عنب بلدي – خاص
عاد ملف كيماوي دوما إلى الواجهة مجددًا، بعد سجالات ممتدة على مدار عام ونيف من الضربة التي حصدت أرواح 42 شخصًا بحسب تقديرات “الدفاع المدني” والجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز).
عودة الملف مجددًا جاءت من روسيا، على لسان ممثلها الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ألكسندر شولغين، الذي قال، الجمعة 12 من تموز، إن هناك تناقضًا في تقرير منظمة حظر الأسلحة الذي قدمته في آذار الماضي، والذي خلص إلى أن تحليل العينات الطبية والبيئية التي حصلت عليها البعثة خلال تفتيشها المنطقة أظهر استخدام مادة الكلور الجزيئي.
ترافقت عودة التصريحات الروسية مع الحديث عن تشكيل جديد لفريق التحقيق باستخدام الأسلحة الكيماوية للتحقيق بحوادث واستهدافات مشابهة إلى جانب خشية دولية من امتلاك النظام السوري أسلحة من هذا النوع.
خشية دولية وفريق تحقيقات جديد في الكيماوي
عبرت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية عن قلقها من امتلاك النظام السوري الأسلحة الكيماوية حتى الآن، بعد اكتشاف آثار لما قد يكون منتجًا ثانويًا لغاز سام في مركز الدراسات والبحوث العلمية في برزة.
ورجحت مبعوثة كندا إلى المنظمة “امتلاك سوريا لمواد كيماوية من التصنيف 1″، وهي تشمل السارين وغاز الأعصاب وغاز خردل الكبريت، وقالت سابين نولكي، عند تقديم ما اكتشفه التقرير من التحقيق الذي أجري العام الماضي، إن النتائج تبين كذب سوريا واحتمال تدميرها للأدلة.
وأبلغ المدير العام للمنظمة، فرناندور آرياس، في الاجتماع الذي عقد في 10 من تموز الحالي، الدول الأعضاء برفض سلطات النظام السوري تقديم تأشيرة الدخول لفريق التحقيق الجديد الموكل بتحديد المسؤول عن الهجمات الكيماوية التي حصلت خلال السنوات الأخيرة.
واعتبر ممثل بريطانيا، بيتر ويلسن، أن قرار منع الفريق “غير مقبول نهائيًا”، واعتبر الرفض دلالة على استمرار النظام ببرنامجه الكيماوي، قائلًا “سوريا تصر أنها لا تمتلك برنامجًا للأسلحة الكيماوية، لم تحاول جهدها إذًا الحؤول دون تحديد هوية من استخدموا الأسلحة الكيماوية في منطقتها؟”.
وتحدث الممثل الفنلندي، بايفي كاوكورانتا، بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي، وعبر عن قلقه من خرق سوريا لالتزاماتها للمنظمة من خلال عدم الإفصاح التام عن كامل ترسانتها وتدميرها كما كان متفقًا عام 2013.
وقالت وكالة “رويترز”، في 12 من تموز الحالي، إنها علمت من مصادر مطلعة أن فريقًا جديدًا شكلته منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتحديد الجهة التي استخدمت ذخائر محظورة في سوريا، وسيحقق الفريق، وفق الوكالة، في أنباء عن وقوع تسع هجمات خلال الحرب الدائرة، ومنها هجمات مدينة دوما، في 7 من نيسان من العام الماضي.
كيماوي دوما وعبث روسي
استهدفت قوات الأسد المدعومة روسيًا مدينة دوما، في 7 من نيسان من العام الماضي، بقذائف صاروخية تحمل غازات سامة، وفق منظمة “الدفاع المدني”.
وقالت المنظمة في بيان مشترك مع الجمعية الطبية السورية (سامز) إن 42 شخصًا قتلوا بالإضافة إلى إصابة ما يزيد على 500 شخص نتيجة تعرضهم لغاز سام.
ووفق البيان، فإن الأعراض المشتركة بين الضحايا تشير إلى حالات اختناق بغاز سام، وترجح المظاهر السريرية أن يكون الغاز المستخدم أحد مركبات الفوسفور العضوية.
سارعت روسيا إلى نفي تلك “الادعاءات”، وتنفيذ اتفاق دوما مع فصيل “جيش الإسلام” لإخلاء المدينة من المقاتلين الراغبين في الخروج إلى الشمال السوري، كما سارعت إلى دخول المنطقة قبيل انقضاء الاتفاق وانتهاء عملية “التهجير القسري”.
وزارت القوات الروسية المنطقة المستهدفة بالكيماوي، وعرقلت دخول لجنة المفتشين الدوليين، بذريعة ضرورة حل قضايا أمنية في دوما قبل بدء الخبراء بمهامهم، قبل أن تنفجر سيارتان مفخختان على بعد كيلومتر واحد من مكان الاستهداف، فيما بدا محاولة لتأخير دخول لجنة المفتشين.
وعقب الحادثة، أصدرت الخارجية الفرنسية بيانًا رجحت فيه إخفاء الأدلة على استخدام النظام السوري للكيماوي في دوما، ودعت الخارجية في بيانها، في 17 من نيسان، إلى السماح للمفتشين الدوليين بالدخول الفوري إلى مدينة دوما وتحري الحقائق بشكل كامل.
واتهمت الولايات المتحدة النظام السوري بتأجيل دخول الخبراء لطمس معالم الكيماوي في مدينة دوما، إلا أن روسيا آنذاك قالت إن الضربة الثلاثية التي شنها الغرب ضد نظام الأسد هي التي عرقلت عملهم.
رواية روسية جديدة حول دوما
المندوب الروسي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ألكسندر شولغين، قال في مؤتمر لاهاي، في 12 من تموز، إن بلاده طلبت من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مؤتمرًا صحفيًا لتحصل على مزيد من الأجوبة حول أسئلتها ولكنها طلبها قوبل بالرفض.
وفي رواية جديدة لروسيا حول حادثة كيماوي دوما، قال شولغين إنه بعد التحليلات والتحقيقات، تبين “أن الفجوة التي خلفها انفجار العبوة في المبنى بمدينة دوما في الهجوم (المزعوم) ناجم عن انفجار لغم وليس عبر إسقاطها من الطائرة، وأنها وُسعت بشكل يدوي وأضيفت إليها السوائل”.
وبحسب الرواية الروسية الجديدة، فإن العبوات في هجوم دوما أوصلت باليد ولم يتم رميها من طائرة، ما يدل على “تزوير ما جرى هنا”، وفق تعبيره.
وأشار شولغين إلى أن روسيا لم تحصل على تفسيرات واضحة فيما يخص هذه “العبوات”، معتبرًا أن “هذه المدينة (دوما) كانت تحت سيطرة الإرهابيين”.
وبحسب شولغين فإن المعلومات المتاحة تتناقض مع ما جاء في تقرير المنظمة “ما يدل على تزوير الحقائق بخصوص ما جرى في دوما”، ووفق التحليل القائم، فإن العينات البيئية والبيولوجية التي أُخذت من دوما تم إيصالها من خارج الأراضي السورية إلى المنظمة “لذلك يدور السؤال لدى خبرائنا حول مصداقيتها”.
وعلى الرغم من السجالات المتعددة التي مرت بها الهجمات التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية، يبقى تحديد هوية المنفذ من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية هو الفيصل بينها.