عنب بلدي – ضياء عودة
خرج المواطن أحمد الحلبي، من أهالي مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، في مظاهرة يوم الأحد 14 من تموز إلى جانب المئات من المواطنين، احتجوا فيها ضد غلاء أسعار الكهرباء المحددة من قبل شركة شركة “AK Energy” التركية، التي دخلت بعقد استثماري لإيصال الكهرباء إلى المنطقة، في نيسان 2018.
يعود الحلبي بالذاكرة إلى الوراء، ويقارن بين الأسعار التي كان يدفعها لقاء الحصول على الكهرباء بموجب نظام الأمبيرات، والأسعار الجديدة المحددة من قبل الشركة التركية، موضحًا في حديث إلى عنب بلدي أن الفارق “كبير”، ففي السابق لم يكن يلقي بالًا للفواتير التي سيدفعها شهريًا، أما في الوقت الحالي فإنه يخصص جزءًا كبيرًا من دخله لدفع ما يستهلكه من الكهرباء، التي وصلت إلى جميع منازل اعزاز، بعد تنفيذ المشروع من قبل الشركة التركية بالكامل، وتوصيل العدادات للمشتركين.
ويقول الحلبي إن أغلبية أهالي اعزاز لديهم نفس وجهة نظره بشأن الفارق في الأسعار بين السابق والوقت الحالي، إذ تصل قيمة الاشتراك إلى حوالي 1000 ليرة تركية، والفاتورة الشهرية لكل منزل بشكل تقريبي 300 ليرة تركية، معتبرًا أنه “فارق كبير مقارنة مع الأمبيرات”.
علاء الحسين من سكان اعزاز أيضًا تحدث لعنب بلدي عن غلاء أسعار الكهرباء في المدينة، التي حددتها الشركة التركية، بعد الانتهاء من تنفيذ مشروع مد الشبكة.
ويشير إلى أن كل منزل في اعزاز يجب عليه دفع 150 ليرة تركية كل 20 يومًا، وذلك بتشغيل الإنارة والأضواء فقط، بعيدًا عن الآلات الكهربائية و”الغاطسات”، وهو ما يزيد من معاناة المواطنين، بسبب الفارق الكبير مع مدخول الفرد، بحسب تعبيره.
ويقدر سعر صرف الليرة التركية بـ 105 ليرات سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.
الشركة تدخل بعقد شفهي
المواطنون الذين خرجوا في المظاهرات طالبوا بتخفيض سعر الرسوم والاشتراكات، ودعوا المجلس المحلي في اعزاز للضغط على الشركة التركية من أجل تخفيض سعر الكهرباء، ليتماشى مع وضع أهالي المدينة، والمهجرين الموجودين فيها.
وتبع المظاهرات اجتماع بين الأهالي وأعضاء المجلس المحلي، وعَرَض الأهالي شكاوى المواطنين بخصوص ارتفاع أسعار الكهرباء، وأبدى المجلس اهتمامه بالقضية وتعهد بمتابعتها مع وفد يمثل الأهالي بلقاء والي كلّس ومسؤولي شركة الكهرباء.
وبحسب مراسل عنب بلدي في ريف حلب، قال المجلس المحلي إن الاتفاق مع شركة الكهرباء هو مبدئي وليس نهائيًا، معتبرًا أنه لا يوافق حتى الآن الشركة بعدة جوانب، ولا يوجد اتفاق نهائي بخصوص الجوانب المتعلقة بالضرائب والأسعار.
ويطالب المجلس المحلي الشركة التركية بمد الدوائر الرسمية بالكهرباء مجانًا، بالإضافة إلى إنارة الطرقات، وأوضح المراسل أن الأهالي وأعضاء المجلس ناقشوا الحلول المطروحة للتعامل مع قضية الكهرباء وتعهدوا بحلها، لكن بعد لقاء الوالي ومسؤولي الشركة خلال الأيام المقبلة.
مدير “مكتب اعزاز الإعلامي” المستقل، عبد القادر أبو يوسف، يقول لعنب بلدي إن الشركة التركية كانت قد دخلت بمشروع إيصال الكهرباء إلى اعزاز في الوقت الذي خرجت فيه مظاهرات سابقة من قبل الأهالي ضد المجلس المحلي طالبت بحله، وتحولت فيما بعد إلى اعتصام، آب 2018.
ويضيف أبو يوسف أن الظروف التي دخلت فيها الشركة بالعقد الاستثماري، كانت لها تبعات سيئة، إذ لم يبرم عقد رسمي مع المجلس المحلي، بل تم الأمر على شكل مذكرات شفهية أو ما يمكن اعتباره عقدًا مبدئيًا بين الطرفين.
ويوضح أبو يوسف أن الشركة بدأت بتقاضي رسوم الكهرباء بأسعار مرتفعة، بشكل فوري وبعد الانتهاء من المشروع، ووصل سعر الكيلو واط 85 إلى قرشًا حتى ليرة تركية، بينما تحددت رسوم الاشتراك بما يعادل 100 ألف ليرة سورية.
أدى ذلك إلى حالة احتقان شعبي واسعة، وبحسب أبو يوسف تدعي شركة الكهرباء التركية أنها لا تحصل على المرابح الكافية، لذلك لم تخفض الأسعار، بسبب ضعف السحب من قبل أهالي المدينة.
إلى جانب الأهالي، يتأثر المجلس المحلي بغلاء أسعار الكهرباء، المحددة من قبل الشركة التركية، إذ يدفع ضرائب أيضًا عن المؤسسات التابعة له وعن المساجد والمرافق العامة، رغم أن الشركة استخدمت الشبكات العامة، التي كانت ممدودة في المنطقة في السنوات الماضية، واقتصر مشروعها على المحطة التي أنشأتها لإيصال الشبكة.
طرح لاستجرار الكهرباء من تركيا
اللقاء الذي جمع أهالي اعزاز ومسؤولي المجلس المحلي طرح فيه، كأحد الحلول، استجرار الكهرباء من تركيا مباشرة نتيجة الصرف الخفيف جدًا في المدينة، والذي يقدر بـ 4.5 ميغا واط مع الريف المُخدَّم حديثًا، وهو الأمر الذي يؤثر على قدرة الشركة على تحقيق الربح وخفض الأسعار.
وبحسب مراسل عنب بلدي، نقلًا عن سكان من اعزاز، تتم حاليًا دراسة استجرار التيار الكهربائي من تركيا مباشرة، لكن دون وجود موعد محدد لذلك حتى الآن.
خلاصة الاجتماع كانت بالاتفاق على إجراء اجتماع بوالي كلس ومسؤولي شركة الكهرباء، ثم الاتفاق حول كيفية العمل لحل المشكلة من قبل المجلس والأهالي بعد إيضاح الصورة بشكل كامل.
أول عقد في ريف حلب
في نيسان 2018 دخلت شركة تركية خاصة إلى مدينة اعزاز، ووقعت عقدًا لتنفيذ مشروع إيصال الكهرباء، ويعتبر الأكبر من نوعه في المنطقة.
جاء المشروع ضمن عقد وقعه المجلس المحلي في المدينة مع شركة”AK Energy” التركية ذات الملكية الخاصة، وتوسطت بين الطرفين ولاية كلس، على أن تتعهد الشركة بتغذية اعزاز باستطاعة 30 ميغا واط، مقابل توفير الأرض والمواد الأولية اللازمة للمضي في المشروع.
وفي بداية التنفيذ وصلت التكلفة الكاملة للمشروع إلى حوالي سبعة ملايين دولار، بعقد لمدة عشر سنوات.
وبحسب مدير قسم الخدمات في مجلس اعزاز، محمد حاج عمر، في حال وقوع أي خلاف بين المجلس المحلي والشركة ستتولى ولاية كلس حل الأمر، بينما يتولى المجلس حل أي خلاف بين الشركة والمواطنين، وفقًا لبنود الاتفاق.
وقال حاج عمر في وقت سابق لعنب بلدي، إن المجلس شريك من الناحية الإدارية، بينما تتكفل الشركة التركية ببقية الأمور.
وأضاف أن المجلس قدم الأرض للمحطة الحرارية وأبنية إدارية وأخرى للتخزين، بالإضافة إلى مواد عينية كأسلاك نحاسية وألمنيوم وأكبال أرضية بقيمة تتراوح بين 400 و500 ألف دولار.
ولا يحق لأي مشترك الحصول على الكهرباء إلا بعد التسجيل في الشركة، وفيما بعد يتم تصديق الأوراق بشكل مباشر في المجلس، الذي يتولى مهمة التواصل بين المواطنين وأصحاب المشروع.