وصف مدير “معهد برلين لدراسات الهجرة والاندماج”، هربرت بروكر، نسبة اللاجئين الذين يمتلكون خبرة مهنية بالـ “مذهلة”، مشيرًا إلى أن المهن التي يتخصصون بها تتناسب مع ما يطلبه أرباب العمل في السوق الألماني.
وفي لقاء أجرته معه صحفية “تاغس شبيغل” ونقله موقع “دويتشه فيله” أمس، الجمعة 26 من تموز، قال بروكر، والذي يشغل أيضًا منصب مدير قسم الهجرة والاندماج وأبحاث سوق العمل الدولي في معهد أبحاث سوق العمل والتوظيف، إن “25% من اللاجئين يحملون شهادات جامعية أو شهادات تأهيل مهني، ورغم ذلك فإن 74% من الرجال و37% من النساء لديهم خبرة مهنية، تصل في المتوسط إلى عشر سنوات، وهذا أمر مذهل”.
وأضاف بروكر أن المذهل هو ليس فقط مقدار الخبرة المهنية التي يمتلكونها، بل نوعية هذه الخبرة التي تشبه إلى حد كبير ما يطلبه أرباب العمل الألمان.
وأشار الخبير الألماني إلى أن ثلثي اللاجئين في بلاده يمتلكون خبرة مهنية، ومنهم 20% خبراء مختصون، لافتًا إلى أن هذا ما يعادل نسبة خريجي الجامعات وخبراء التأهيل المهني في ألمانيا.
وأوضح بروكر أن هذه النسب تتوافق إلى حد كبير مع هيكلية سوق العمل الألماني، مؤكدًا حاجة ألمانيا إلى 400 ألف مهاجر سنويًا من أجل تعويض نقص الأيدي العاملة في البلاد.
وقال في هذا السياق “بدون الهجرة لن يتأثر نظام دعم البطالة فحسب، بل أنظمة التأمين التقاعدي والصحي أيضًا، وهي التي تزيد تكاليفها مع التقدم في السن”.
وحذر بروكر من أن انعدام الهجرة “سيتسبب بنشوء صراعات على توزيع الثروة، ليس بين الأجيال المختلفة فحسب، بل بين الأثرياء والفقراء داخل الأجيال الشابة أيضًا”.
وبيّن الخبير الألماني أن الأرقام تشير إلى أنه وحتى شهر أيار الماضي كان 36% من اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا منذ عام 2015 يعملون بأجر، ويدفع 80% منهم التزامات التأمين الاجتماعي.
وتوقع أنه وبحلول تشرين الأول المقبل ستصل نسبة اللاجئين الذين يعملون في ألمانيا إلى 40%، مشيرًا إلى أن اندماج اللاجئين في سوق العمل الآن يعد أسرع قليلًا منه في الأجيال السابقة.
وبحسب إحصائيات “وكالة العمل الاتحادية” في ألمانيا فإن عدد اللاجئين الذين يعملون في البلاد بلغ حتى نهاية عام 2018، نحو 370 ألف لاجئ، وتوقع مدير الوكالة أن يحصل ما بين 60 إلى 70 ألف لاجئ على عمل خلال عام 2019.
وتشير توقعات معهد التوظيف التابع لوزارة التوظيف الفيدرالية (IAB) في ألمانيا إلى أنه في حال استمر نمو العمالة بين اللاجئين في ألمانيا فإن نصف اللاجئين سيحصلون على عمل بحلول عام 2023.
ويمتلك اللاجئون صفاتًا نفسية واجتماعية عديدة تؤهلهم للنجاح في سوق العمل بحسب بروكر، منها الثقة بالنفس ومهارات التواصل الاجتماعي والرغبة بالتعاون.
أما ما ينقصهم فهو الاستعداد لتحمل المخاطر، والذي قد يكون ذا صلة بما تعرضوا له من خطر على طريق اللجوء، “إذ أن من واجه مخاطر حقيقية، لا يريد بالضرورة أن يعرض نفسه لها مجددًا”، وفق بروكر.
واستقبلت ألمانيا، منذ عام 2015، ما يزيد عن مليون لاجئ ومهاجر، معظمهم فروا من النزاعات الدائرة في بلدهم، خاصة من سوريا والعراق وأفغانستان.
واستجابة لأزمة اللاجئين، طرحت الحكومة الألمانية قانونًا جديدًا، عام 2016، لدمج اللاجئين على أراضيها في سوق العمل، أعطتهم من خلاله نفس الأولوية في حال تقدموا إلى وظيفة مع الألمان، بعد أن كان قانون العمل الألماني يعطي أولوية للمواطنين الألمان.