أجرى النظام السوري، الأحد 7 من تموز، تغييرات جديدة في قيادة أفرع المخابرات الرئيسية في سوريا، وشملت شعب الجوية وأمن الدولة والأمن السياسي والجنائي.
وتعتبر المخابرات الجوية من أقوى أجهزة المخابرات الأربعة في سوريا، إلى جانب العسكرية والسياسة وإدارة المخابرات العامة، واحتلت مكانة خاصة لدى النظام، وتحولت إلى مصدر رعب لدى السوريين.
قتل وتعذيب بطرق ممنهجة، حالات وثقتها منظمات وشبكات حقوقية دولية، من بينها هيومن رايتس ووتش، بشهادات خرجت من داخل أقبية فروع المخابرات الجوية، لشخصيات معارضة للنظام ومعتقلي الرأي.
وكانت للمخابرات الجوية مشاركة واسعة في الثورة السورية، واعتقال آلاف السوريين من المظاهرات وتغييبهم قسريًا.
وتعاقب على إدارة جهاز الاستخبارات الجوية ست شخصيات منذ إعلان تأسيسيها على يد الرئيس السابق، حافظ الأسد، في ستينيات القرن الماضي، عندما كان يترأس سلاح الجو في سوريا.
محمد الخولي
أول من ترأس المخابرات الجوية كان محمد الخولي، من مواليد 1937 وينحدر من بيت ياشوط في جبلة، لم يكن له أي ظهور أو صلة بـ “حزب البعث” قبل ظهوره المفاجئ في 1970، عندما استولى الأسد على الحكم في سوريا.
وبحسب كتاب “فلاحو سوريا.. أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنًا وسياساتهم” للكاتب حنا بطاطو، فإن الأسد الأب عين، بعد توليه قيادة القوة الجوية في 1964، محمد الخولي نائبًا للمخابرات الجوية، قبل أن يصبح رئيسًا لها بعد وصول الأسد إلى السلطة 1970.
وبقي الخولي رئيسًا للمخابرات الجوية حتى 31 من تشرين الأول 1987، قبل أن يفقد منصبه إثر قضية نزار الهنداوي.
وتحدث الكاتب البريطاني، باتريك سيل، في كتابة “الأسد والصراع على الشرق الأوسط“، عن قضية نزار هنداوي، الذي حاول عبر استغلال خطيبته تفجير طائرة إسرائيلية في مطار هيثرو بلندن.
وبحسب الكتاب فإن هنداوي اعترف بأنه التقى في دمشق، في كانون الثاني 1986، بمدير مخابرات القوة الجوية اللواء، محمد الخولي، وأحد ضباطه، العقيد هيثم سعيد، الذي أمره بوضع قنبلة في طائرة “إل عال” في لندن.
وعقب قضية هنداوي، التي أحرجت الأسد أمام العالم، تحمل الخولي المسؤولية النهائية وتمت إقالته، ليعين معاون قائد القوى الجوية وبقي فيه حتى 1994، كما بقي يحتل مرتبة رفيعة لدى الأسد، ومارس تأثيرًا كبيرًا عليه بوصفه مستشارًا له لشؤون الاستخبارات. بحسب بطاطو.
وتزوج الخولي من ميرزت عبود، ابنة الضابط الطيار كامل عبود، وهي تترأس حاليًا “فريق شباب دمشق التطوعيّ”، و”جمعية بنا لرعاية المكفوفين”.
إبراهيم حويجة
بعد إقالة الخولي ترأس الجهاز الاستخباراتي اللواء إبراهيم حويجة، وبحسب الكاتب حنا بطاطو فإن السوريين يعتبرون حويجة صنيعة الخولي، وينحدر من قرية عين شقاق المتاخمة لبلدة بيت ياشوط في جبلة.
استلم حويجة إدارة المخابرات في 1987 وبقي حتى 2002، في حين لا تتوفر معلومات كافية عنه.
واتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، في شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة في لبنان، في أيار 2015، حويجة بقتل والده كمال جنبلاط، عندما كان ضابطًا في المخابرات الجوية.
عز الدين إسماعيل
ينحدر اللواء عز الدين إسماعيل من قرية بسطوير من ريف مدينة جبلة، وهو من مواليد 1947، وكان مسؤولًا عن أمن القواعد الجوية في سوريا، قبل أن يترأس منصب إدارة المخابرات الجوية في 2002، وبقي حتى تقاعده في 2005.
وشملت العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي في 2012، عز الدين إسماعيل، وقال الاتحاد إن الأسد الابن عينه مستشارًا أمنيًا وسياسيًا له في 2006، وهو متورط في أعمال القمع ضد المعارضين السوريين.
