غادرت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، إليزابيث هوف، منصبها، في تموز 2019، بعد سبع سنوات من العمل الدؤوب خلال الفترة التي شهدت أسوأ كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين.
استلمت هوف منصبها في سوريا في 23 من تموز 2012، وكانت قبل ذلك قائدة لفريق إدارة المخاطر الطارئة والتجاوب الإنساني، في مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف، ووجهتها المقبلة هي ليبيا.
تحدثت هوف عن إعجابها بسوريا وبالسوريين وقالت لمنظمة الصحة، “لم أشعر أبدًا كأجنبية هنا.. السوريون منفتحو العقل وتواقون للتواصل مع الناس من الحضارات الأخرى. يحبون السلام ومتعلمون ومجدون بعملهم. ويحبون وطنهم”.
وأضافت، “انبهرت دومًا بكرم ووحدة الناس هنا. ساعد كثير من السوريين بعضهم. فتح ناس عاديون أبوابهم وشاركوا بيوتهم ووجباتهم وممتلكاتهم مع الآخرين ممن دمرت بيوتهم أو أجبروا على مغادرة قراهم”.
تعامل مع النظام “لا بد منه”
لم تكن مهمة سهلة في ظل الحصار والقصف والمخاطر العديدة التي عانت منها سوريا خلال الأعوام الثمانية الماضية، بعد مواجهة النظام السوري للمظاهرات الشعبية السلمية المطالبة بالإصلاح بالقمع والعنف. وقالت هوف عن تلك التحديات “تضمنت (المهمة) ما يزيد عن التعامل مع الأوضاع الصحية العاجلة، ولكن التعامل مع ساحة سياسية معقدة مع أطراف متعددة، كل له مصلحته وأجندته الخاصة”.
وتابعت، “بالطبع لإنجاز الأمور ببيئة متحدية كهذه، كان من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع وزارة الصحة التابعة للحكومة”.
برزت هوف عام 2016 عند دفاعها عن اختيار زوجة نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لتمثيل منظمة الصحة العالمية لتقييم الصحة العقلية للنازحين السوريين، رافضة استبعادها بناءً على صلاتها بالنظام قائلة إن فريقها يضم أناسًا من كل الاتجاهات السياسية.
تمتلك هوف خبرة بالعمل مع المنظمات الدولية في إفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط.
وعملت مستشارة إقليمية لمنظمة الصحة العالمية للعائلة والصحة الإنجابية، وممثلة للأمم المتحدة في أرمينيا، ومديرة للعمليات وقائدة للقطاع الصحي في الصندوق العالمي، وعملت في برامج أمراض الملاريا ونقص المناعة المكتسب والسل.
حصلت على شهادة ماجستير في التعليم من جامعة تروندهايم في بلدها النرويج عام 1988، وشهادة ماجستير في العلوم في الصحة المجتمعية من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة عام 1991، ودرجة في العلاقات الدولية وحل النزاعات من مدرسة هارفارد للحقوق من الولايات المتحدة عام 1996.
تحديات فرضها الصراع
عملت هوف مع السلطات المحلية للمساعدة بتفادي انهيار النظام الصحي، وبرأيها فإن النظام الصحي يتعافى ببطء، بعد أن دربت منظمة الصحة العالمية آلاف المختصين بالرعاية الصحية لاستبدال من غادروا البلاد أو قتلوا خلال الأعوام الثمانية الماضية.
وسافرت إلى كامل أنحاء سوريا رغم قيود التنقل والمخاطر الأمنية محاولة “استحقاق ثقة واحترام” الفرق الطبية العاملة على الأرض.
أدانت استهداف المراكز الصحية بالقصف، واعتبرت أن ما يحصل من استهداف للطواقم الإسعافية يعد “مؤلمًا”.
وتقدر الإحصائيات الأممية حاجة 13.2 مليون سوري للرعاية الصحية مع 5.2 مليون شخص بحاجة ماسة لها.
وذكر التقرير السنوي لمنظمة الصحة لعام 2018 أنه تم توفير 1909 أطنان من المعدات الطبية لحوالي 100 مشفى، وتقديم قرابة 10 ملايين علبة دواء في أنحاء سوريا، وتمت إعادة تأهيل خمسة مراكز طبية، مع تدريب 30865 من الطواقم الطبية ضمن مجالات متنوعة.
ونقلت المنظمة عن هوف قولها “لقد زرت سوريا قبل أن أنضم لمنظمة الصحة العالمية بزمن طويل. أحببتها حينها وأحبها الآن. إنها مهد الحضارة”، ومهما طال أمد الصراع “أستطيع رؤية الضوء في آخر النفق”.
–