اضطرابات حاسة الشم

  • 2019/07/14
  • 11:24 ص
اضطرابات حاسة الشم

د. أكرم خولاني

تعد الحواس الخمس من النعم المهمة التي أنعم الله بها على الإنسان وبفقدها أو فقد إحداها يفقد الإنسان العديد من معاني الحياة، وحاسة الشم هي إحدى هذه الحواس، واضطرابها من الأمور المزعجة التي تؤرق المريض، وقد يكون ذلك الاضطراب عرضًا مرضيًا لمشاكل صحية أخرى.

كيف تحدث عملية الشم؟

الإحساس بالروائح هو جزء من النظام الحسي الكيميائي، إذ تفرز المواد التي لها رائحة جزيئات مجهرية تنتشر في الهواء وتصل إلى الغشاء المخاطي المبطن للجزء العلوي من تجويف الأنف والغني بالخلايا العصبية الشمية التي تمتلك مستقبلات رائحة، وحين تصل الجزيئات المجهرية إلى الخلايا الشمية تحفز المستقبلات فترسل هذه الخلايا رسائل إلى الدماغ الذي بدوره يحدد الرائحة.

وتصل الروائح إلى الخلايا العصبية الشمية من خلال مسارين:

المسار الأول هو الأنف.

المسار الثاني هو من خلال قناة تربط سقف الحلق بالأنف.

يكون دور المسار الأول شم الروائح المنتشرة في الجو حولنا، أما دور المسار الثاني فهو الشعور بنكهات الطعام، إذ إن حاستي الشم والتذوق تعملان معا بشكل وثيق، فعند مضغ الطعام يتم إفراز الرائحة التي تصل إلى الخلايا العصبية الحسية الخاصة بالشم من خلال المسار الثاني، وبذلك يتم الشعور بنكهة الطعام، فإذا تم حظر القناة، مثل الأوقات التي نصاب بها بالبرد مثلا، تفقد الكثير من القدرة على التمتع بنكهة الطعام، حتى إن البعض يذهب إلى الطبيب معتقدا أنه فقد حاسة التذوق بينما يكون قد فقد إحساسه بالرائحة بدلًا من ذلك.

ما الاضطرابات التي تصيب حاسة الشم؟

يقصد باضطرابات حاسة الشم فقدان الأشخاص القدرة على شم الروائح، أو خلل بالطريقة التي يستقبلون بها الروائح، ويمكن أن تكون هذه الاضطرابات مؤقتة أو دائمة، وتتمثل في:

  • ضعف القدرة على الشم Hyposmia: ويقصد بها انخفاض القدرة على اكتشاف الروائح.
  • فقدان حاسة الشم Anosmia: وهو عدم القدرة الكاملة على اكتشاف الروائح، إلا في حالات نادرة، وقد يولد الشخص دون القدرة على الشعور بالروائح (فقد الشم الخلقي).
  • فرط الشم Hypersmia: وهو المبالغة بالإحساس بالروائح، وقد يكون انتقائيًا لبعض الروائح.
  • خطل الشم Troposmia: وهو تغير في الإدراك الطبيعي للروائح، مثل أن تكون روائح عادية لطيفة تشعر بأنها رائحة كريهة أو عفنة.
  • هلوسة شمية (شم استيهامي):  وهو إحساس بروائح غير موجودة فعليًا، ولا يستطيع المريض عادة أن يقارن هذه الرائحة مع أي رائحة يعرفها.

ما أسباب اضطرابات الشم؟

ضعف أو فقدان الشم:

يحدث بسبب نقلي أو استقبالي.

السبب النقلي نتيجة اضطراب في نقل الروائح إلى البشرة الحسية الشمية، ويحدث ذلك نتيجة عقابيل كسور هرم الأنف، وعقابيل الأعمال الجراحية على الأنف، والانحرافات العالية للحاجز الأنفي، والأجسام الأجنبية المهملة أوالأورام على مستوى الحفرة الأنفية وجيوب البلعوم الأنفي، والتهاب الأنف الحاد، والتهاب الجيوب الخلفية أو الفكية، والتهاب الأنف المزمن خاصة التهاب الأنف الضموري، وانسداد الأنف الخلفي الخلقي، وبعد استئصال الحنجرة التام وتضميم الرغامى الذي يؤدي إلى انقطاع مرور الهواء عبر الحفرتين الأنفيتين.

