عنب بلدي – وكالات
لم تمضِ أيام على تهديد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بالبحث عن بدائل أخرى عن اللجنة الدستورية السورية، حتى بدأت التصريحات الروسية والتركية التي تؤكد التوصل إلى حلول لإنهاء الخلاف وقرب تشكيل اللجنة تصدر من الدول الضامنة لمسار محادثات أستانة.
إنشاء اللجنة الدستورية لوضع دستور جديد يمهد لانتخابات رئاسية برلمانية، طرح لأول مرة في مؤتمر “سوتشي” بروسيا، في 20 من كانون الأول 2018، لكن تعنّت النظام السوري ومن ورائه روسيا وعدم تقديم تنازل بشأن أسماء اللجنة، حال دون تشكيلها بعد عام ونصف من طرحها.
روسيا وتركيا تستجيبان للضغط الأمريكي
خلال جلسة مجلس الأمن في 27 من حزيران، طالب السفير الأمريكي، جوناثان كوهين، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، بأن يفكر بمبادرة أخرى غير اللجنة الدستورية وتجربة طريقة أخرى لتحقيق الحل السياسي، بسبب عدم التقدم في تشكيلها ومماطلة النظام السوري، كما اقترح بيدرسون تشكيل “مجموعة دولية مختلفة ومؤثرة” إلى جانب اجتماع اللجنة الدستورية، من أجل “دفع عملية السلام في سوريا”.
شكّل ذلك عامل ضغط أمريكي على تركيا وروسيا، اللتين تحاولان “رعاية” الحل السياسي في سوريا، الأمر الذي دفع بمسؤولي البلدين إلى عقد لقاءات واتصالات وتصريحات تتوقع قرب تشكيل اللجنة.
وخلال مقابلة مع “TRT Haber”، الخميس 4 من تموز، أعلن وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، أن الخلاف حول مشكلة الأسماء الستة قد تم حله، مطلقًا وعدًا جديدًا بإنشاء اللجنة الدستورية قريبًا، دون توضيح آلية حل المشكلة، وإذا كانت الأسماء الستة قد حذفت أو استبدلت.
وتزامن التصريح التركي مع تحرك نظيره الروسي، سيرغي لافروف، الذي استقبل، مبعوث الأمم المتحدة في موسكو، الجمعة 5 من تموز، واعتبر أنه بفضل جهود مباحثات “أستانة” وحوار “سوتشي” استطاعت بلاده تحريك المسار السياسي السوري.
كما اعتبر لافروف أن الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية يمثل خطوة حاسمة على طريق إطلاق العملية السياسية في سوريا، معربًا عن أمله بقرب انطلاق عمل اللجنة، مثمنًا جهود بيدرسون في التواصل مع النظام السوري لفتح قنوات الاتصال، مشيرًا إلى عقد لقاء تحضيري قريب في إطار عملية “أستانة” تمهيدًا لقمة روسية- تركية- إيرانية جديدة حول سوريا.
بيدرسون يتحرك
ويستعد المبعوث الأممي بيدرسون، الذي زار روسيا الخميس والجمعة الماضيين، إلى عقد محادثات مع “هيئة التفاوض العليا” في المعارضة ومسؤولي النظام السوري في دمشق لمناقشة تشكيل اللجنة الدستورية، بحسب ما قاله في مقابلة مع وكالة “تاس”، الجمعة 5 من تموز.
وأكد بيدرسون أنه سيناقش التفاصيل المتبقية مع المعارضة والنظام لوضع اللمسات الأخيرة، وقد تكون زيارته إلى دمشق، الأسبوع الحالي، حاسمة في طريق تشكيل اللجنة أو البحث عن بدائل أخرى، إذ أعرب عن أمله بأن يتمكن من إنشاء اللجنة، كونه الخيار الأفضل، وإلا فإنه سيفكر بطرق أخرى.
وعلى الرغم من الحديث عن أهمية اللجنة إلا أن بيدرسون أكد أن اللجنة ليست هدفًا بحد ذاتها، ولن تكون الخطوة الأولى أو الأخيرة بعد سنوات من الصراع وانخفاض مستوى الثقة بين الطرفين، مؤكدًا أنه يجب اتخاذ خطوات ملموسة ومتبادلة تبدأ باستقرار الوضع في إدلب وإجراءات مهمة بشأن قضية المحتجزين والرهائن والمفقودين.
وكان المتحدث الرسمي باسم “هيئة التفاوض” السورية، يحيى العريضي، اعتبر في حديث سابق لعنب بلدي أن “الهيئة لا ترى اللجنة إلا مدخلًا لتحقيق انتقال سياسي بدستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية تفضي بالبلد إلى حل حقيقي”، معتبرًا أنه “بغير ذلك لا يمكن أن يكون هناك حل، وستبقى حالة الاستنزاف التي تسحب روسيا إلى مغطس أكبر، لتعيد نظامًا غير قابل للحياة”.