معركة ذات السلالم
العميد أحمد بري
تحدث التاريخ عن معركة ذات الصواري وذات السلاسل وحطين واليرموك، ولكن “ذات السلالم” هي معركة في هذه الأيام خطط لها ونفذها أبطال من “الجيش الحر” في ريف حماة الشمالي، وتحديدًا على تل الحماميات، ولكم القصة من أولها:
استفاد النظام من تنظيم وتجهيز وتحصين نقاط الاستناد الإسرائيلية الموجودة على هضبة الجولان، وأسقطها على تل الحماميات، وجعل منها نقاط استناد مشابهة للموجودة في هضبة الجولان التي خططها ونفذها ضباط ومهندسون من الجيش الإسرائيلي، وقلدها النظام تمامًا مستعينًا بخبراتهم.
أما التحصين فكان على الشكل التالي:
تم حفر خندق حول تل الحماميات بطول 400 متر، وعمق ثلاثة أمتار وعرض أربعة أمتار، وشكّل التراب الناتج ساترًا ترابيًا من جهة التل بارتفاع ثلاثة أمتار.
وزرع النظام فيها الألغام الفردية وألغام “م. د”، وأحاط التلة بسور من الأسلاك الشائكة، ما جعل عبور الخندق، واجتياز الأسلاك الشائكة والسواتر الترابية وألغامها أمرًا مستحيلًا على المهاجمين، بالإضافة لحفر فردية للعناصر تبعد من اثنين إلى أربعة أمتار عن النفق.
أما تسليح التل فاحتوى عددًا لا بأس به من رشاشات 23، ورشاشات 14.5، ورشاشات دوشكا، بالإضافة إلى المناظير الحرارية الليلية، وجعل المدخل الوحيد لهذه القلعة من الجهة الخلفية محصنًا ومغلقًا بشكل جيد، ظنًا من النظام أن عناصره أصبحوا آمنين غير آبهين بالبلاء الأعظم الذي سيحل عليهم.
قوام النقطة
قوام النقطة يضم 80 عنصرًا بين ضابط وصف ضابط وأفراد خليط من التشكيلات الموجودة في المنطقة والمرتزقة والشبيحة، هذا بالإضافة إلى الدبابات والعربات المدرعة وعربات الشيلكا والآليات المتنوعة.
مع عدم نسيان الدعم الجوي لهذه النقطة من الطائرات الحربية الروسية وطيران النظام، والحوامات المختلفة المهام وبطاريات المدفعية وراجمات الصواريخ والهاونات المنتشرة في منطقتي السقيلبية ومحردة وبقية القرى الأخرى.
ظن النظام وأزلامه من سهيل الحسن وغيره أن هذا التحصين سيحميه ويحمي مرافقته من أبطال “الجيش الحر”، لكن ماذا حدث؟
بدأ الضباط والعسكريون من مقاتلي المعارضة بالاستطلاع التام للتل والقرية بالوسائل البدائية والبسيطة المتوفرة لديهم، نسبة لوسائط استطلاع العدو، وخططوا لهذا الأمر جيدًا وابتكروا طريقة جديدة لم يسبقهم إليها أحد، لاجتياز الخندق، وهي السلالم التي صنعوها وحضروها على عجل.
هذه الطريقة البسيطة، التي لم تخطر على بال مفكري ومخططي النظام طيلة 50 عامًا من احتلال الجولان.
الطريقة بسيطة والتدريب عليها سهل وقليلة الكلفة والتكلفة، وتم تنفيذها بشكل جيد ودقيق من قبل رجال صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه، وعبروا الخندق ثم نقلوا السلالم للنقطة الترابية وصعدوا عليها ووصلوا إلى رأس التل.
لم يشعر النظام وميليشياته، إلا والرجال الأشاوس قد ركبوا التل والقرية وصاروا على صدورهم، وفعلوا بهم العجائب فكانت خسائرهم عشرات القتلى أما جرحاهم فقد تجاوزوا المئة، عدا عن الأسرى.
فتحيةً للأبطال الشجعان من ضباط وصف ضباط ومقاتلين من جميع الفصائل الذين اختلطت دماؤهم وأرواحهم مع بعضهم… رجال وعدوا وأوفوا بعهدهم ورخصت أرواحهم تجاه الله والوطن، فصمدوا صمود الجبال وقاتلوا قتال الشجعان وتصدوا للطائرات والدبابات بصدورهم وبنادقهم، فلم ينتصروا بالعدة والعتاد ولكن بالعزيمة وقوة الإيمان.
لقد أثبتت المعارك الأخيرة في ريف حماة والساحل أن أي عمل عسكري يخطط ويشرف عليه الضباط المختصون تكون نتائجه عظيمة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :