قرآن من أجل الثّورة 165
الاختلاف
هل يصل الاختلاف إلى حد توجيه -بل تمويه- الرؤية، وبالتالي إلى تيه الرأي؟
لم أر في حياتي اختلافًا مرجعه إلى التباس لا حدود له. هل اختلاف الرؤية والرواية أمر طبيعي أم لازم في مثل وضع سوريا المتأزم أزمة لم تمر بها منذ قرون؟ هل الموضوعية وهْم وخرافة، هل من الصعب على الإنسان بناء مواقف صادقة صادمة صارمة، هل يرجع الإنسان إلى الأمية، وهو يقرأ قراءة مفروضة؟ هل هذا معنى قوله تعالى:
{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} (سورة هود، 118-119).
لا أريد أن أقول من وراء ذلك أن الصدق والحق والعدل حالة استحالة، ذلك أن هنالك استثناء {إِلاَّ مَن رَّحِمَ}، وإنما أريد أن أقول أن الناس يعانون على الغالب من البغي في الاختلاف الذي يفسد لهم كل قضية، حتى ولو كانوا راغبين في الإصلاح أساسًا.
ما نبغيه هو بغي على أنفسنا، لأنه يكرّس الاختلاف باتجاه الإجحاف وليس باتجاه الإنصاف
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (سورة يونس، 23).
ولعلّ في تكرار آية الاختلاف والتفرّق بعد مجيء العلم أربع مرات في القرآن تنبيهًا لنا إلى خطورة البغي:
{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (سورة البقرة، 213)، {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (سورة آل عمران، 19)، {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (سورة الجاثية، 17)،{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (سورة الشورى، 14)، ذلك أن مجيئه منصوبًا “بَغْيًا بَيْنَهُمْ” يعني أنه هذا هو حال المختلفين والمتفرقين الذين لم يهدهم الله إلى الحق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :