نازحون فضلوا العودة إلى مناطق القصف هربًا من الاستغلال
كفرنبل – شادية التعتاع
أُجبر إبراهيم الرسلان على النزوح من مدينته كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، لكن غلاء الأسعار وصعوبة استئجار منزل في المناطق الأكثر أمنًا دفعته للعودة مجددًا إلى كفرنبل، متحملًا عبء القصف والمخاطر على حياته.
تشهد مناطق الشمال السوري ارتفاعًا ملحوظًا في إيجارات المنازل، وخاصة المناطق الحدودية التي تعتبر أكثر أمنًا من المناطق القريبة من خطوط الجبهات جنوبي المحافظة، ليتراوح إيجار المنزل بين 100 و250 دولارًا شهريًا.
وعبر إبراهيم الرسلان عن غضبه من الاستغلال الذي يعاني منه النازحون بقوله، “في بداية نزوحنا استأجرنا منزلًا بـ 50 دولارًا أمريكيًا، وبعد فترة قصيرة طالبنا صاحب المنزل بمبلغ مضاعف بسبب توافد النازحين الكبير إلى المنطقة”.
وأضاف إبراهيم، “إيجار المنزل من جهة، وغلاء أسعار الكهرباء والمياه من جهة أخرى، إذ وصل صهريج المياه إلى ثمانية آلاف ليرة سورية، لم نستطع الصمود أكثر من شهر ونصف فقررنا العودة إلى مدينتنا التي ما زالت تحت القصف حتى هذه اللحظة”.
لم يكن إبراهيم النازح الوحيد الذي قرر العودة إلى المدينة هربًا من الاستغلال، بل حاله كحال العشرات من سكان المدينة، من بينهم وردة الخطيب، التي قررت أيضًا العودة إلى بيتها بعدما عانت مع عائلتها وطفلها الصغير مرارة النزوح في منطقة حارم.
“بالإضافة إلى ترك منازلنا وغلاء الأسعار، واجهتنا مشكلة الحشرات والبعوض، عندما شعرت بأن أطفالي أصبحوا عرضة للأمراض بسبب البعوض وتلوث المياه هناك قررنا العودة”.
ووثق المجلس المحلي في كفرنبل نزوح أكثر من 6500 عائلة، بينما بقيت أكثر من 500 عائلة أخرى في المدينة دون أن تستطيع الخروج بسبب ظروفها المادية الصعبة، وقال مسؤولون فيه لعنب بلدي إن هذه العائلات بحاجة ماسة للمساعدة.
المعاناة في داخل الحدود
هذه الحالة تضع النازحين من ريف حماة وجنوبي إدلب في دوامة، فبعد أن فر الشاب عصام الريا مع عائلته من الموت في جبل شحشبو، وصل إلى بلدة إسقاط قرب مدينة سلقين بريف إدلب الشمالي.
“تشردنا في هذه البلدة أنا وعائلتي في رمضان، واضطررت للبقاء في هذه الخيمة، لأنني لا أملك القدرة على استئجار منزل”، قال عصام الريا، الذي أكد وجود أشخاص يستغلون الظروف السيئة للنازحين، معتبرًا أنهم يعاملون النازحين كسياح.
لا ينفي عصام وجود من وصفهم بـ “أهل الخير” الذين منحوا منازلهم للنازحين مجانًا في إدلب وريف حلب، لكن بالمقابل هناك بعض ضعاف النفوس الذين يطلبون أسعارًا عالية لإيجار منازلهم بالدولار.
مساعٍ خجولة من قبل المجالس المحلية
عملت بعض المجالس المحلية في ريف إدلب الجنوبي كمجلس مدينة كفرنبل على التنسيق مع المجالس المحلية في المدن التي تم النزوح إليها لتسيير أمور النازحين قدر المستطاع.
رئيس المجلس المحلي في مدينة كفرنبل، هيثم الخطيب، قال لعنب بلدي إن المجلس المحلي قام بتكليف مندوبين لزيارة المناطق التي تم النزوح إليها من أهالي مدينة كفرنبل ومناطق ريف إدلب الجنوبي ككل، وأكد أن هناك بعض المجالس استجابت فورًا لمساعي المجلس وقامت بتوزيع سلل إغاثية على النازحين في مناطقها.
وأشار الخطيب إلى تقصير بعض مجالس المدن التي تحفظ على تسميتها واصفًا استجابتها بالسيئة.
وأضاف الخطيب، “قمنا بتأمين عقار في مدينة كللي لنازحين من مدينة كفرنبل بعد التواصل بمديرية أملاك الدولة في محافظة إدلب، وحصلنا على الأرض بشكل مجاني، ولكن لم نرَ أي استجابة من المنظمات المعنية لتأمين الخيم والأمور اللوجستية للمخيم حتى اللحظة”.
ومنذ 2 من شباط الماضي حتى 1 من تموز الحالي، وثق فريق “منسقو استجابة سوريا” نزوح أكثر من 93274 عائلة (606272 نسمة) موزعين على المناطق الممتدة من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وصولًا إلى مناطق شمال غربي سوريا.
ووصل عدد المدنيين الضحايا في نفس الفترة إلى 859 ضحية من المدنيين موزعين على محافظة إدلب 678 ضحية، و135 في محافظة حماة، و44 ضحية في محافظة حلب، وضحيتين في محافظة اللاذقية ، بحسب إحصائية “منسقو الاستجابة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :