عنب بلدي – أحمد جمال
أحكمت العقوبات الأمريكية والأوروبية إغلاق المنافذ البحرية في وجه الناقلات الإيرانية المتجهة إلى سوريا، في إطار التحرك الغربي لتطبيق العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري.
مع توقيف ناقلة النفط الإيرانية العملاقة “غريس 1″، من قبل سلطات جبل طارق التابعة لبريطانيا، في 4 من تموز الحالي، خسرت إيران طريقها البحري الثاني إلى سوريا، بعد خسارة العبور من قناة السويس.
أوامر توقيف الناقلة الإيرانية جاءت بناء على طلب من واشنطن، إذ قال وزير الخارجية الإسباني، جوزيب بوريل، إن “إسبانيا تبحث أمر التحفظ على الناقلة واحتمالات تأثير ذلك على سيادتها إذ إن الأمر حدث على ما يبدو في مياه إقليمية إسبانية”، بحسب وكالة “رويترز”.
وقال رئيس وزراء جبل طارق، وهي حكومة تابعة لبريطانيا، فابيان بيكاردو، “لدينا أسباب تدعو إلى الاعتقاد أن (غريس 1) كانت تنقل شحنتها من النفط الخام إلى مصفاة بانياس (..) التي يملكها كيان يخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا”، بحسب وكالة “فرانس برس”.
منفذان إلى الساحل السوري.. مغلقان
لإيران منفذان بحريان للوصول إلى السواحل السورية، الأول يقطع بحري العرب والأحمر في الخليج العربي ويمر من قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط، وصولًا إلى الموانئ السورية.
أما المنفذ البحري الآخر فيمر من المياه الإفريقية ويلتف حول القارة السوداء حتى الوصول إلى مياه المتوسط بدخول مضيق جبل طارق، وهو طريق تقدر مسافته بأربعة أضعاف الأول، إذ إن المسافة عبر قناة السويس تقدر بخمسة آلاف كيلو متر بشكل تقريبي، بينما طريق الالتفاف حول إفريقيا والعبور من جبل طارق تقدر مسافته بأكثر من 20 ألف كيلو متر.
وبعد خسارتها معبر السويس مؤخرًا، لجأت إيران إلى عبور الطريق الثاني، لتواجه نفس المصير بإيقاف الناقلة العملاقة “غريس 1” في مضيق جبل طارق.
ورجّح مصدر استخباراتي، لوكالة “رويترز“، سبب دوران الناقلة الإيرانية حول إفريقيا لعدم رغبتها بتفريغ حمولتها عند المرور بقناة السويس، ما كان سيؤدي لاحتجازها من قبل السلطات المصرية.
وذكر موقع” Lloyd’s List” المختص بالشؤون البحرية أن الناقلة تحمل نفطًا إيرانيًا، مستدلًا بإيقافها لإشارة التعريف الجغرافي الخاصة بها قبالة السواحل الإيرانية.
وقدرت شركة “Refinitv” المختصة بالبيانات أن الناقلة تحمل ما يزيد على مليوني برميل نفط، واتخذت مسارًا دام 90 يومًا حول القارة الإفريقية قبل الوصول إلى المتوسط.
تباين في المواقف.. العواقب قد تكون وخيمة
لاقت حادثة احتجاز الناقلة النفطية الإيرانية “غريس 1″ مواقف دولية متباينة، بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية بترحيب على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي كتب عبر حسابه في “تويتر”، إن “الولايات المتحدة ستواصل مع حلفائها منع الحكومتين السورية والإيرانية من التربح من هذه التجارة غير المشروعة”، واصفًا الخبر بـ “السار”.
وأعقب ذلك تعليق وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، عبر “تويتر”، بالثناء على سلطات جبل طارق بعملية الاحتجاز التي وصفها بـ “الشجاعة”، معتبرًا أن إيقاف الناقلة “يحرم نظام الأسد القاتل من موارد قيمة”.
لكن إيران وحليفتها روسيا استنكرا احتجاز الناقلة، التي يبلغ طولها 330 مترًا، واستدعت طهران السفير البريطاني للتنديد بـ ”الاعتراض غير القانوني” للناقلة.
وغرد أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، على “تويتر”، “إذا لم تفرج بريطانيا عن الناقلة الإيرانية، فمن واجب السلطات الإيرانية أن تحتجز ناقلة بريطانية”.
بدورها اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن عواقب احتجاز الناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق “قد تكون وخيمة”، قائلة “نعتبر احتجاز السفينة وحمولتها إجراءً يستهدف زيادة تعقيد الوضع حول إيران وسوريا. وتؤكد التعليقات السريعة لمسؤولين رفيعي المستوى في بريطانيا والولايات المتحدة عقب هذه العملية مباشرة هذه التقديرات وتشير إلى أن هذا الإجراء قد تم إعداده لفترة طويلة”.
وأضاف بيان للخارجية الروسية، “هذه الخطوة تتعارض مع عزم الدول الرائدة في الاتحاد الأوروبي الحفاظ على الاتفاق مع إيران في المجال النووي… العواقب قد تكون وخيمة، والمسؤولية كاملة تقع على من يحاول الضغط بأقصى طاقته على طهران ودمشق في مخالفة لقراري مجلس الأمن الدولي 2231 و2254”.
وما زالت الناقلة “غريس 1″، محتجزة بعد أن مددت المحكمة العليا في جبل طارق مدة الاحتجاز لـ 14 يومًا إضافيًا، مع تزايد التوتر بين واشنطن وطهران الذي قد يصل إلى أروقة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال يحاول الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب واشنطن منه.