمشاكل الأسرية، مع وصول آنا زوجة الرجل المؤمن، صاحب المكانة المرموقة في المجتمع، والمتمسك بالعادات والتقاليد المجتمعية الأسرية والاجتماعية، وبقدر إيمانه بقدر ما تبدو آنا مختلفة عن زوجها، وبالتوازي مع قصة الحب، يبرز الصراع ما بين المجتمع الحديث والأصالة، عبر قصة ليفين، الباحث عن فهم طبيعة الحياة والأرض وهو من سيتحول إلى رجل عامل لا مجرد إقطاعي.
تبدأ قصة فرونسكي وآنا في محطة القطار بعد عودتها من منزل أخيها لإصلاح مشاكله مع زوجته بسبب خياناته المتكررة، وللمفارقة، فإن نهاية الرواية في المحطة أيضًا.
تصور الرواية قدرة المرأة على التحمل في حال أحبت رجلًا، ومدى التحدي الذي تخوضه إن تعلقت بشخص أحبته بصدق، وبقدر هذا العطاء، تبرز قسوة مجتمع الفضيلة الذي لا يرحم، وكأن آنا وحدها من أخطأت، ليستطيع تولستوي من خلال روايته وصف النفوس البشرية وطريقة تفكيرها وميولها، والصراعات التي تدخلها المجتمعات في أثناء التحولات السياسية والاقتصادية في البلاد.
تحمل الرواية كمًا كبيرًا من الدراما والتفاصيل والعلاقات الشائكة، وبقدر ما تبين القوة التي يمنحها الحب للإنسان، تبين أيضًا الضعف الذي يصيبه عندما يعصف العشق بحياته، وتعرض نماذج لطريقة تعامل الإنسان مع ألم الفراق وكيف من الممكن أن يستفيد منها، وتصور بنفس الدرجة حالة العدمية عند شقيق ليفين، وخوف زوج آنا من فقدانه لمكاسبه المادية والمجتمعية بسبب خيانة زوجته، مع طرح الرواية لسؤال مهم في علم النفس البشرية، هل على الإنسان أن يكون فاضلًا لهذه الدرجة؟ أو شريرًا لهذه الدرجة؟
صراع الحب والعقل يتجسد بين شخصين تربطهما الظروف الآنية لكل منهما، وهما ليفين وآنا، فليفين يحب كاترينا التي تحب فرونسكي عشيق آنا، وهو ما يدخل الشخصيات كلها بدوامة العاطفة، مع قدرة الكاتب على تجسيد المشاعر الإنسانية والتفاصيل المكانية والعاطفية للشخصيات بشكل كبير.
حازت الرواية على تقييم 4.4 على موقع goodreads وتحولت لفيلم سينمائي عام 2012 حمل اسم الرواية ذاتها.