يعيش 50 سوريًا بينهم 20 قاصرًا وأربع نساء حوامل في حديقة عامة في مدريد منذ بداية الشهر، بسبب البيروقراطية وافتقادهم للمهارات اللغوية، حسبما نقلت صحيفة “إل بايس” الإسبانية، اليوم 26 من تموز.
تعاني العائلات السورية الـ 15 من هذا الموقف منذ 10 من تموز، بعد أن تمت إعادتهم من فرنسا إلى إسبانيا تطبيقًا لاتفاقية دبلن بين دول الاتحاد الأوروبي، التي تنص على إعادة أي لاجئ سوري للبلد التي بصم فيها للمرة الأولى طلبًا للجوء.
وأوضح أحد رجال المجموعة، الذي ذكرت الصحيفة أن اسمه محمد، “لقد ذهبنا إلى محطة الشرطة وطلبوا منا عنوان منزلنا، الذي لا نملكه. لقد دفعت قرابة 300 يورو للحصول على إذن للسكن لعائلتي وأقرب المواعيد الشاغرة بعد ثلاثة أشهر”.
وأضاف أن السفارة السورية في مدريد طلبت منهم العودة إلى سوريا للحصول على وثائق تمكنهم من استخراج جوازات سفر للأطفال الجدد، وهو ما اعتبره “جنونًا”.
غادرت العائلات مدينة حماة قبل سبع سنوات عند بدء الصراع السوري، حيث كان الرجال يعملون بصناعة تيجان الأسنان، وتنقلوا خلال السنوات الخمس الأولى بين الدول العربية من مخيمات لبنان إلى البيوت المستأجرة في الجزائر والمغرب.
ثم عبروا في آب 2017، إلى مدينة مليلية الإسبانية، بعد أن دفعوا للمهربين 300 يورو عن كل شخص، حسبما قال محمد للصحيفة الإسبانية، وما إن وصلوا إلى إسبانيا حتى قدموا طلبًا للجوء.
تم تحويلهم من هناك إلى مدريد وأقاموا في مركز للاستقبال. وبعد بضعة أشهر، وبتشجيع من أقربائهم، قرروا مغادرة المكان طوعًا والتوجه إلى فرنسا، وهناك وجدوا منزلًا مهجورًا في ضواحي باريس، نظفوه وعاشوا فيه.
تمكن الأطفال من الذهاب للمدرسة في فرنسا، وتمكنت النساء من الولادة في المشافي، وحصلت كل عائلة على مبلغ تراوح ما بين 500 إلى 800 يورو شهريًا، إضافة إلى المردود الذي حصلوا عليه من العمل بشكل غير رسمي.
ولكن بعد سنتين، أخبرتهم الشرطة الفرنسية أنه ستتم إعادتهم “خلال بضعة أيام” إلى إسبانيا، لذلك رحلوا من أنفسهم، دون انتظار السلطات الفرنسية لإعادتهم، ووصلوا إلى مدريد واختاروا البقاء في حديقة “سيلفادور دي مادرياغا”، القريبة من مسجد M 30.
مرت خلال الأسبوعين الماضيين سيارتان للشرطة، وفقًا للسوريين ولأهالي المنطقة، ولكن لم يأت أحد من وزارة العمل والهجرة. “بعد أن أريناهم وثائقنا، قالت الشرطة إنها تريد أخذ أطفالنا، لأنهم قُصر ينامون في الشوارع، ولم يقولوا شيئًا آخر”، حسبما قال عبد الرازق، رجل آخر في المجموعة. ولكن اللاجئين رفضوا وطلبوا أن تؤمن لهم مرافق ملائمة.
يطبخون طعامهم على غاز صغير ويستحم أطفالهم بالنافورة العامة، ويسمح لهم مسؤولو المسجد باستخدام الحمامات فيه ولكن لا يأذنون لهم أن يبيتوا فيه.
قال مدير المركز الثقافي الإسلامي، سامي الميشتاوي للصحيفة الإسبانية، “نفضل ألا نتدخل” في هذا الوضع، وأضاف أنهم يبحثون “فيما يمكن فعله”.
تلقت العائلات السورية مساعدات من الجيران الإسبان ومن رواد المسجد الذين قدموا لهم الطعام والألعاب للأطفال، ولكن النساء الحوامل بحاجة للرعاية الطبية، التي يقف حاجز اللغة عائقًا أمام الحصول عليها.
من بين النساء الأربع الحوامل، ذهبت واحدة فقط إلى الطبيب، الذي قدم لها ورقة لم تستطع قراءة ما فيها، والتي تذكر فحوصاتها أنها في الشهر التاسع وليس في السابع كما تعتقد.
وتعاني إحدى البنات الصغار من ألم في أسنانها وتبكي دون توقف، ويتساءل اللاجئون، “أين حقوق الإنسان في أوروبا؟”.
تتم إعادة عشرات العائلات السورية إلى إسبانيا مع تطبيق اتفاقية دبلن، ولكن لا يبدو أن هذا التطبيق يشمل آلية لاصطحاب طالبي اللجوء أو تنسيقًا بين الدول الأوروبية.
أقرت محكمة محافظة مدريد، في كانون الأول 2018، قانونًا يضمن حصول العائدين إليها من اللاجئين على نظام الحماية، وجاء في نصه “ستكون الأولوية لإعادة إدراج ملفات الأشخاص الأكثر ضعفًا في نظام الاستقبال”، والأكثر ضعفًا هم النساء الحوامل والعائلات التي تضم أطفالًا، كما هو حال العائلات الـ 15 المخيمة حاليًا في الحديقة.
–