عبد الفتاح قدسية
استلم عبد الفتاح قدسية إدارة المخابرات الجوية، عقب عز الدين إسماعيل في 2005، وبقي في المنصب حتى 2009.
وينحدر قدسية من حماة 1953، وخدم في القوات الخاصة وفي الحرس الجمهوري، ورقي إلى رتبة عميد وأصبح من المقربين من باسل الأسد، ثم انتقل إلى إدارة المخابرات الجوية وتدرج بالرتب حتى تولى القيادة، بحسب موقع “مع العدالة”، المتخصص بتوثيق جرائم الحرب والشخصيات المسؤولة عنها.
وعين في 2009 رئيسًا لشعبة المخابرات العسكرية، واستمر في منصبه حتى 2012، ليتم تعيينه نائبًا لمدير مكتب الأمن الوطني، علي مملوك.
وورد اسم عبد الفتاح قدسية في تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” في كانون الأول 2011، بعنوان “مسؤولية الأفراد والقيادة عن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا”.
كما ورد اسمه في العقوبات الأوروبية والأمريكية بسبب مسؤوليته عن كثير من الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا.
جميل حسن
ينحدر جميل حسن من قرية القرنبة في حمص، وهو من مواليد 1952، وانتسب إلى الكلية الحربية 1972، باختصاص دفاع جوي، وتدرج في الرتب العسكرية إلى أن بلغ رتبة لواء في 2009، وهو عام تعيينه مديرًا للمخابرات الجوية.
وكان جميل حسن معاونًا لعبد الفتاح قدسية عندما كان مديرًا للإدارة، وعمل قبلها رئيسًا لفرع المخابرات الجوية في المنطقة الشرقية في دير الزور عام 2009، بحسب موقع منظمة “مع العدالة“.
ويتهم حسن بأنه صاحب فكرة البراميل المتفجرة التي يستعملها النظام في قصفه لمواقع المعارضة السورية، والتي قتلت الآلاف من المدنيين، وأكد ذلك المحلل اللبناني، ميخائيل عوض، عندما وجه في مقابلة تلفزيونية شكرًا لحسن على اختراعه.
وتضمنت قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي التي فرضها ضد شخصيات من النظام السوري في 2011 اسم جميل حسن، بسبب مسؤوليته عن ارتكاب جرائم بحق سوريين.
وفي شباط الماضي وضعت منظمة “الإنتربول” لمكافحة الجرائم الدولية إشارة حمراء على اسم جميل حسن، بحسب ما نقلت مصادر أوروبية عن صحيفة “الشرق الأوسط”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أوروبية أن الإنتربول طلب من الدول الأعضاء فيه العمل على توقيف حسن بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية خلال فترات الحرب في سوريا.
وأفادت المصادر الأوروبية أن مكتب الإنتربول في لبنان تلقى رسالة، تطلب منه إبلاغ السلطات المعنية في لبنان بالعمل على توقيف حسن في حال ثبت وجوده داخل الأراضي اللبنانية.
غسان إسماعيل
ينحدر اللواء غسان إسماعيل من منطقة دريكيش بمحافظة طرطوس، وهو من مواليد 1960.
برز اسمه خلال خدمته، في إدارة المخابرات الجوية، حينما كان يشغل منصب رئيس فرع المهام الخاصة.
شارك، بحسب موقع منظمة “مع العدالة”، مع عناصر هذه القوة بالإضافة إلى “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد في عمليات قمع المتظاهرين في مدينتي داريا والمعضمية، في تموز من عام 2011.
وفي شهادة لأحد المنشقين عن فرقة العمليات الخاصة تلك، نشرتها “هيومن رايتس ووتش” في 15 من كانون الأول من عام 2011، فإن العقيد غسان إسماعيل أعطى أوامر شفهية بإطلاق النار على المتظاهرين، في حزيران من عام 2011.
وبحسب الموقع، يعتبر إسماعيل المسؤول المباشر عن حوادث الاختفاء القسري لآلاف المدنيين، وعن تصفية عدد كبير من المعتقلين في سجن المزة العسكري، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي، في تموز 2012، إلى تضمين اسمه في الحزمة 17 من عقوباته على النظام في قائمة تضم 27 مسؤولاً في النظام السوري.
وجمدت بريطانيا، عام 2015، أرصدة غسان إسماعيل في حزمة الإجراءات التي اتخذتها بحق مجموعة من الضباط المسؤولين عن انتهاكات بحقوق السوريين.
–