أما السبب الاستقبالي ففيه يكون نقل الروائح إلى البشرة الشمية طبيعيًا، إنما الاضطراب موجود على مستوى البنيات العصبية (المستقبلات الشمية، العصب الشمي، الدماغ)، وقد ينجم عن عامل السن (نقص الشم الشيخي)، والتدخين، والالتهابات بالحميات الراشحة خاصة النزلة الوافدة والزكام، وكثرة استخدام قطرات الأنف المقبضة للشعيرات الدموية، والأدوية كبعض المضادات الحيوية و مضادات الهيستامين، والانسمامات المعدنية بالألمنيوم أو الكروم أو الزئبق، والانسمامات الغازية بمشتقات الدهان أوالقطران أو البترول، والإدمان على الكوكايين بطريق الأنف، والتهاب الأنف الأليرجيائي أو الوعائي الحركي أو الضموري، وعقابيل الجراحة الأنفية، وبعض الأمراض الاستقلابية كالسكري والعوز الفيتاميني، والتدرن، والإفرنجي، ورضوض القحف، وفي الآفات العظمية غير المرضية كما في داء باجيت، والورم السحائي، والتصلب اللويحي، والتهابات الأعصاب العديدة السمية أو الاستقلابية.

فرط الشم:

يشاهد هذا الاضطراب بشكل فيزيولوجي خلال الحمل أو في سياق بعض الآفات العصبية المركزية أو الغدية (كما في فرط نشاط الدرق).

خطل الشم:

تشاهد في آفات البشرة الحسية الشمية في دور المعاوضة بعد فقد شم في طريق الشفاء، ويكون الشعور بها شخصيًا مما يفرقها عن الرائحة الكريهة الموضوعية الناجمة عن وجود بؤرة إنتانية أنفية جيبية أو سنية أو في اللوزات والتي يشعر بها المريض ومن حوله.

الهلوسة الشمية:

تظهر بشكل هجمات اشتدادية، وهي تدل على إصابة عصبية مركزية يندر أن تكون معزولة، ويغلب أن تكون المقدمة لنوب أكثر تعقيدًا تضم اضطرابات في الوعي والذاكرة والشعور.

كيف يتم تشخيص وعلاج اضطرابات الشم؟

يتم التشخيص عن طريق الفحص البدني للأذن والأنف والحنجرة واستعراض التاريخ الصحي الخاص بالمريض، مثل التدخين أو التعرض للمواد الكيميائية السامة أو التعرض للإصابات المرضية أو العمليات الجراحية أو الرضوض، وإجراء بعض الدراسات كالتصوير الطبقي المحوري الذي يكشف وجود مشاكل ميكانيكية في منطقة الأنف أو التهاب الجيوب أو إصابات في الدماغ.

بعد تحديد السبب الكامن وراء اضطراب الشم يتم التعامل معه كالابتعاد عنه (تدخين، بترول، كيماويات..) أو علاجه (دوائيًا أو جراحيًا).

بعض الناس تستعيد قدرتها على شم الروائح عند التعافي من المرض المتسبب في فقدان الرائحة من الأساس، ولكن إذا تبين أن السبب عصبي، بعد استبعاد المسببات الأخرى، فغالبًا ما تكون عودة حاسة الشم غير واردة للأسف.

مقالات متعلقة

  1. دراسة: حاسة الشم قد تتأثر لأشهر بعد الشفاء من "كورونا"
  2. لماذا تتأذى حاستا الشم والتذوق لدى مصابي "كورونا"
  3. هل يخلّف "كوفيد- 19" إصابات عصبية
  4. "شم الشعلة".. إدمان يفتح النار على ظاهرة التشرد بدمشق

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية