في وسط الغوطة الشرقية، شرق العاصمة السورية دمشق، تقع بلدة مؤلفة من أربعة شوارع رئيسية، دمرتها الطائرات الروسية، خلال الحملة العسكرية التي شنتها على الغوطة في شباط من عام 2018.
تقول روسيا اليوم، الأحد 7 من تموز، إنها أوصلت مساعدات إنسانية إلى البلدة التي “انتزعتها القوات الحكومية” من سيطرة “المسلحين”، وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الروسية (تاس) عن المتحدث باسم مركز المصالحة الروسي، سيرجي مالولتكو، فإن الجنود الروس سيوزعون أكثر من ألفي سلة غذائية، تحتوي على مواد أساسية (لحوم معلبة، أرز، دقيق، سكر، شاي).
وستحصل 500 عائلة على المساعدات المقدمة من روسيا.
تقول “تاس” إن البلدة تعرضت لأضرار جسيمة في الأعمال العدائية، وأغلبية الذين جاؤوا لتلقي المساعدات الروسية كانوا من النساء.
نقلت الوكالة عن امرأة من السكان المحلية قصتها، وقالت إن زوجها وأحد أبنائها قتلوا في “المعارك ضد المسلحين”، وقالت امرأة أخرى إن الأهالي يعيشون على “المنتجات المقدمة من روسيا والحكومة السورية”، وأضافت أن “أغلبية سكان حمورية من النساء والأطفال”.
سيطرت قوات الأسد على بلدة حمورية، خلال المعارك الدائرة في شباط وآذار من العام الماضي، في هجوم مكثف مدعوم بالطيران الروسي، ولكن ما هي قصة السيطرة على حمورية؟
بلدة صغيرة تشارك في احتجاجات الغوطة
تقع بلدة حمورية وسط الغوطة الشرقية، تحدها حزة من الغرب وحوش الأشعري من الشرق وسقبا من الجنوب وعربين من الشمال الغربي ومسرابا في الشمال، وهي بلدة كان يقطنها نحو 13 ألف نسمة وفق الأرقام الحكومية لعام 2013.
يعمل أهالي البلدة بالزراعة والمهن الحرفية وعلى رأسها النجارة، التي تشتهر بصناعتها لا سيما النمط الشرقي منها، إلى جانب جارتها سقبا.
مع بداية الاحتجاجات خرجت حمورية حالها كحال مدن وبلدات الغوطة الشرقية في المظاهرات المطالبة بتغيير النظام، واشتركت مع بقية بلدات ومدن الغوطة في الحراك الشعبي.
يعود تاريخ أول اصطدام بين من حمل السلاح من المحتجين وقوات الأسد إلى تاريخ 4 من أيلول 2011، حينما هاجمت الأفرع الأمنية مظاهرة فرد عليها بعض الشباب بإطلاق الرصاص على حاجز أمني وانتهت بمقتل شابين من البلدة.
اقتحمتها قوات الأسد، في 27 من كانون الثاني من عام 2012، خلال حملة برية استهدفت جميع مناطق الغوطة الشرقية، وشنت حملة مداهمة واعتقالات واسعة.
وفي شهر آب من ذات العام، شن منشقون وعناصر مسلحون من أهالي المدينة هجومًا واسعًا على الحواجز المنتشرة في المدينة وأخرجوها من المدينة، بعد مقتل طفلة وامرأتين بإطلاق نار من أحد الحواجز على سيارة كانوا يستقلونها.
وخرجت البلدة عن سيطرة حكومة النظام منذ ذلك التاريخ ولمدة ستة سنوات.
السيطرة على حمورية مفتاح مفاوضات المصالحة
بدأت حكومة النظام والقوات الروسية الداعمة لها عملية عسكرية على الغوطة الشرقية، من منطقة المرج شرقي الغوطة وسيطرت على مناطق شاسعة منها خلال مدة وجيزة، واتجهت إلى مثلث الأراضي الزراعية الواقع بين بلدات بيت سوا وحمورية ومسرابا.
انقلبت العمليات العسكرية من حرب وجهًا لوجه بين كيانين منظمين إلى حرب عصابات داخل مزارع حوش الأشعري والمحمدية وبيت سوا، بعد انكسار خط المواجهة الذي كانت تقف المعارضة السورية خلفه.
حاولت قوات الأسد التغلغل داخل أراضي حمورية الزراعية، في الثلث الأول من شهر آذار، ولكن المحاولات لم تثمر كلها، فانتقلت إلى سلاح المفاوضات مع الأهالي، الذين رضخوا للمطالب بعد القصف العنيف الذي تعرضت له البلدة.
انتهت بسلسة من الشروط طرحها النظام على الأهالي، من بينها تسوية أوضاع الراغبين بالبقاء وعدم خروج المدنيين منها، وإلقاء السلاح للمكلفين بخدمة الجيش مع ضمان عدم الملاحقة “القانونية”، على أن يكمل المتخلفون خدمتهم العسكرية في “الفيلق الخامس”.
ويخرج الأهالي والشباب غير الراغبين بتسوية أوضاعهم إلى مناطق لم تحددها المفاوضات وكان المرجح حينها الشمال السوري.
ولكن تلك المفاوضات فشلت، بسبب رفض فصيل “فيلق الرحمن” لأي اتفاق مع روسيا وقوات الأسد.
وبعد فشل المفاوضات صعدت قوات الأسد وروسيا قصفها على البلدة وسط الغوطة الشرقية، واستهدفتها بالغازات السامة، في 6 من آذار، وفي 14 من آذار، حينما جددت حملتها البرية على البلدة.
وفي اليوم التالي أعلنت قوات الأسد، بتنسيق ودعم روسي، فتح معبر لخروج المدنيين في الجهة الشرقية لحمورية، الأمر الذي أدى إلى نزوح آلاف المدنيين عن المنطقة وتقدم قوات الأسد بالتزامن مع عمليات النزوح وانسحاب مقاتلي المعارضة منها.
خروج الأهالي من المعبر الذي فتحته روسيا وقوات الأسد، فتح الباب لإكمال العملية العسكرية، بعد أن شطرت الغوطة لثلاثة أقسام، وفتحت الباب لمفاوضات بين الفصائل التي تسيطر على المنطقة وروسيا.